بعد مرور أزيد من تسع سنوات على إغلاقه بقرار من المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بدعوى إخضاعه لعمليات ترميم، تحول مسجد "الجامع الجديدة" في الحي العتيق بمدينة طنجة، إلى عبارة عن بناية خربة تتآكل أجزاؤها من وقت لآخر نتيجة عوامل الزمن وأيادي البشر. وتثير الوضعية التي آل إليها هذا المسجد التاريخي، المطل على ساحة "الناصرية" العتيقة في قلب المدينة القديمة، حفيظة العديد من سكان الحي العتيق لطنجة، الذين يرون أن استمرار إغلاق هذا المرفق الديني، يحرمهم من أداء شعائرهم دون تحمل مسافة طويلة، بالإضافة إلى الظواهر السلبية التي ارتبطت بإهمال هذا المعلم الديني. أحد سكان حي "السقاية"، وهو كهل في حدود الخمسينات من العمر، يبدي استياء كبيرا جراء استمرار إغلاق "الجامع الجديدة"، ويضيف في دردشة مع جريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن قدماء سكان الحي تأثروا كثيرا لخطوة الإغلاق. ويلتمس المتحدث في تصريحه للجريدة، من المسؤولين الإسراع بأشغال ترميم هذا المسجد، وافتتاحه من جديد أمام عموم المؤمنين، باعتبار المسجد هو بمثابة الأم بالنسبة للناشئة والكبار، على حد تعبيره. حالة كارثية يبدو عليها الفضاء الداخلي لهذا الجامع العتيق، حيث تناثرت فوق أرضيته المفروشة بزربية من الطراز التقليدي، أكوام من الأتربة والحجارة المنهارة جراء تصدعات في السقف والجدران. حسب المشاهد التي تمكنت "طنجة 24" من التقاطها من داخل المسجد، ومن خلالها يمكن أيضا مشاهدة مصاحف مهملة ومتناثرة بشكل عشوائي لا يليق بمكانة ما تحتويه من آيات الله البينات. وإلى جانب هذه الصورة القاتمة الموثقة، يرسم أحد سكان الحي، التقت به جريدة طنجة 24 الإلكترونية، صورة قاتمة أخرى للوضعية المزرية التي آل إليها هذا المرفق الديني، وقول بأن المسجد أصبح وكرا للمنحرفين الذين ينجحون في التسلل إلى داخله، حيث يمارسون هناك مختلف أنواع الانحرافات، بما تخلفه من فضلات بشرية وغيرها. وبنبرة ثائرة، يتساءل أحد شباب من سكان الحي، عن أسباب استمرار إهمال هذا المسجد، رغم مرور كل هذه الفترة الطويلة، معتبرا أنه ليس هناك مبرر واحد لﻹبقاء على هذا المرفق في هذه الحالة "الكارثية"، على حد تعبيره. ويقدم هذا الشاب هو الآخر، صورة سوداوية لوضعية المسجد، مؤكدا أن محيطه بات مسرح حوادث سرقة مستمرة يتعرض لها المواطنون من طرف المنحرفين الذين يتخذون من المكان وكرا لهم. ويعتبر مسجد "الجامع الجديدة"، من بين أقدم الجوامع في مدينة طنجة، حيث يعود تاريخ بنائها إلى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، حسب ما يبرزه الباحث المتخصص في تاريخ المغرب والأندلس، الدكتور رشيد العفاقي، الذي أوضح أن تشييد هذا المعلم، جاء بمبادرة من نظارة الأوقاف في المدينة، قبل أن يصدر أمر سلطاني باستكمال بنائه. وأبرز الدكتور العفاقي، في حديث لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن أوامر السلطان المغربي صدرت على متن رسالتين أو ثلاث، إلى نائبه في طنجة أحمد الخطيب، الذي بادر إلى تنفيذ الأوامر وتشييد هذا المسجد، الذي أول ما عرف هو احتضانه لدروس العلامة سيدي أحمد بن عجيبة في أواسط القرن التاسع عشر. وأضاف المتحدث، أن هذا الجامع خرج العدين من العلماء وطلبة العلم، حيث كان له إسهام طيب في تنشيط الحركة العلمية، منذ نشأته حتى بداية الألفية الثالثة. ويتأسف الدكتور رشيد العفاقي، للوضعية التي آل إليها هذا المعلم، الذي يتعرض للخراب في جميع مواضعه. داعيا المسؤولين إلى إعادة الاعتبار إلى هذا المرفق الذي يعتبر معلمة دينية خرجت العديد من طلبة ورجال العلم في هذه المدينة.