طالبت عائلة مدير المخابرات الجزائرية المغتال قاصدي مرباح، اليوم الخميس، بإعادة فتح الملف بعد انقضاء 26 عامًا على الاغتيال "الغامض" للرجل برفقة نجله وشقيقه وحارسه الشخصي وسائقه. وذكر موقع "إرم نيوز"، استنادا إلى مصادر موثوقة، أن شقيقات الراحل قاصدي مرباح (اسمه الحقيقي عبد الله خالف) رفعن طلبًا إلى النائب العام لدى المحكمة العليا، تضمن التماسًا بإعادة فتح ملف اغتيال شقيقهن الأكبر الذي شغل أيضًا منصب رئيس الوزراء (5 نوفمبر 1988 – 9 سبتمبر 1989). وجاء في مذكرة حررتها شقيقات مدير المخابرات الجزائرية أن ما حصل في 21 غشت 1993 بضاحية برج البحري شرقي الجزائر العاصمة هو "جريمة سياسية". وقالت الشقيقات مذكرتهن إلى السلطات القضائية: "نهيب بالنائب العام التدخل وإعادة فتح الملف الذي جرى طيّه بسرعة من طرف القضاء قبل نحو ربع قرن". وكانت السلطات قد تحدثت في "رواية" خاطفة عن قيام تنظيم متشدد يطلق عليه "الجماعة الإسلامية المسلحة" باغتيال قاصدي مرباح، لكن أرملته وشقيقاته رفضن التسليم بذلك، في فترة شهدت اشتداد العنف الدموي بعد الذي حدث في الحادي عشر من يناير 1992، حيث استقال الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، وجرى إلغاء نتائج ديسمبر 1991 التي شهدت فوز الإسلاميين الراديكاليين. وتولى قاصدي مرباح إدارة جهاز الاستخبارات بين أكتوبر 1962 فبراير 1979، قبل أن يشغل الرجل الذي كان برتبة عقيد، عدة مناصب حساسة بينها الأمين العام لوزارة الدفاع ثم نائبًا لوزير الدفاع، قبل أن تسند له تباعًا وزارات الصناعات الثقيلة، والزراعة، والصيد البحري، والصحة. وتعرض الفقيد لتغييب تام في بلاده، فبعد جنازة غير رسمية اقتصر فيها الحضور على الوزير السابق للداخلية دحو ولد قابلية فحسب، لم يتم ذكر اسم قاصدي مرباح مطلقًا في المشهد المحلي منذ اغتياله، على نحو طرح استفهامات جدية حول مغزى تجاهل عطاءات العقيد الذي أسس لنواة جهاز الاستخبارات مباشرة بعد استقلال الجزائر في الخامس من يوليو 1962. وظل مرباح يوصف بأنه "العلبة السوداء" للنظام الجزائري، بحكم الأدوار الكبيرة التي نهض بها في مراحل الرؤساء الراحلين أحمد بن بلة والهواري بومدين والشاذلي بن جديد، علمًا أن الراحل أسس في آخر حياته حزب "الحركة الجزائرية من أجل العدالة والتنمية"وسعى ل"المصالحة" بين السلطة وحزب جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة. ولم تشر أي معلومات إلى الجهات التي نفذت عملية إغتيال الرجل القوي الأسبق الذي كان على رأس أخطر جهاز في الجزائر قاصدي مرباح. فيما معلومات أخرى تشير إلى تورط جهاز المخابرات الجزائرية “دي أر أس” في عملية إغتيال قاصدي مرباح ، حيث تقول بعض التسريبات أنه في سنة 1993 كان قاصدي مرباح-وهو رئيس سابق لجهاز ال”SM” في عهد الرئيس الجزائري هواري بومدين ورئيس وزراء سابق (1989)- على خلاف شديد وصريح مع الجنرال الراحل العربي بلخير، وعدد من جنرالات”DAF” وكان يحاول أن يوحد صفوف المعارضة الجزائرية بإجراء الاتصالات مع الديمقراطيين والإسلاميين، والضباط الذين بقوا أوفياء لمبادئ ثورة 1954 وذلك للإطاحة بالجنرالات الذين قاموا بمصادرة السلطة. قامت فرقة كومندوس تتكون من 12 فردًا، بتنفيذ عملية إغتيال قاصدي مرباح وبحسب بعض المصادر فإن "إقامة قاصدي مرباح من 14 إلى 18 غشت 1993 في سويسرا مكنته من الاتصال بمختلف ممثلي المعارضة الجزائرية في المنفى ليضبط معهم مشروعه الذي كان سيتمخض عن القيام بثورة أخرى في الفاتح من نوفمبر 1993." وفي اليوم الثاني بالذات من عودته إلى الجزائر تم اغتياله في برج البحري -واغتيل معه أخوه عبد العزيز وابنه حكيم، وحارسه عبد العزيز نصري وسائقه الهاشمي، وكانوا يستقلون سيارتين اثنتين- من طرف فرقة كومندوس متكونة من خمسة عشر فردًا. وقالت ذات المصادر إن افرد الكومندوس كانوا ملثمين ومطلعين جيدًا على توقيته، وخط سيره، وإن الطريقة التي تمت بها تصفية رئيس الحكومة الأسبق تنم عن احترافية القائمين بها الذين اختفوا بكيفية عجيبة بعد ارتكاب الجريمة مباشرة دون أن ينسوا أخذ حقيبة الوثائق التي كانت معه، ولم يأخذوا سلاحه! وأشارت ذات المصادر إلى "إن هذه العملية التي كانت مشفرة تحت اسم “فيروس” قد رويت كل مراحلها بالتفصيل في مقال نشر في 1999 على موقع حركة الضباط الأحرار الجزائريين في الانترنيت والذي أكد أن رجال الكومندوس القتلة كانوا يتبعون لوحدة 192، وكانوا بقيادة اللواء نافد في الجيش شخصيًا و الذي كان آنذاك برتبة عقيد"، و لم يتم إجراء أو القيام بأي تحقيق جدي.. وتم نسب جريمة الإغتيال إلى جماعة مولود حطاب-الذي تم القضاء عليه بعد ذلك ببضعة أسابيع، إثر معارك داخلية لتصفية الحسابات بين الفصائل الإسلامية حسب الصحافة الجزائرية- لتبقى عملية إغتياله مبهة أو على الأقل هكذا أوريد لها أن تكون.