للقرآن وتلاوته فضائل لا تعدّ ولا تحصى، فقد بيّن لنا النبي أجر قراءة حرف من القرآن فهو بعشر حسنات، كذلك ما للقرآن من آثار نفسية عميقة في قرارة نفوسنا فهو أفضل الحلول للتخلّص من الهمّ والغمّ، ومن فضائل القرآن أنه نور في الحياة وفي الممات ويوم القيامة، وإن كان الله جعل للقرآن تلك الخصال الفريدة فقد خصّ بعض السور بشيء من الفضل، والتي نذكر منها سورة الملك، كما وردت فضائلها فيما تناولته الأحاديث النبوي الشريفة في كثير من المواضع ومن ذلك ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "إنّ سورةً من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له تبارك الذي بيده الملك "، ومنها قوله صلّى الله عليه وسلّم: "سورة من القرآن خاصمت عن صاحبها حتّى أدخلته الجنة تبارك الذي بيده الملك "، كذلك: "من قَرَأَها كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر"، ومن السنة الفعلية ما روي عن النبي أنّه كان لا ينام حتّى يقرأ سورة السجدة وسورة الملك. نرى هنا هذا الفضل العظيم لها، فهي تنجي صاحبها وتمنع عنه عذاب القبر، تُحاجّ عنه إذا جاءه الملكان ترافقه كذلك يوم القيامة فلا تتركه حتى تدخله الجنة، كل هذا يستوجب أن نلتزم بها ونتمثل ما تضمنته في حياتنا فهي جاءت لتقرّ بنفوسنا أن الملك الحقيقي لرب العزة وأننا جميعنا عبيد في حضرته، كذلك تذكرنا بحقيقة الاختبار الذي سينتهي ويبقى لنا ما قدمنا، ضرب لنا دلائل ومشاهد من عظمته فواجبنا هنا التفكر والتدبر في عظيم خلقه فنصبح أكثر إيماناً وخشيةً له، ويبين لنا في موقف من الرهبة حال الكافرين يوم القيامة لنزجر قلوبنا، حتّى بلغت بنا أن الطير ترزق بتوكلها على الله ونحن أولى بذلك، وفي مشهد ذكر النعم يذكرنا لعلنا نتعظ إننا عنها محاسبون فنحسن إليها فهي إلى الله مستردة يوماً. هي من السور المكيّة التي نزلت على النبي صلّى الله عليه وسّلم في مكّة، وسمّيت بالملك لما تضمّنته من آيات تتحدّث عن الملك بأنواعه لتقرّ لنا بأنّ حقيقة الملك المطلق هو لله وحده، كما سمّيت بأسماء أخرى كثيرة منها المنجية لأنّها تنجّي صاحبها من عذاب القبر، وسمّاها ابن عباس بالمجادلة لأنّها تجادل عن صاحبها في القبر، وبعض العلماء يرى أنّها تحاجج عن صاحبها يوم القيامة حتى تدخله الجنة، ولهذا كله حرص النبي على تلاوتها وتذكير المسلمين بها لما لها من فضائل عظيمة عند الله.