يشكل شاطئ "تارغة"، احد الوجهات التي تقصدها فئات من المواطنين المغاربة من ذوي الميولات المحافظة، فهذا الفضاء الشاطئي الذي يحمل اسم نفس القرية التابعة لجماعة تازكان بإقليم شفشاون، يكاد يكون حكرا على العائلات والأفراد الذين يبحثون عن فضاءات استجمام خالية من مشاهد العري والاختلاط وغيرها من السلوكات التي يعتبرونها منافية لقيمهم. بالرغم من أن هذا الشاطئ الممتد على مسافة كيلومترين، يفتقد إلى أبسط وسائل الترفيه والتجهيزات المرفقية الأساسية التي تزخر بها فضاءات اصطياف مجاورة أخرى، إلا أنه يبقى ملاذا لعينة واسعة من المواطنين المغاربة، لاعتبارات يربطونوها بقيمهم الدينية والأخلاقية، بالإضافة إلى ما تتتمع به المنطقة من طبيعة عذراء وخلابة. بيئة "محافظة" وطبيعة ساحرة وأهم ما يميز هذا الشاطئ، الواقع على بعد 45 كيلومترا عن مدينة شفشاون، رماله الذهبية ومياهه الصافية تيارته الدافئة والهادئة، ما يجعل منه فضاء رائعا للسباحة والاسترخاء، ويوفر مجالا مثاليا للعديد من الأنشطة الترفيهية، مثل ركوب الأمواج والغوص والصيد، وغيرها. ربيع الأندلسي، يصف أجواء الاصطياف بشاطئ تارغة، بانها "مثالية"، فبالإضافة إلى طبيعته الخلابة فهو خال من أي جميع المظاهر السلوكية التي تثير إحراجا له امام أفراد عائلته، على حد تعبيره. ويضيف هذا الشاب الذي اعتاد على قضاء جزء من العطلة الصيفية بهذه المنطقة القروية " أشعر بأنني في بيئة تجمع بين الجمال الطبيعي والأجواء المريحة. ليس فقط يتيح لي الاستمتاع بالشاطئ والبحر، ولكنه أيضًا يمكنني من التواصل مع مجتمع يشاركني نفس القيم والاهتمامات.". وفي نفس الاتجاه، تعبر عن ريما (33 سنة)، عن ارتياحها بالإجواء "المحافظة" التي تسود هذا الفضاء، وتقول "أشعر بأنني مقبولة ومحاطة بأشخاص يشاركونني آرائي وقيمي. هنا، يمكنني أن أعيش لحظات ممتعة دون أن أشعر بالانفصال عن هويتي ومعتقداتي." قرية "عذراء" بتاريخ عريق ويستمد هذا الشاطئ الخلاب، تسميته من اسم القرية التي ينتمي إليها ضمن تراب جماعة تازكان بإقليم شفشاون، وهي منطقة تتميز بتاريخها القديم الذي يعود إلى مرحلة القُوط. في القرن ال14، ما يجعلها مجالا تتشابك فيه ثقافة الماضي برونق الحاضر، مكرسةً لاستمرارية روح الصمود والهوية. تشير المصادر التاريخية، إلى أن المنطقة عاشت تجارب عديدة، بدءًا من محاولات البرتغال احتلالها في القرن ال15، لكن تصدي الساكنة الشجاع منع ذلك وصدت محاولات الاستعمار المبكر، إذ أن تموقعها على الساحل الإستراتيجي جعلها هدفًا للاستعمار الأجنبي. تمثل تارغة قاعدة للجهاد البحري عبر التاريخ، حيث أقيمت بها مراكز دفاعية تحميها من هجمات البرتغال والإسبان. وتضم القرية مسجدًا عريقًا ومقبرة إسلامية تحوي قبور شخصيات تاريخية مرموقة. على الرغم من وجود أدلة تشير إلى وجود قرية مطمورة تحتها، توقفت عمليات التنقيب الأثري لأسباب غير معروفة. ويعكس تاريخ تارغة ومحاولات الاحتلال العديدة تصميم السكان على الصمود والمحافظة على هويتهم وتراثهم في وجه التحديات التي مرت بها المنطقة.