صُدم الرأي العام المحلي بقيام صاحب إحدى المحلات بتثبيت لوحة معدنية بمحاذاة واجهة باب المدينة التاريخي، محاولا تشويه هذه المعلمة التاريخية التي تعود لزمن تعايش الحضارات بمدينة العرائش. وإعتبر مهتمون بتراث وتاريخ المدينة العريقة، بأن ما يقع إنتهاك خطير وجديد للواجهات المعمارية التاريخية بوسط المدينة. وإعتبر آخرون وضع إطارات معدنية بشعة في واجهة أقواس ساحة التحرير، وتثبيت مجموعة من الأعمدة الحديدية الخاصة بلوحة إشهارية على حافة القوس، أمرا مشينا وهجينا، يشوه التناسق البصري لأقواس باب المدينة، وطالبوا بإزالتها. ويشاع أن المعني بالأمر حصل على رخصة من بلدية العرائش، حيث إعتبره المهتمون بتاريخ المدينة سابقة خطيرة لم تشهدها الساحة منذ بنائها في القرون الغابرة . من جانبه حذر الفاعل الجمعوي عبد الرحمن اللنجري، رئيس جماعة العرائش عبد الإله احسيسن، من مغبة التمادي في تشويه المعالم التاريخية للمدينة، وكتب اللنجري في تدوينة فايسبوكية، بأن رئيس الجماعة يقوم بالترخيص العشوائي لطمس المعالم، بهدف كسب الأصوات الإنتهازية، قبيل العملية الإنتخابية التي ستعرفها بلادنا في الأسايع القليلة القادمة. وتعتبر باب المدينة جزء من بناء تاريخي يعود لبداية القرن 17 عند تسليم العرائش للحماية الإسبانية سنة 1610، حيث دخل ضمن مشروع باوتيستا أنطونيلي الهندسي لتحصين المدينة، المشروع الذي نفذ بداية من سنة 1614 على يد الحاكم بيدرو رودريغيز دي سانتيستيبان الذي دشن به أعماله فكان اسمه حينها باب البادية Puerta del campo . وحسب الباحث في تاريخ العرائش محمد عزلي فإن بناء باب المدينة جاء بالتزامن مع السور والخندق الرابطين بين حصن الفتح "البحر" San Antonio وحصن النصر "البر"Santa Maria لحماية المدينة من جهة البر. وفي سنة 1765 عند زيارة السلطان سيدي محمد بن عبد الله لمدينة العرائش بعد العدوان البحري الفرنسي على المدينة في 25 يونيو من نفس العام، وبالتزامن مع الأوراش الكبرى التي شهدتها العرائش من قبيل بناء السوق الداخلي والمسجد الأعظم ودار السكة وفندق زلجو.. حظي الباب الذي كان معروفا حينها باسم باب البر Puerta de Tierra ببعض الإصلاحات والتعديلات حتى ينسجم مع النمط المعماري للمباني المجاورة. وأشار الباحث عزلي إلى أن الباب المدينة عرف أيضا بباب الخميس وذلك لكون ساحته الخارجية – ساحة التحرير حاليا- كانت سوقا أسبوعيا يُشَدُّ إليه الرحال كل يوم خميس، فعرف تداولا بين الناس بباب الخميس، أما اسم باب المدينة فهو حديث ومقترن بعهد الحماية الإسبانية في النصف الأول من القرن العشرين، وقد عرف تعديلات عصرية في نهاية الثلاثينات، خاصة من الجهة المقابلة لساحة التحرير حيث تفنن المهندس خوسي لاروسيا في إنجاز مباني مشور الأقواس الذي بني على أنقاض الأسوار الدفاعية للقرن 17 والمعروف بباسيو دي يوبيا Pasillo de lluvia والذي يتوسطه باب المدينة بشكله الحديث المستوحى من التراث الإسلامي الأندلسي. وسبق للمخرج المغربي الشريف طريبق، أن أخرج فيلما أطلق عليه إسم " باب المدينة" وهو فيلم درامي صدر سنة 2005 من إنتاج القناة الثانية دوزيم، من بطولة محمد نظيف و هدى الريحاني، وتدور أحداثه في مدينة العرائش التي جعلها المخرج الشخصية الرئيسية، بقصة أم تهاجر لفرنسا رفقة إبنها إدريس بعد نزاعها مع زوجها مصطفى المصور الفوتوغرافي، وبعد 30 سنة من هذه الأحداث يرى الابن صورة تجمعه بوالده بمدينة العرائش فيقرر العودة لهذه المدينة واضعا في نفسه الدفئ الاجتماعي وجيران الحي التي حكت له أمه عنهم لكنه سيفاجئ بتغييرات مفاجئة في هذه الحيثات، فأصبح حائرا بين الإستقرار في العرائش أو العودة لفرنسا.