بقلم : الدكتور عبد الله بوصوف / أمين عام مجلس الجالية يبدو أن وثيرة المغرب في ثورته الهادئة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ومن ضمنها التغطية الصحية لجميع المواطنين ، ومن أجل ضمان الإقلاع الاقتصادي كالاصلاح الضريبي و إعادة هيكلة المقاولات العمومية و التنمية المجالية ، ومن أجل تخليق الحياة السياسية و ترسيخ الديمقراطية و التعددية الحزبية من خلال الترتيب للاستحقاقات القادمة ، و من أجل تعزيز الحريات و تقوية ترسانته القانونية في مجالات محاربة الجريمة المنظمة و الإرهاب الدولي و الاتجار في البشر و الجريمة الاكترونية و حماية المعطيات الشخصية... يبدو انه تزعج البعض... و يبدو ان المكتسبات القوية في ملف الوحدة الوطنية و اعتراف دول عظمى بسيادة المغرب على صحرائه و افتتاح قنصليات بالمدن الصحراوية و فروع أحزاب سياسية و منظمات حقوق الانسان بالمدن الصحرواية... يبدو انها تزعج كذلك ... كما يبدو ان دور المغرب كفاعل إقليمي و قاري في ضمان السلم العالمي و جذبه للاستثمارات الخارجية بعد ترسيم الحدود البحرية الأطلسية و الاستثمارات القوية في مجال البينية التحتية في الأقاليم الصحراوية المغربية كالطرق العصرية و ميناء الداخلة الأطلسي...يبدو انه يزعج البعض أيضا.. لذلك فان ما تعيشه بلادنا هذه الأيام من تكالب البعض و تحامل البعض الآخر ، هو ضريبة الثورة الهادئة المغربية وهو ضريبة طموحه المشروع في حياة كريمة للمواطنين و في عدالة إجتماعية...نعم لدينا صعوبات و عراقيل..كما نرصد الهفوات و الانزلاقات ..لكننا نطمح لتجاوزها و لتحقيق انتصارات جديدة في ميادين البطالة و التعليم و التنمية المجالية و غيرها..وهو ما يزعج حقا الكثيرين.. نحن نعلم ان رقعة الصراع تتسع و أساليب الحروب تنوعت بين العالم الواقعي و الافتراضي و بين المباشر و بالوكالة... كما نعلم ان تدمير صورة أي بلد أصبحت هدفا استراتيجيا لكل الصراعات..حيث تؤثر طبيعة تلك الصورة إيجابا او سلبا على جذب الاستثمارات الأجنبية و أيضا السياح و أمام المؤسسات الدولية المالية و في مجال القروض.. هو ما يعني الحرب الاقتصادية و التجارية... فصورة المغرب بالخارج ، كبلد مستقر سياسيا و ضامن للسلم العالمي و ضد الإرهاب الدولي و جاد في اجندته الإصلاحية سواء على مستوى الحريات أو المنظومة القضائية أو فرص الاستثمار...جعل من النيل من صورته و تدميرها أجندة أعداء وحدتنا الترابية و أعداء طموحنا التنموي و سَخًرُوا في سبيل ذلك الأقلام و المنظمات الحقوقية الدولية و خاصة تلك المعروفة بتقاريرها التي تُنجز على مقاسات معينة و وفق موازين مختلفة ، تُحددها المبالغ المالية في شكل إعانات أو هبات... حتى أصبحت تلك المنظمات و الهيئات الحقوقية " حدائق خلفية " لدول بعينها من أجل تركيع دول أخرى ، أو من أجل " شيطنة " دول أمام مجموع الدول الأخرى ، وهو ما يعني ان تلك التقارير أصبحت فاقدة للمصداقية لان المنظمات فاقدة للاستقلالية... فالحملة التشهرية ضد المغرب و التي تقوم بها اطراف معروفة تحت ستار تقارير إعلامية و حقوقية تحت الطلب ، تدخل في حرب تدمير صورة المغرب بالخارج من خلال فرقعات إعلامية و الترويج لأخبار زائفة... " المنزعجون " من صورة المغرب الجديد و من تنويع شركائه وتوطيد صداقاته..يعلمون ان المغرب الجديد لا يمكنه تحقيق أي تقدم اقتصادي او اجتماعي دون سن قوانين و إجراءات تحمي المعطيات الشخصية لمواطنيه و للمستثمرين الأجانب.. لذلك فقد عمل المغرب على سد هذا الفراغ القانوني و أضاف إليه قوانين لمحاربة الجريمة الالكترونية و القرصنة.. و توقيع إتفاقيات تعاون و تبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني.... لن نسقط في فخ المنزعجون بمناقشة أخبار زائفة و باتهامات باطلة تنال من صورة المغرب بالخارج ، مادام ان المغرب اختار ساحة القضاء الاوروبي ليقول كلمته فيها.. لكننا نُسائِل نفس المنظمات الحقوقية و نفس المكونات الإعلامية التي تكلفت بصياغة " بيان الحرب " على صورة المغرب الجديد...