اختتم الملتقى الجهوي الحقوقي حول واقع حقوق الإنسان بجهة فاسمكناس الذي احتضنته قاعة مقاطعة أكدال بعد زوال يوم السبت 20 أكتوبر 2018، فعالياته بعد ملامسة واقع الجهة الحقوقي بالتشخيص والتمحيص والتحليل من طرف المشاركين والمشاركات. وخلال هذا الملتقى أجمع كل المشاركين أن صحة واقع حقوق الإنسان بالجهة تعتريها العديد من الاختلالات تتمثل في عدم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وارتجالية في التدبير على مستوى عدد كبير من الجماعات الترابية علاوة على اختلالات تهم التنمية المجالية واهتراء الشبكة الطرقية القائمة بالاضافة مظاهر العزلة والتهميش التي لازالت إلى يومنا هذا تعاني منها عدة مداشر وقرى بالعالم القروي التابعة لجهة فاسمكناس. وفي ذات السياق أبرز المتدخلون أن جهة فاس تتمتع بإمكانات طبيعية وتراثية وثقافية هائلة قادرة أن تجعل من الجهة نموذجا في التنمية المستدامة لو توفرت الإرادة والرغبة في الاستثمار فيها، مؤكدين على ضرورة إعطاء الأولوية للشباب وتمكين الحاملين منهم للشواهد لعليا من المشاركة في تدبير الشؤون المحلية العامة وتمكينهم من تحقيق مشاريع ذاتية من خلال الدعوة إلى خلق صندوق جهوي وصاديق إقليمية تكون مهمتها دعم حاملي المشاريع من خريجي الجامعات والمعاهد العليا ومراكز التكوين المهني ومواكبتهم في تنزيل مشاريعهم وتوسيع الشبكة الطرقية وتأهيل البنية التحتية الاجتماعية الصحية والتعليمية والفندقية لتنشيط السياحة الجبلية لأجل خلق الثروة وامتصاص معضلة البطالة. وعلى مستوى التقليل من منسوب الجريمة التي بدأت تغزو بكثرة مداشر وقرى العالم القروي وارتفاع معدلاتها بالمجال الحضري، أكد الدكتور سعيد الحليمي العميد الممتاز بولاية أمن فاس في مداخلة تحت عنوان: المزاوجة بين المقاربة الردعية والتربوية لمعالجة الجريمة ..ضرورة ملحة لضمان احترام حقوق الإنسان" أن المقاربة الزجرية متناقضة ظاهريا مع المقاربة التربوية، ولكنهما متلازمتين لأجل الضبط الاجتماعي الذي يتكون من عناصر مختلفة وتحيل في مجملها على ما هو تربوي و ثقافي، و منها الوازع الأخلاقي المرتبط بعوامل التربية و التنشئة و رؤية الفرد و نظرته للمجتمع. ينضاف إلى ذلك هاجس الخوف أو التخوف من عقوبة الإخلال أو المس بحقوق أي طرف، مؤكدا أن أي تدخل أو عملية أمنية تراعي هذه الضوابط والقواعد والمبادئ والأدبيات، و تعمل على التطبيق السليم للقانون والتنزيل المناسب للدستور، مع مراعاة الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان. وخلال ذات الملتقى تم تكريم رمزي لنساء ورجال ولاية أمن فاس اعتراف بجهودهم في السهر على حماية أمن وسلامة المواطنين وتوفير الطمأنينة لهم، خصوصا وأن إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من دسمبر 1998 يصنف رجال الأمن والشرطة من المدافعين عن حماية حقوق الإنسان، وهم بالفعل كذلك. كما تم تكريم السيدة وفاء البقالي رئيسة جمعية فاطمة الفهرية للتنمية والتعاون اعترافا بجهودها في مجال العمل الاجتماعي والخيري والدبلوماسية الموازية. هذا وقد كلل الملتقى الجهوي بإصدار بيان ختامي جاء نصه كالتالي:
نص البيان الختامي الصادر عن الملتقى الجهوي الحقوق حول واقع حقوق الإنسان بجهة فاسمكناس تحت شعار " نحو مقاربة تشاركية لتوطيد احترام حقوق الإنسان" فاس بتاريخ 20 أكتوبر 2018
