"الخدمة العسكرية"..الإحصاء يشارف على الانتهاء وآفاق "واعدة" تنتظر المرشحين    تفاقم "جحيم" المرور في شوارع طنجة يدفع السلطات للتخطيط لفتح مسالك طرقية جديدة    جماهري يكتب.. 7 مخاوف أمنية تقرب فرنسا من المغرب    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و262    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    أحزاب الأغلبية تحسم الانتخابات الجزئية بفاس وبنسليمان لصالحها و"البيجيدي" يشكو تدخل المال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    طنجة.. توقيف متهم بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية بحوزته 2077 شريحة هاتفية    حيوان غريب يتجول في مدينة مغربية يثير الجدل    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    المغرب وإسبانيا .. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مفوض حقوق الإنسان يشعر "بالذعر" من تقارير المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    اتجاه إلى تأجيل كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025 إلى غاية يناير 2026    انتقادات تلاحق المدرب تين هاغ بسبب أمرابط    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    بنسعيد يبحث حماية التراث الثقافي وفن العيش المغربي بجنيف    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    المنتخب الوطني الأولمبي يخوض تجمعا إعداديا مغلقا استعدادا لأولمبياد باريس 2024    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    إساءات عنصرية ضد نجم المنتخب المغربي    وزير إسباني : المغرب-إسبانيا.. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    أساتذة جامعة ابن زهر يرفضون إجراءات وزارة التعليم العالي في حق طلبة الطب    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    هل تحول الاتحاد المغاربي إلى اتحاد جزائري؟    "إل إسبانيول": أجهزة الأمن البلجيكية غادي تعين ضابط اتصال استخباراتي ف المغرب وها علاش    شركة Foundever تفتتح منشأة جديدة في الرباط    نوفلار تطلق رسميا خطها الجديد الدار البيضاء – تونس    للمرة الثانية فيومين.. الخارجية الروسية استقبلات سفير الدزاير وهدرو على نزاع الصحرا    إقليم فجيج/تنمية بشرية.. برمجة 49 مشروعا بأزيد من 32 مليون درهم برسم 2024    تفكيك عصابة فمراكش متخصصة فكريساج الموطورات    بنموسى…جميع الأقسام الدراسية سيتم تجهيزها مستقبلا بركن للمطالعة    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطبيق عملي وازن
نشر في رسالة الأمة يوم 03 - 01 - 2018

بقدر ما تتقدم التجربة المغربية، بنموذجها الاقتصادي المنفتح وبخيارها الديمقراطي المتميز، بقدر ما تتركز عليها أعين الرصد والتتبع والمتابعة، التي كثيرا ما يليها طرح مجموعة من الأسئلة والتساؤلات التي قد لا تكون دائما "بريئة" أو نزيهة في موضوعها وغاياتها.
وبعيدا عن أي نية في محاكمة النوايا، يمكن، بادئ ذي بدء، القول بأن ما تحظى به التجربة المغربية من متابعات وقراءات، من طرف الأوساط السياسية والإعلامية الوطنية والدولية، هي في حد ذاتها إشهاد على أهميتها وثقلها وقيمتها بالنسبة للتجارب الحديثة، والمقاربات الممكنة، في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
على أن كل ما يمكن أن تحظى به هذه التجربة، أو هذا النموذج، من تقييم إيجابي، لا يعني بطبيعة الحال إحاطتها بأي نوع من الهالة التي تمنع القراءة النقدية والمراقبة الدقيقة لمسارها وما يمكن أن يصطدم به من صعاب ومشاكل موضوعية أو تدبيرية، سيما وأن المغرب أعطى الكثير من الأدلة على أنه دولة تعيش عصرها، وتتعايش بقناعة مع معطياتها ومع قيم الشفافية والحوار وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ولعل أقرب دليل أو مثل على ذلك هو ما أجمعت عليه جل وسائل الإعلام، في استعراضها أو تقييمها لأحداث السنة، التي ودعناها مع بداية هذا الأسبوع، مفاده أن أبرز ما طبع حصيلة سنة 2017، هو التطبيق الفعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة والحرص على إنجاز الأوراش التنموية في موعدها، وكل ذلك مع فتح الأبواب أمام المؤسسات والجهات الوطنية والدولية التي يهمها الاطلاع على النموذج الاقتصادي والتنموي للمغرب.
ومع الحق المشروع في طرح كل الأسئلة والتساؤلات، وخارج الأحكام المسبقة والدوافع السياسوية وخلفياتها المغرضة، ووفقا لمنطق مقارنة الأقوال بالأرقام والمعطيات الملموسة، نورد هنا بعض المؤشرات الرقمية، والتي تقول:
إن المندوبية السامية للتخطيط أعلنت، نهاية الأسبوع الماضي، أن نسبة النمو خلال الفصل الثالث، من سنة 2017، بلغت 3،8 بالمائة، عوض 3،1 بالمائة خلال الفترة نفسها من سنة 2016.
إن مكتب الصرف أعلن أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب فاقت 22 مليار درهم خلال الأشهر ال 11 الأولى من سنة 2017، أي بارتفاع نسبته 6،14 بالمائة.
إنه خلال الشهر الأخير من السنة المنتهية، وتحت رئاسة جلالة الملك، تم إطلاق 26 اتفاقية استثمار جديدة في قطاع صناعة السيارات، وهي الاتفاقيات التي ستجعل من المغرب منصة كبرى للتصدير في هذا المجال.
