جلال دحموني / رئيس جمعية المستقبل لمهنيي وحرفيي فاس العتيقة تعيش فاس هذه الأيام على إيقاع حراك اجتماعي احتدامي بين جمعيات المجتمع المدني والمجالس المنتخبة بالمدينة على خلفية تدهور الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتراكم المشاكل عوض إيجاد الحلول لها، إذ أن المدينة تعيش على إيقاع فوضى عارمة وتخبط في التدبير والتسيير للشأن العام المحلي وتنكر المجالس المنتخبة لوعودها الانتخابية. ولا زال الكل يتذكر أن أول خطوة قام عمدة مدينة فاس بعد توليه رئاسة المجلس الحضري للعاصمة العلمية هو إقدامه على شراء حوالي 45 سيارة لأعضاء مجلسه الموقر بغلاف مالي ضخم، وكان مبرره أنذاك هو تمكين أعضاء المجلس من وسائل العمل. والآن بعد ثلاث سنوات من توليهم مسؤولية تدبير الشأن العام المحلي، أصبحت فاس تعيش على إيقاع معادلة ضياع فرص التنمية والتطور وازدياد صبيب المخاطر التي تهدد مدينة فاس بسكتة قلبية لقدر الله، حيث انهارت الحياة الاقتصادية إلى الحضيض وتفاقمت الاختناقات الاجتماعية من خلال ارتفاع نسبة الجريمة وفوضى النقل السري وفوضى الاقتصاد غير المهيكل وتدني القدرة الشرائية واهتراء البنية التحتية الطرقية والمسالك الطرقية التي تربط أحياء مدينة فاس ببعضها البعض واستمرار تواجد عدد من المعامل والشركات في وضعية الإغلاق والإفلاس وانسداد أفق الشغل لدى شرائح خريجي الجامعات ومعاهد التكوين المهني واللائحة طويلة. كل هذه الإفرازات المهددة للسلم الاجتماعي والنسيج الاجتماعي والثقافي للعاصمة العلمية انتجها سوء التدبير والتسيير للمجالس المنتخبة التي تتعامل مع قضايا تدبير الشأن المحلي للمدينة بمنظور حزبي انتخابوي ضيق. وللأمانة أيضا أن السلطات المحلية والأمنية تقوم بجهود حثيثة وكبيرة انطلاقا من مواقعها والمهام المنوطة بها في مجال اختصاصاتها لاحتواء الوضع، غير أن اختصاصات تدبير الشأن العام المحلي تمسكها المجالس المنتخبة التي يؤكد واقع فاس اليوم أنها فشلت فشلا ذريعا في تدبير الشأن العام الفاسي ... وعلى إثر هذه الوضعية المزرية التي أصبحت غير مطاقة من سكان مدينة فاس، ظهرت مبادرات من جمعيات المجتمع المدني تروم إلى تنسيق جهود كافة مكونات النسيج الجمعوي للمدينة ودق ناقوس الخطر من خلال لفت إنتباه المسؤولين وكافة المتدخلين للعمل على احتواء هذه المشاكل قبل أن تزداد تفاقما وقبل أن تصاب العاصمة العلمية بالسكتة القلبية. وقد استندت مبادرات المجتمع المدني بفاس إلى الدور الدستوري الذي خوله دستور 2011 للجمعيات باعتبارها شريك أساسي في صناعة العملية التنموية من خلال قوتها الاقتراحية وقيامها بوظائف التتبع والمراقبة والترافع من أجل قضايا الشأن العام، وهو الأمر الذي لم يعجب رئيس المجلس الحضري لمدينة فاس، حيث خرج بتصريح في بعض وسائل يرد على مبادرة المجتمع المدني بأسلوب، وصف بيان ذات الجمعيات بالاسلوب غير اللائق ويفتقد لأدنى حس المسؤولية ويتضمن تهديدات صريحة للفعاليات الجمعوية من أجل إنقاذ مدينة فاس وتجييش المنظمات الموازية لحزب رئيس جماعة فاس عبر بيانات وخرجات