كلما تقدمت محاكمة عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، المتهم بالمشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، كلما ازداد سعار الحزب الإسلامي، الذي فقد سيطرته على النيابة العامة بعد إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية، وعلى مقربة كل موعد مع المحاكمة يصاب أعضاؤه بالهستيريا، مستغلين كل الإمكانيات للتأثير على القضاء، بعد أن يئسوا من محاولات تبرئة البرلماني المذكور. وبعد أن تيقن الحزب أن المحاكمة ستمشي وفق القواعد القانونية القاضية بالاستقلالية والشفافية، عمد إلى تزييف الحقائق، لكن فضل هذه المرة أن يأكل الشوك بفم مجموعة من المناضلين الحقوقيين والإعلاميين والسياسيين، الذين فتح لهم صفحات موقعه على الأنترنيت لنفث سمومهم وأحقادهم. فقد استدعى في هذا السياق حسن بناجح، القيادي في جماعة العدل والإحسان، المتهم بعض أعضائها في عملية اغتيال أيت الجيد بنعيسى بداية تسعينات القرن الماضي، الذي اعتبر المحاكمة مجرد تصفية حسابات سياسية. وحتى لو صدقنا هل يمكن تصفية حسابات مع قيادي في حزب هو من يقود الحكومة؟ كما استجوبت عبد الرزاق بوغنبور، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان التابعة لحزب الاستقلال، والذي ذهب تقريبا نفس المذهب، وأورد كلاما لصحفي شقيق مسؤول بحركة التوحيد والإصلاح، حيث اعتبر المحاكمة تم تحريكها من قبل حزب سياسي، لكن للأسف هذا الحزب ولد بعد أن وضعت العائلة شكاية مطالبة بفتح التحقيق من جديد. في زمن استقلالية القضاء يعرف حزب العدالة والتنمية أن براءة حامي الدين من سابع المستحيلات بعد أن اطلع قادته على الملف جيدا، وتيقنوا من الحجج المؤكدة لتورط القيادي في عملية القتل، فالحزب لم يعد يطمع في البراءة، ولكن يستمر في تزييف الحقائق حتى يستفيد منها في الدعاية بعد الحكم عليه، حتى لا تلتصق بالحزب تهمة القتل، حيث سيروج أن محاكمة حامي الدين كان الغرض منها تصفية حسابات سياسية مع تيار مطالب بالديمقراطية. فتكثير سواد هيئة الدفاع لا يفيد براءة المتهم، وإلا فإن بابلو إسكوبار، أشهر تاجر مخدرات في كولومبيا، ترافع لفائدته عشرات المحامين، لكن ذلك لم يمنع من كونه تاجر ممنوعات وقاتل وغيرها من التهم الموجهة إليه. فلو ساند حامي الدين كل محامي العدالة والتنمية وبعض محامي العدل والإحسان وحتى بعض اليساريين فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنه بريء، لأنه خلال سنوات وجوده خارج السجن تمكن من تأسيس شبكة علاقات جيدة.