يواجه عشرات المواطنين والمستثمرين بمدينة طنجة حالة من القلق والاستياء، بعد تفجّر واحدة من أعقد القضايا العقارية بالمدينة، تتعلق بمركب سكني وتجاري راقٍ على الواجهة البحرية، كان مملوكًا في الأصل لشركة استثمارية إسبانية. المركب، الذي انتقلت ملكيته لبنك مغربي عقب إعلان إفلاس الشركة المالكة بسبب أزمة ديون خانقة، تحوّل في السنوات الأخيرة إلى مسرح لنزاع قضائي معقّد، بعدما برزت أطراف جديدة تزعم امتلاك المشروع بأكمله استنادًا إلى وثائق تحمل توقيعًا مفترضًا لتنازل شامل عن أسهم الشركة الإسبانية لفائدتها. وتزداد القضية تعقيدًا بسبب تضارب الرسوم العقارية المرتبطة بنفس العقارات داخل المركب، إذ توجد محلات تجارية تُشير سجلاتها إلى رسمين عقاريين مختلفين، أحدهما باسم الشركة الأصلية، وآخر باسم شخصي، في حالة يعتبرها قانونيون مؤشرا خطيرا على احتمال التزوير أو وجود خلل في مساطر التحفيظ العقاري. وقال أحد التجار المتضررين لوكالة الصحافة الفرنسية إن "المشكلة لا تتعلق فقط بالملكية، بل بنزاهة العقود التي وقعناها واستثمرنا على أساسها"، موضحًا أنه فوجئ بعد سنوات من استغلال محله التجاري بشخص يطالبه بعقد جديد، مدّعيًا أنه المالك الشرعي للمركب. وقد أدّى هذا الوضع إلى إطلاق سلسلة من الشكايات القضائية من قبل المتضررين، الذين يطالبون بفتح تحقيق في أصل الملكية وتزاحم الوثائق القانونية المتناقضة، في وقت صدرت فيه أحكام بالإفراغ ضد بعض المكترين رغم وجود منازعات جوهرية حول المالك الحقيقي. ورغم توالي الشكاوى، يشتكي عدد من المواطنين من ما وصفوه ب"بطء تفاعل السلطات المختصة"، مطالبين بإجراءات عاجلة لتحديد المسؤوليات القانونية وحماية حقوقهم من عمليات استيلاء أو تزوير محتملة. ويُعيد هذا الملف الجدل حول مدى جاهزية المنظومة العقارية الوطنية للتصدي لعمليات التلاعب بالتحفيظ وتعدد الرسوم العقارية، خاصة في المشاريع الكبرى التي تستقطب استثمارات محلية وأجنبية بمبالغ طائلة. ويرى مراقبون أن هذه القضية تُسلّط الضوء على ضرورة تسريع رقمنة السجلات العقارية، وتعزيز آليات التتبع الإلكتروني للمساطر التوثيقية، لتفادي تكرار حالات مماثلة قد تمس بثقة المستثمرين والمواطنين على حد سواء.