بعد أن يئس من العودة إلى الحكومة بكل الطرق والوسائل ومنها الشعبوية التي يتقنها وكذا الابتزاز، لجأ بنكيران إلى تجييش شباب حزبه وكشف عن الوجه الحقيقي للبيجيدي وما يدور من حوله من أذرع وأجنحة، ألا وهو الوجه الدعوي في محاولة لإعادة البلاد إلى زمن الزوايا والجهاد.. بنكيران، وفي كلمة ألقاها، امس الاثنين 21 يناير الجاري، أمام شباب حزب العدالة والتنمية، دعا الحضور بشكل مكشوف إلى ممارسة الدعوة وعدم الاكتراث بالعمل أو التوظيف، حيث قال بالحرف الواحد إن: "الوظيف هو أضيق أبواب الرزق"!، مضيفا "هذا ماشي أنا اللي قلته" في محاولة للتنصل من مسؤولية كلامه.. قبل أن يمر إلى قصده وهدفه الأساسي من هذا الشريط، ألا وهو الحث على الدعوة، حيث قال بالحرف "يمكن تفكروا تقوموا بالدعوة"، هكذا إذن يريد يساوي بنكيران بين العمل كواجب وحق وكعبادة بالمنطوق الإسلامي، وبين الدعوة كما يراها هو وإخوانه كما لو أننا في القرن السادس الميلادي .. وقال بنكيران إن الهدف من تقلد الوظائف داخل الوظيفة العمومية أو في الحكومة كما هو الشأن بالنسبة إليه كرئيس حكومة سابق، بل الهدف بالنسبة إليه هو أن "يرتقي الإنسان في ميزان الله، وهو الميزان الحقيقي حيث ينظر إليه بأنه خير من الناس الآخرين حتى ولو كان هؤلاء أكثر منه مالا أو جاها أو ولدا.."، ونسي بنكيران أو تناسى من هو أكثر منه ثقافة وعلما، وهو الأهم والقادر على دحض مقولاته وكلامه حول الدعوة في القرن الواحد والعشرين، حيث يعتد الناس بقيم المواطنة في إطار دولة المؤسسات والقانون بغض النظر عن الدين أو العقيدة أو الجنس أو اللون أو الانتماء كيفما كان نوعه.. إن اجتماع بنكيران أمس الاثنين مع شبيبة حزبه، هو اجتماع يعيدنا إلى عصور سالفة، عصور الدعوة والجهاد في سبيل الله، ويتضح ذلك من خلال المصطلحات التي وظفها بنكيران ومضامين خطابه، الذي حاول أن يراوغ ويجاهد لإخفاء هدفه الرئيسي، وهو خطاب يكشف فشل بنكيران في معالجة مشاكل البلاد عندما كان مسؤولا عن إدارة الشأن العام، وها هو اليوم يرتدّ إلى وضعه الطبيعي الذي يحاول دائما أن يخفيه ألا وهو "الدعوة"، كما يراها حزبه وذراعه الدعوي وباقي الأجنحة التابعة للبيجيدي. وللتذكير فقط، وحتى ننعش ذاكرة بنكيران فإن من قال إن "الوظيف هو أضيق أبواب الرزق" هو رئيس الحكومة السابق( وليس أحدا آخر غيره)، وذلك بمناسبة حلوله ضيفا على الجامعة الصيفية للمدرسة الوطنية للإدارة والتسيير بالدارالبيضاء في شهر يونيو 2015، حيث قال بالحرف إن "الوظيفة العمومية هي أضيق أبواب الرزق"، موضحا أن الذين اتجهوا إلى القطاع الخاص، سيأتي يوم يضحكون فيه على اليوم الذي فكروا فيه الذهاب إلى الوظيفة العمومية.. وإذا كان هدف بنكيران حينها هو التهرب من حلّ معضلة البطالة بالمغرب عبر جعل الشباب ينصرف عن المطالبة بالتشغيل التي رفعها المعطلون، ودفعهم إلى القطاع الخاص كي يتخلص منهم، فإن كلامه اليوم وخطابه الموجه إلى شبيبة حزبه يهدف إلى دفعهم إلى الانخراط في مجال الدعوة والهروب من الواقع ومواجهة ما تطرحه الحياة الدنيا وأهوالها في سبيل الدعوة والسعي وراء الدار الآخرة.. هذه هي الوصفة التي يقترحها بنكيران على الشباب وهذا هو "البرنامج السياسي" لحزب العدالة والتنمية، الذي يختفي وراء السياسة المريرة و الإيديولوجية الغارقة في الدين كما يفهمها زعماؤه، وهي ايديولوجية تريد تحويل المجتمع إلى أشخاص منقطعين عن العالم في سبيل حياة آخرة.. وللحديث بقية..