تحول التسول من كراء أطفال والتجول بهم في الشوارع قصد الحصول على بضعة دراهم، إلى قنوات اليوتوب التي تذرّ على أصحابها الملايين، التي أصبحت اليوم إحدى أهم وسائل التسول في العالم الافتراضي، وبدل الدراهم يحصل أصحابها على الملايين، دون أداء الضرائب، مستعملين في ذلك كل وسائل الاحتيال على المشاهدين في عالم الأنترنيت. ومن أمثلة وسائل التسول، هو الحديث باسم الشعب وأنهم أبناء الشعب وأولاد الشعب، ونحن نعرف أن من كان يحمل هذا اللقب لم يكن في يوم من الأيام يبحث عن الربح أبدا. فمثلا زوجة مول الكسكيطة، الذي ربح الملايين من كلمة ولد الشعب، قالت بأنها سوف تطلق قناة على يوتوب لتتحدث عن مواضيع كثيرة طالبة دعمها، كما قالب اليوتوبر طاليب إنه سيفتح قناة للمعنية بالأمر دعما لأولاد الشعب مع العلم أن ابن الشعب هذا لا يستطيع مفارقة اليوتوب ونشر التفاهات والكذب التي بواسطتها أصبحت حساباته منتفخة. ما معنى أن تقول زوجة مول الكسكيطة إنها ستفتح قناة للعمل من أجل تحقيق مداخيل لها ولأسرتها؟ بأية مهارة ستدخل عالما كان خاصا بالمثقفين والإعلاميين والفنانين؟ طبعا ليست هناك أية مهارة سوى استجداء المشاهدين باعتبار زوجها معتقل على ذمة سب الشعب ووصف الناس بالحمير. يوتوبرز لا يستقيم لسانها ولا تكاد تجمع كلمتين على بعضهما، باللغة المغربية الدارجة، تظل طوال النهار تشحث داخل يوتوب وتطلب من المغربيات دعمها، دخلها الشهري لا يقل عن تسع ملايين سنتيم شهريا. فاليوتوبرز الذي يطلق على نفسه ولد الشعب ويبحث عن الحالات الإنسانية للحديث عنها، مستغلا سذاجة المواطنين، لا يقل مدخوله الشهري عن 42 ألف درهم من الإشهار على هذه القناة، ويزعم أنه مجرد فاعل خير استغفالا للناس. مثلما أن ظاهرة التسول في الشارع العام تعتمد أساليب الاحتيال والمكر والخديعة، فكذلك التسول في يوتوب يعتمد أساليب ماكرة لخداع المشاهدين، واستعمال كل الوسائل لجلب عطفهم حتى يشاهدوا هذه التفاهات التي تتحول إلى ملايين السنتيمات.