يواصل الدكتور عبد الرزاق الوزكيتي رئيس المجلس العلمي المحلي لأسفي، نشر سلسلة مقالات كتبت في ظلال الحجر الصحي لكورونا ، حصريا بجريدة " أسفي اليوم" الورقية والإلكترونية ، ننشرها تباعا إن شاء الله. ………………………… سلسة مقالات كتبت في ظلال الحجر الصحي إعداد : الدكتور عبد الرزاق الوزكيتي ( رئيس المجلس العلمي المحلي لآسفي ) من أمراض العصر: من صور التعصب المقيت تحدثنا عما حل بأمتنا من المنازعات والاضطرابات ، وتساءل الناس عن الدوافع الحقيقية ، فبعضهم أرجع الظاهرة إلى الفقر المدقع وبعضهم إلى انعدام الوعي ورأى بعضهم أن الخطر جاء من الروبيضات ( التافهين ) . ومهما كانت الأسباب ولعلها تكون تلك كلها لا يمكن للأمة أن تقبل ما حصل من قتل النفوس البريئة بتعليلات وأدلة أساءوا فهمها وأساؤوا تأويلها وقد جهل هؤلاء أو تجاهلوا أن أهل القبلة لا يكفرون بذنب . لكن ما الذي يجب على عاتقك سواء كنت أبا أو أما أو مربيا أو موجها ؟ كيف تعمل على أن تجنب أبناءك وأمتك خطر الفتنة ؟ وكيف تصحح المفاهيم لتجنب أمتك هذه الكوارث القاتلة ؟ سأحاول تبسيط مجموعة من الأسباب المسهمة في ولادة مثل هذه الظواهر السلبية ، لأن هذا التبسيط يسهل تقديم الدواء الناجح . من ذلك إصلاح الفكر وتغيير العقلية إلامعية ، وهذا الإصلاح يكون بتصحيح سوء الفهم للدين وأقصد بذلك قلة الفقه والعلم عند من وقع في تلك الفتنة ، فدين الله واسع وفقهه مرن ومن يطلب فهم كتاب الله عليه الاطلاع على كثير من العلوم فمراد الله لا يعلمه كل من هب ودب ، فكم من مجتري على كتاب الله لا يفهم سبب النزول ولا الناسخ من المنسوخ ولا العام من الخاص ولا المطلق من المقيد بل يجهل المعلوم من الدين بالضرورة ومع ذلك يتجرأ على الطعن والنقد والتبديع والتفسيق … وهذا النقص المعرفي في شأن الدين من أكبر الأمراض التي أصابت بعض الجماعات والأفراد وهو مرض قديم حرك فرقا ضد الصحابة رضوان الله عليهم، وفي صحيح مسلم وصف دقيق لسلوكهم حيث روى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال " بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر … قال فغضبت قريش فقالوا : أتعطي صناديد قريش وتدعنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم " إني أنما فعلت ذلك لأتألفهم ، فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين نائي الجبين محلوق الرأس فقال اتق الله يا محمد قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يطع الله إن عصيته أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنني ؟ قال ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله … فقال رسول الله صلى الله عليه : إن من ضئضئي هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد " أنظر هذا واحدا من رواد التدين السطحي كث اللحية مشمر الإزار وهو نموذج لفئة يقتدون به يحرصون على مندوبات الأعمال فإذا ظهرت لهم شهوة من شهوات الدنيا تحولوا إلى وحوش مفترسة … فهم يشعلون المعارك حول الأشكال والمظاهر وإذا صلى بجانبك شغلك عن صلاتك وإذا رأى متدينا حريصا على المسجد تصدى له بالهجوم فهو حريص كل الحرص على هدم ما بني لا يعجبه شيء فكل شيء لا علم عنده به فهو في رأيه باطل وضلال وكلام العلماء باطل كله إلا ما يقول شيخه وجماعته هذا عنده سوء فهم . مما تشكو منه أمتنا التعصب للطائفة والجماعة في الحق والباطل ، إذ ما تقوله جماعته مقدس سواء يتعلق بأمور فقهية أو عقدية ، وهذا ما جعل الفرد يغالي في اتخاذ موقف من بعض المخالفين له في الرأي أو السلوك مما يدفعه إلى الاشتغال بأخطائهم وقدحهم وتبديعهم ولربما استحلال دمائهم لمخالفتهم له … فكم من إنسان يشكو عدم السلام عليه من الكثيرين لاختلافه معهم في انتمائهم، وكم من شاك قال قيل له لو كنت منتسبا لجماعتنا لأزرناك ولرأيت كذا وكذا … أين هذا من ديننا ؟ أين جماعة أبي بكر وعمر و … ؟ هذه أمراض الأمة فلو تجاوزنها قضينا على الفكر السلبي ، وفي الحديث الشريف " لا تنالوا شفاعتي الغالي في الدين والجافي عنه " ، وتجاوز هذه السلبيات ليس بعزيز على همة شبابنا الذي يعرف الرجال بالحق .