يعيد عمدة طنجة، منير ليموري، ترتيب خرائط النفوذ داخل المكتب المسير عبر قرار سحب تفويض حساس من أحد نوابه، في خطوة بدت في ظاهرها تقنية، لكنها تنطوي على أبعاد سياسية، بالنظر إلى السياق الذي طُبعت فيه العلاقة بين مكونات التحالف الثلاثي بتباين متزايد وتراجع نسق التنسيق الداخلي. ولم يكن القرار معزولا عن مؤشرات التوتر التي برزت في تدبير بعض القطاعات المفوضة، حيث تحولت بعض المهام إلى مجالات اشتغال فردي، خارج الضوابط الجماعية التي يفترض أن تؤطر العمل داخل مؤسسة الجماعة. وقد أثار هذا الوضع انزعاجا متراكما داخل رئاسة المجلس، خاصة مع تنامي مظاهر ازدواجية القرار، وغياب الانسجام حول أولويات المرحلة. ودخل التحالف القائم، الذي لم يتأسس على خلفية سياسية صلبة، في مرحلة من الاهتزاز الصامت، مع تضارب مرجعيات الاشتغال، وتعدد مراكز التأثير داخل الجهاز التنفيذي. وهو ما انعكس على مردودية بعض القطاعات، وفتح المجال أمام تأويلات مختلفة لطبيعة الشراكة، بل وحتى لمنطق تقاسم المسؤولية. في هذا السياق، جاء سحب التفويض كخطوة لإعادة ضبط معادلة السلطة داخل المكتب، وكمحاولة لاستعادة المبادرة من طرف رئاسة المجلس، من خلال تقليص هامش المناورة، وتوجيه مسار التدبير نحو مركزية أكثر صرامة في التحكم بالمخرجات. بالموازاة مع ذلك، لجأ العمدة إلى تفويض اختصاصات إضافية لرؤساء المقاطعات، في ما اعتُبر مؤشرا على إعادة توزيع الثقل السياسي والتنفيذي داخل الجماعة، عبر فتح منافذ جديدة للمشاركة المؤسساتية، بعيدا عن بعض المواقع التي أضحت تضغط أكثر مما تساهم. التحرك الجديد لا ينفصل عن محاولات متكررة لترميم صورة المجلس أمام الرأي العام المحلي، بعد فترة من الارتباك وفقدان المبادرة، في ظل انتقادات همّت أسلوب الاشتغال الجماعي، وغياب رؤية موحدة لدى الأغلبية المسيرة. ورغم غياب ردود فعل مباشرة من الأطراف المعنية، إلا أنّ القرار عزز الانطباع بوجود تحول في تموقعات الفاعلين داخل التحالف، وأنّ رئيس الجماعة يتحرك وفق تصور يستحضر نهاية الولاية باعتبارها محطة لترتيب العلاقة مع الجهاز التنفيذي، لا مجرد استكمال لتوافقات أولية. ويبقى السؤال مطروحا حول مدى قدرة هذه المقاربة على تحقيق الاستقرار داخل المؤسسة، أم أنّها ستزيد من تعميق التصدعات داخل أغلبية تفتقر إلى أساس سياسي موحد، وتشتغل بمنطق تقاطع المصالح أكثر من منطق البرنامج المشترك.