بمواقع التواصل الاجتماعي وتصريف مغالطات من قبيل تمويل مبادراتنا من جهات معينة وأنها تخدم أجندة سياسية معينة، بحسب ذات البيان. من جهتها فندت الجمعيات الموقعة على البيان هذه الاتهامات والتي قالت أن عمدة يحاول من خلالها طمس حقيقة فشلهم في تدبير وتسيير المدينة وعدم الإيفاء بالوعود الانتخابية. باقي التفاصيل يتضمنها البيان المعنون ب"بيان رقم 1" الصادر عن تكتل الجمعيات المدنية بفاس المسمى "فعاليات المجتمع المدني من أجل المساهمة في إنقاذ مدينة فاس"... وهذا ما جاء في نصه (انظر البيان الأصلي رفقته) على رأس على إثر الدينامية التي تشهدها فعاليات المجتمع المدني من أجل المساهمة في إنقاذ مدينة فاس وموضوعية ومشروعية الأفكار الهادفة إلى إثارة الانتباه للوضعية المزرية التي تعيشها العاصمة العلمية للمملكة المغربية جراء سوء تدبير المجالس المنتخبة بالمدينة، هذه المبادرة تهدف كذلك لتقديم الحلول والمقترحات من أجل الخروج من هذه الوضعية المتدهورة للمدينة على شتى المستويات، ويكفي أن نذكر هنا أنها انتقلت من الرتبة الثانية على المستوى الاقتصادي بعد الدارالبيضاء إلى الرتبة الثانية عشر مع احتفاظها بالرتبة الثانية من حيث الكثافة السكانية إضافة للتراجع في مؤشرات النمو في المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية والبيئية... وعوض أن تلقي هذه المبادرة الترحيب وسعة الصدر من طرف المسؤولين المنتخبين بالمدينة وفتح باب الحوار والتواصل مع فعاليات المجتمع المدني أو تقديم حلول علمية وأجوبة شافية على المشاكل التي تتخبط فيها ساكنة مدينة فاس، وبأسلوب غير لائق خرج علينا رئيس جماعة فاس بتصريح يفتقد لأدنى حس المسؤولية ويتضمن تهديدات صريحة للفعاليات الجمعوية من أجل إنقاذ مدينة فاس وتجييش المنظمات الموازية لحزب رئيس جماعة فاس عبر بيانات وخرجات بمواقع التواصل الاجتماعي وتصريف مغالطات من قبيل تمويل مبادراتنا من جهات معينة وأنها تخدم أجندة سياسية معينة في حين أن كل الوقائع الميدانية والذاتية والموضوعية لهذه المبادرة تفند كل هذه الاتهامات التي تهدف لطمس حقيقة فشلهم في تدبير وتسيير المدينة وعدم الإيفاء بالوعود الانتخابية، ونشير هنا للغياب التام لرئيس المجلس الجماعي لفاس ورؤساء المقاطعات وأيضا رئيس مجلس جهة فاسمكناس ورئيس مجلس العمالة ورؤساء الغرف المهنية والبرلمانيين عن مدينة فاس وهمومها ومشاكلها وإعطاء اهتماماتهم لحياتهم الحزبية الضيقة، ولعل كل هذه التهديدات تهدف لتلجيم ومصادرة حق المجتمع المدني الدستوري في التتبع والمراقبة والترافع والديمقراطية التشاركية في إطار الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. وفي الأخير نعلن للرأي العام المحلي والوطني بأننا متشبثون بحقنا الدستوري في الترافع عن قضايا وهموم مدينتنا وساكنتها التي اغتصبت من طرف المجلس المنتخبة وذلك في إطار الاحترام التام للثوابت الوطنية والخطب والتوجيهات الملكية السامية المحفزة والرامية إلى إشراك المجتمع المدني وعموم المواطنين والمواطنات في تدبير شؤونهم المحلية.