إقرار 400 تدبير ضمن الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، تخص الحكامة الأمنية والترابية، والحقوق الفئوية وأوضاع الفئات الهشة.
وبرغم ما لهذه المؤشرات من دلالات واضحة، فإنه يبقى من الطبيعي في الواقع المغربي، كما في غيره من البلدان، أن تبرز مظاهر التعبير عن القلق والاستياء الاجتماعي، وأن تحدث تحركات احتجاجية أو مطلبية بغاية تحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية، والحفاظ على التوازن الضروري على المستويين الاجتماعي والمجالي، ولذلك وجدت قنوات التحاور، كما الشأن بالنسبة لآلية الحوار الاجتماعي، وغيره من آليات الوساطة والتأطير.
على أن دور هذه الآليات نفسها كثيرا ما يتحدد في تجنب الاصطدام بين الفرقاء أو الأطراف، وفتح المجال لكل المعالجات الممكنة، أو تهيئ الظروف لذلك من خلال مقاربات جدية وموضوعية، وفي ظل الاستقرار والحوار الجدي والمسؤول.
أما المعالجة الجوهرية للاختلالات والتفاوتات الاجتماعية والفئوية، فإن الوصول إليها يتم عبر سياسات إستراتيجية متكاملة ومنسجمة بين ما هو اقتصادي وما هو تنموي اجتماعي، وعلى هذا المستوى فالمغرب له كل حظوظ التقدم والنجاح في معالجة قضاياه وإشكالاته الاجتماعية، لاسيما وأنه مسنود في ذلك بتطور المسلسل الديمقراطي الذي كرسه دستور 2011، وبالخطب الملكية التي كانت بالغة الوضوح في التأكيد على العمل من أجل ردم هوة التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وتحقيق الإنصاف والتجاوب مع مطالب وحاجيات المواطنين في كل أقاليم وجهات البلاد.
ولعل آخر تنبيه من جلالة الملك، بهذا الخصوص، كان من خلال رسالة جلالته السامية إلى المشاركين في أشغال المنتدى الوزاري الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، وهي الرسالة التي نبهت إلى أن "التحولات على مستوى الحياة الحضرية، سيساهم في ظهور فوارق اجتماعية ومجالية داخل المدن عامة، وفي الحواضر الكبرى خاصة، مما يساعد على بروز فضاءات هامشية تشكو من ندرة المرافق الضرورية، وضعف البنيات التحتية، وعدم تأمين الخدمات الحضرية الأساسية، مما يهدد التماسك الاجتماعي والاندماج الحضري".
ومن هنا، فإن تحصين المجتمع ومساره التنموي من تداعيات الاختلالات الملغومة، يكمن في الأخذ بقواعد التنمية المتوازنة والمستدامة، حتى يتكامل النشاط الاقتصادي مع غيره من الأنشطة الاجتماعية، وبما يجعل المؤشرات والنتائج الاقتصادية الإيجابية ذات تأثير ملموس على الأوضاع الاجتماعية وظروف ومستوى عيش الساكنة.
واليوم، وأكثر من أي وقت مضي، يتوفر المغرب على كل العناصر والدعائم الملائمة لبلورة وإنجاح سياسة تنموية متوازنة في تفاعل يقظ مع بقية دوائر النسيج الاقتصادي الوطني، بل إن الاختيارات الكبرى للبلاد ومشروعها المجتمعي تجعل التنمية المتوازنة وفلسفتها الاجتماعية في قلب رهاناتها، وكأمثلة ملموسة يمكن أن نسوق هنا:
* ورش الجهوية المتقدمة، الذي قيل عنه الكثير، والذي هو جدير فعلا بكل ما دار حوله من نقاشات وحوارات، لأنه ورش أساسي لتعبئة الإمكانيات وتفجير الطاقات الحية والمتوفرة عبر كل التراب الوطني، ورش أيضا للعمل بقيم التضامن بين الجماعات الترابية، والعمل بسياسة القرب والنهوض بالأوضاع المحلية والاجتماعية.
* النموذج التنموي الجديد الذي دعا جلالة الملك إلى صياغته، بمنهجية تشاركية، وبما يجعله قادرا على الاستجابة لانتظارات المواطنين، والتقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية.
الاسبقيات المدرجة ضمن قانون المالية للسنة الجديدة، والتي تهم التركيز على دعم القطاعات الاجتماعية (التعليم والصحة والتشغيل وتقليص الفوارق المجالية)، مع إعطاء اهتمام خاص للعالم القروي.
ومع توفر هذه العناصر المشجعة، والمستمدة من التوجهات والخيارات الكبرى، يبقى العمل والتطبيق هو أكبر اختبار للقدرة على ربح رهان التنمية المتوازنة والمستدامة، ولأنه رهان حاسم، في الإجابة عن كل الأسئلة والتساؤلات، فلا مجال لأي تهاون أو أي تراجع.
نعم، كل المؤسسات، وكل من موقعه.. الجميع في معركة الالتزام بموعد بلورة الأهداف وإنجاز المشاريع، معركة ربح رهان التنمية المتوازنة والمنصفة فهي الكفيلة بإنهاء كل الاختلالات، وهي عماد الاستقرار والتحفيز على رفع تحديات جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.