إن المشاركين والمشاركات في الملتقى الجهوي الحقوقي حول واقع حقوق الإنسان بجهة فاسمكناس في دورته الأولى الذي احتضنته مدينة فاس بمبادرة وتنظيم من المركز المتوسطي لحقوق الإنسان ، بتاريخ 20 أكتوبر 2018 تحت شعار: "نحو مقاربة تشاركية لتوطيد احترام حقوق الإنسان"، والذي همّت فعالياته رصد وتشخيص واقع حقوق الإنسان بالجهة على كافة المستويات ومختلف الأصعدة. إذ أن رصد وتشخيص هذا الواقع ساعد المتدخلين والمشاركين في تحديد مكامن الخلل والعلل ومن ثمة مقاربتهم للحلول الممكنة التي من شأنها أن تصون المكتسبات وتعزز الجهود الرامية إلى توطيد احترام حقوق الإنسان وفق فلسفة العمل التشاركي والتكاملي مع التركيز على فتح المجال للشباب المثقف والحامل للشواهد العليا إلى المساهمة والمشاركة الفعلية في النهوض بواقع الجهة ودفع قاطرتها التنموية نحو بر العدالة الاجتماعية والمجالية والكرامة الإنسانية على اعتبار أنهم يشكل العمود الفقري لمغرب اليوم ولبناء مستقبل جيل الغد. وانطلاقا من المناقشات التي جرت والتي أكدت على ضرورة العناية بالإنسان أولا وأخيرا وتعزيز عقيدة الإحساس بالانتماء الوطني لديه لكي يصبح عنصرا فاعلا ومنتجا للثروة ومساهما في تنمية بلدته. واعتبارا للتحديات الراهنة التي نعيشها يوميا بجهة فاسمكناس والتي تشكل قلقا حقيقيا لكل المتتبعين والمراقبين المهتمين بالشأن العام المحلي وتدبير السياسات العمومية، ولا سيما في مجال الأمن الغذائي والصحة والتعليم والشغل والاستقرار والأمن الاجتماعي جراء الاختلالات التي تم رصدها، وتلازم تدبير السياسات العمومية بجهة فاسمكناس والتي يؤدي ثمنها الشباب والمناطق القروية من خلال انسداد أفاق التشغيل والعزوف السياسي من خلال إبعاد الشباب والكفاءات والأطر بطريقة أو أخرى عن المشاركة في العمليات التنموية بشتى الوسائل وإقصائهم عن المساهمة في صناعة القرارات التي تهم التخطيط لمستقبلهم كشباب ومستقبل المناطق المحلية التي ينتمون إليها . فإن المشاركين في فعاليات الملتقى أجمعوا على أن جهة فاسمكناس تتوفر على مؤهلات وإمكانيات طبيعية وتاريخية وتراثية قادرة أن تجعل منها جهة نموذجية في صدارة النماذج التنموية المتقدمة، إذا تم استثمار مؤهلاتها بطريقة علمية سليمة مبنية على التخطيط العلمي والاستراتيجي والعمل التشاركي، ومن ثمة فإنهم:
أولا: يلتزمون ب:
1. العمل من أجل المساهمة في تنسيق الجهود وتكاثفها من أجل مستقبل واعد بجهة فاسمكناس، و المساهمة في صون كرامة الإنسان وإنسانيته كإنسان من خلال محاربة الفقر والآفات الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي تكبل طاقاته الإبداعية وتغتال تطلعاته المشروعة، والتصدي لكل الأشكال المعيقة للتنمية الإنسانية واستثمار العلم والمعرفة والتقدم العلمي والتكنولوجي لصالح الإنسانية والتوازن البيئي والإيكولوجي والحفاظ على تنوعه البيولوجي. 2. المساهمة في تمكين المواطن من التمتع بجميع حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار احترام القانون على أساس معادلة الحقوق والواجبات والمساهمة في حماية الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي ، لكي يكون قادرا على الخوض في مسائل الإنتاج والابتكار والإبداع والمساهمة بشكل إيجابي في بناء المجتمع الذي هو عضو فيه. 3. العمل على إشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين الناس والانخراط في تنفيذ أهداف الألفية الثالثة الإنمائية في شتى المجالات كل من موقعه تعزيزا لكرامة الناس وصونا لمكتسباتهم وتدعيما للجهود الرامية إلى تعزيز وتوطيد احترام حقوق الإنسان وتحقيق الازدهار والتقدم والتنمية المستدامة. ثانيا- يؤكدون 1. على المساهمة في إبراز مؤهلات وإمكانات الجهة وتسويقها بهدف جذب المستثمرين ورجال المال والأعمال وعلى أهمية انخراط الشباب في هذه المهمة وتمكين الحاملين منهم للشواهد العليا من خلق مشاريع ومقاولات لخلق فرص شغل والمساهمة في تنمية الثروة الجهوية. 