لماذا جفت أقلامكم للدفاع عن حماية المعلومات الشخصية و سرية المراسلات...في أكبر عملية إختراق و تجسس على الهواتف الذكية و المعروفة ب Encrochat ..سنة 2020 ؟ ، لماذا خفت جرأتكم في صياغة تقارير عن العملية و خلقتم لانفسكم ألف عذر أمام شح المعلومات..؟ فهل لمصطلحات حقوق الانسان و الحريات تعاريف مزدوجة ..؟ اذ لا يمكن تجاهل عملية Encrochat ، فمن جهة أولى ، لأنها ثمرة مجهودات أمنية و تقنية عالية من طرف الأجهزة الفرنسية و الهولندية ، و التي قامت بالتصنت على حوالي مائة مليون رسالة و ذلك بإختراقها لهواتف ذكية مزودة بانظمة حماية عالية التقنية تصنع في اسبانيا و تباع عبر شبكة اشتراك في كل من أمستردام و نوتردام و دبي و لندن...و قد وصل عدد المشتركين في أوروبا وحدها حوالي خمسين ألف ( 50.000) مشترك حيث تسعون بالمائة ( 90 % ) منهم مجرمون... ومن جهة ثانية ، لانها سابقة في محاربة الجريمة و العصابات المنظمة حيث كانت حصيلة عملية Encrochat مهمة ، فبالاضافة الي القبض على الجناة ( 700 فقط في المانيا ) ، كما تم حجز أسلحة و 3 أطنان من المخدرات الصلبة المتنوعة ، و اكثر من عشرين مليون أورو نقدا، بالإضافة الى حجز سيارات فارهة... و قد حرصت الأجهزة الأمنية في أوروبا على سرية العمليات و عدم تسريب المعلومات من أجل إنجاح العلمية سواء في بلجيكا أو ألمانيا أو هولندا ( Iron chat ) أو فرنسا أو غيرها من الدول الأوروبية...هذا و دون أن يجرؤ أي أحد من دُعاة حقوق الانسان و كَتَبَة تقارير العفو الدولية ...على طرح سؤال إحترام الخصوصيات الشخصية او المعطيات الشخصية او سرية المراسلات...؟ كان التبرير الوحيد للاستيلاء على المعطيات المعلوماتية في عملية Encrochat ، هو ان هذه الشركة توفر فضاءا للعصابات الإجرامية... نسوق هذه الواقعة المشهورة في عالم الجريمة الإلكترونية و التجسس و اختراق شبكات الهواتف الذكية ...للوقوف فقط على ازدواجية المعايير و ازدواجية المواقف ، و لتعرية مصداقية و استقلالية منابر إعلامية و حقوقية تدعي الدفاع عن حرية التعبير و الصحافة الاستقصائية ومنها منظمة العفو الدولية و المجموعة الإعلامية " قصص ممنوعة "... ولأن المغرب لا وقت لديه للانخراط في لعبة الرد على تقارير مشبوهة ، فقد فضل بكل شجاعة ساحة القضاء الأوروبي لفضح مزاعم " المنزعجين " و وُكلائهم ...أمام معاقل مؤسسات حقوق الانسان و حرية التعبير بأوروبا.. فاللجوء الي القضاء يعني ان المغرب مقتنع من قوة موقفه و وقوفه على أرضية صلبة، كما يحمل في مضمونه تَحَدٍ كبير للعفو الدولية و للاقلام المأجور لتقديم أدلتهم و براهينهم على كل تلك الاتهامات امام العدالة الاروبية...لان المغرب غير مطالب بتقديم أدلة براءته من اتهامات باطلة هدفها الإساءة لصورة المغرب بالخارج ، في حين ان الأطراف الأخرى مطالبة بتقديم أدلة إدانته و يقول لهم " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.." ، مادامت هي المُبَادِرة بنشر الاخبار الزائفة و الاتهامات الباطلة ضد المغرب... فبإختيار المغرب لساحة القضاء الأوروبي يقلب السحر على الساحر و يقوم بقلب الموازين بجعل كل من منظمة العفو الدولية و مجموعة " قصص ممنوعة " في قفص الاتهام و ليس المغرب.. و في انتظار كلمة القضاء الأوروبي، فاننا سنستمر في متابعة الأوراش الكبرى للبلاد و في تحسين صورة المغرب بالخارج ، و ماضون في لعب الدور الإقليمي و القاري في خدمة السلم العالمي و محاربة الجريمة المنظمة وعصابات الإرهاب الدولي و الامن السبيراني ...فلا نامت أعين " المُنْزعِجين " الجبناء ...