كثفت السلطات الإقليمية، خلال الأيام الأخيرة، من إجراءاتها الأمنية المشددة في عمالة المضيق-الفنيدق، ونشرت تعزيزات إضافية على طول الشريط الساحلي والغابوي المحاذي لمدينة سبتةالمحتلة، استباقا لاحتفالات رأس السنة الميلادية التي باتت تشكل موعدا تتجدد فيه دعوات "الهجرة الجماعية" عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتظهر مؤشرات الرصد الميداني أن المصالح الأمنية تأخذ هذه التهديدات الافتراضية على محمل الجد، خاصة وأن المملكة تمكنت خلال سنة 2024 من إحباط ما يناهز 78,685 محاولة للهجرة غير النظامية، وفق أرقام رسمية لوزارة الداخلية، وهو الرقم الذي يعكس حجم الضغط المتواصل على الحدود الشمالية. وأفادت مصادر مطلعة بأن الخطة الأمنية الحالية تركز بشكل خاص على "النقاط السوداء" في غابات بليونش والفنيدق، التي شهدت في فترات ذروة سابقة (مثل غشت 2024) إحباط أكثر من 11,000 محاولة تسلل في شهر واحد فقط على مستوى هذه العمالة. وتشارك في هذه العمليات وحدات مختلطة من الأمن الوطني، الدرك الملكي، والقوات المساعدة، مدعومة بآليات للمراقبة الليلية والجوية. وفي سياق التصدي للمحرضين، كشفت المعطيات أن خلايا اليقظة المعلوماتية تتابع عشرات الحسابات والصفحات المشبوهة. وتستند السلطات في تحركاتها إلى مقاربة قانونية صارمة، حيث سبق للقضاء المغربي أن أصدر أحكاما سالبة للحرية في حق متورطين في التحريض الرقمي، في وقت تشير فيه الإحصائيات إلى تفكيك المئات من الشبكات الإجرامية المتخصصة في الاتجار بالبشر خلال الأشهر الماضية. وتأتي هذه التدابير في وقت سجلت فيه محاولات الاقتحام الجماعي تراجعا ملحوظا في الربع الأخير من السنة الجارية مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، بفضل التنسيق الأمني والعمليات الاستباقية التي مكنت، في أكتوبر المنصرم، من احتواء محاولات متفرقة قبل وصولها إلى السياج الحديدي. وستبقى هذه الترتيبات الأمنية سارية طيلة شهر دجنبر، مع التركيز على رصد القاصرين الذين يشكلون نسبة مهمة من المرشحين للهجرة، حيث يتم العمل على منع وصولهم إلى المناطق الحدودية وإعادتهم إلى ذويهم وفق المساطر القانونية الجاري بها العمل.