2. على ضرورة حماية المنتوجات التقليدية المحلية وتدعيم العاملين بها لتمكينهم من النهوض بهذا القطاع الحيوي باعتباره يساهم بقسط أوفر في امتصاص معضلة البطالة والعطالة. 3. رفضهم لمفاهيم العولمة الثقافية الداعية إلى طمس الهوية الثقافية للمجتمعات والتأكيد على أهمية التعاون والتآخي بين الأمم والمجتمعات. 4. على أهمية التنمية المجالية في ضبط التوازن الديمغرافي لمناطق الجهة وتوزيع الثروة والاستفادة من ثمار التنمية بشكل عادل ومتوازن. 5. على ضرورة احترام حقوق الإنسان والحريات الاساسية باعتبارها حقوق متأصلة في الإنسان وغير قابلة للتصرف. ثالثا - يدعون الإدارات العمومية والحكومية المختصة إلى: 1. تنزيل الجهوية المتقدمة ومحاصرة مختلف مظاهر الاحتقان الاجتماعي بالتفاعل والتجاوب مع المطالب المشروعة للمواطنين والمواطنات وتنزيل العدالة المجالية. * ضرورة تكثيف جسور وعمليات التعاون والعمل التشاركي في شتى المجالات بين كافة المتدخلين والفاعلين بالجهة ، وضرورة توحيد جهودها وطاقاتها وتنسيقها لمصلحة أقاليم الجهة. * تشجيع مغاربة العالم من أبناء الجهة إلى الاستثمار بالجهة وتسهيل المساطر الإدارية لهم وتمكينهم من مناخ استثماري ملائم لهم وتبسيط المساطر الإدارية الخاصة بإنشاء مقاولاتهم . * خلق صندوق خاص لتشجيع وتحفيز البحث العلمي بالجهة وتشجيع الطلبة الباحثين على الابتكار والإبداع من خلال تحفيزهم بحوافز مادية واالعمل على استثمار بحوثهم في مشاريع التنمية الجهوية والمجالية. * تمكين جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني من جميع أشكال الدعم والمساعدة على أساس برامج ومشاريع هادفة سيما في مجال المشاريع المدرة للدخل ومشاريع التنمية البيئية والإيكولوجية. رابعا - التوصيات: 1. المزاوجة بين المقاربة الأمنية والتربوية ضرورة ملحة لردع كل من له ميول انحرافي وإجرامي وتأهيل آخرين وإدماجهم في النسيج السوسيوقتصادي والتركيز على المقاربة التربوية كإجراء وقائي من السقوط في فخ الانحراف.. 2. فتح تحقيق في المشاريع والصفقات الفاشلة التي كلفت ميزانيات ضخمة من المال العام وتحديد المسؤوليات قصد ترتيب المساءلة القانونية في إطار تفعيل ربط المحاسبة بالمسؤولية. 3. استحداث صندوق جهوي وصناديق إقليمية بمختلف أقاليم الجهة تتولى مهمة دعم حاملي المشاريع من خريجي الجامعات والمعاهد العليا ومراكز التكوين المهني على أساس معايير شفافة ومعيار فعالية المشاريع موضوع الدعم. 4. ترسيخ شعار "لا مصالحة ولا تطبيع مع الفساد ومبددي المال العام" لأجل ترشيد استعمال المال العام وتكريس قيم الحكامة الجيدة . 5. العمل على إشاعة ثقافة حقوق الإنسان سلوكا ومنهجا وترسيخ قيم التضامن والتآزر والمحبة والتعاون بين مختلف مكونات المجموعة البشرية. 6. ضرورة إعادة النظر في إصلاح القطاع الصحي لتمكين المواطنين والمواطنات من الولوج إلى خدمات صحية تليق بإنسانيتهم وبأدميتهم. 7. إدخال مادة التربية على حقوق الإنسان ضمن البرامج التعليمية وتأهيل المدرسة العمومية بالشكل الذي يجعلها قادرة على صناعة رجال الغد وعقول مغرب الغد. 8. خلق تكتل حقوقي يتكون من فعاليات وجمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وحماية البيئة وترشيد استعمال الموارد المالية، يكون مهمته الأساسية رصد واقع الجهة وتشخيصه ومواكبته. عن المشاركين بالملتقى الجهوي الحقوقي حول واقع حقوق الانسان بجهة فاسمكناس فاس في 20 أكتوبر 2018