رفض الضابط الفرنسي السابق غيوم انسيل الصمت، ونشر عام 2018 كتابا حمل عنوان "رواندا، نهاية الصمت"، يروي بين صفحاته عن تجربته في ذلك البلد الإفريقي ويندد بما يقول إن ها أكاذيب دولة. غداة نشر تقرير فنسان دوكلير الذي سلط الضوء على "المسؤوليات الجسيمة" لباريس في رواندا ولكن من دون أن يصل ذلك إلى اتهامها بالتورط في الإبادة الجماعية، يروي انسيل قصته لوكالة فرانس برس. وللإشارة، فعندما وصل إلى كيغالي عام 1994 ضمن عملية "تركواز" المقد مة رسميا في حينه على أنها مهمة إنسانية، كان ضابط مدفعية ملحقا بوحدة تتبع "الفيلق الأجنبي" لتوجيه الضربات الجوية. حول متى تبادر إليك أن "تركواز" ليست عملية إنسانية بحتة؟ قال الضابط الفرنسي: نشأ السؤال من المقلب الآخر، فأنا ذهبت ضمن مهمة هجومية تبتغي الوصول إلى كيغالي. إذن أنا ذهبت للمشاركة في حرب برواندا. كنت غير مرتاح حين وصلت، أولا لأن الحديث صار عن مهمة إنسانية، ثم لأننا لسنا في الجانب الصحيح: عدونا هو الجبهة الوطنية الرواندية (بزعامة بول كاغامي)، وليس مرتكبو الإبادة الجماعية. تخي لت القوات الفرنسية تنزل في بروفانس عام 1944 لتجد نفسها إلى جانب النازيين! استقبل نا الجيش الحكومي كأصدقاء وكان يريد منا المساعدة في إنهاء ما بدأوه. كانوا في ورطة دموية كبيرة ويتفاخرون! وما إن كان هو الوحيد الذي كانت له ردة الفعل تلك؟ قال: بدأت مسيرتي كمراقب في كمبوديا، وقد عملت في سراييفو على توجيه الضربات الجوية: لا بد لي من اتباع سلوك مهني. هكذا أعمل، فأنا لا أستمع كثيرا إلى الخطابات الرسمية، ورفاقي في صلب المهمة لا وقت لديهم للتفكير. وأنا لا أخبرهم في أي وقت بأن هناك شيئا مريبا . ولم أكن مدركا لما يجري بعد. وأضاف: بعثت فرنسا رسالة إلى الجيش الرواندي مفادها بأننا لن نأتي ونقاتل معهم. كانوا مقتنعين حقا بأن هذا هو ما جئنا للقيام به ... وعندما أنشأنا المنطقة الإنسانية الآمنة، شهدنا جميع وحدات القوات المسلحة الرواندية تلجأ إليها. هل هذه مزحه؟ هل نقد م لهم ملاذا آمنا ؟ شرح لي القائد أنه ط لب منه مرافقة أعضاء الحكومة ومرتكبي الإبادة الجماعية إلى حدود زائير (جمهورية الكونغو الديموقراطية حاليا ). نرغب في إيقافهم ولكن لدينا أوامر بمرافقتهم إلى الحدود. كان أمرا مثيرا للغثيان وبدأت المنظمات غير الحكومية تطرح علينا أسئلة. وفي تلك الأثناء تماما شهدت على عملية تسليم أسلحة. ط لب مني تشتيت انتباه الصحافيين بينما تغادر قافلة الأسلحة. وعن دوافع الكتاب قال: كان ثمة ندوة برئاسة بول كيلس، وكنت مشاركا فيها. عندما سمع شهادتي، أوصاني بعدم التشويش على الصورة التي يحملها الفرنسيون عن تدخلنا في رواندا. استغرقني الأمر 20 عاما لأدرك خطأ ما فعلناه وأن صن اع القرار السياسي لم تكن لديهم نية لتحم ل المسؤولية. بعد فترة وجيزة، تعرضت للتهديد بإبلاغي أنه سيكون من الأفضل ألا أفقد وظيفتي. لكن ي وجدت أنه من غير المقبول ألا يعرف الفرنسيون ما الذي تقرر نيابة عنهم. هكذا قررت كتابة شهادتي التي نشرت عام 2018.