غدا تنطلق أشغال المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    مكناس.. لائحة زيت الزيتون البكر الممتازة التي توجت خلال المباراة الوطنية    الفروع ترفع رقم معاملات "اتصالات المغرب"    مطار مراكش المنارة الدولي .. ارتفاع حركة النقل الجوي خلال الربع الأول    ارتفاع أرباح اتصالات المغرب إلى 1.52 مليار درهم (+0.5%) بنهاية الربع الأول 2024    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    وكالة القنب الهندي تصدر 2905 تراخيص    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    14 ألف مواطن إسباني يقيمون بالمغرب    تحويل الرأسمالية بالاقتصاد اليساري الجديد    رصد في ضواحي طنجة.. "القط الأنمر" مهدد بالانقراض ويوجد فقط في حدائق الحيوانات    المغربي إلياس حجري يُتوّج بلقب القارئ العالمي للقرآن    غير كيزيدو يسدو على ريوسهم: الجزائر انسحبت من كاس العرب فالمغرب بسبب خريطة المغربة    نجم مغربي يضع الزمالك المصري في أزمة حقيقية    إتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة بجهة سوس ماسة يُنظم ورش عمل تفاعلية حول مبادئ الصحافة الرياضية ( فيديو )    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    بسبب تعديلات مدونة الأسرة.. البرلمانية اليسارية التامني تتعرض لحملة "ممنهجة للارهاب الفكري"وحزبها يحشد محاميه للذهاب إلى القضاء    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    الدراجات النارية وحوادث السير بالمدن المغربية    عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش الاسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر من نتانياهو    مكتب التكوين المهني/شركة "أفريقيا".. الاحتفاء بالفوجين الرابع والخامس ل"تكوين المعل م" بالداخلة    واشنطن طلبات من إسرائيل تعطي إجابات بخصوص "المقابر الجماعية" ف غزة    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    أخرباش تشيد بوجاهة القرار الأممي بشأن الذكاء الاصطناعي الذي جاء بمبادرة من المغرب والولايات المتحدة    اتفاقية الصيد البحري..حجر ثقيل في حذاء علاقات إسبانيا والمغرب!    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    رابطة للطفولة تعرب عن قلقها من التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق في دورة تكوين الأطر    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    جنايات أكادير تصدر حكمها في ملف "تصفية أمين تشاريز"    الشاطئ البلدي لطنجة يلفظ جثة شاب فقد الأسبوع الماضي    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسيمة وآمنة..
نشر في تطوان بلوس يوم 22 - 06 - 2019

الإسمان الواردان في العنوان أعلاه هما فعلا لأنثيين، لكنهما ليسا لتوأمين غنائيين خرجا معا من بطن واحدة، كما هو الشأن بالنسبة للفنانتين المحبوبتين "هناء وصفاء"، اللتين تجمعان بين عذوبة الغناء والانسجام في الأداء، وشكلتا بذلك نجمتين في سماء الفن الراقي. ولا هما لثنائي نسوي فكاهي ملتزم، وحريص على تحويل بعض القضايا الاجتماعية والسياسية إلى مادة دسمة للسخرية. بل هما لقياديتين بارزتين في حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية يقود الحكومة لولايتين متتابعتين منذ عام 2012، قال عنه كبيرهم السابق ابن كيران المثير للجدل والذي لقنهم مبادئ "المهاترات"، بأنه هبة من السماء، جاء ليهدي الناس إلى طريق الصلاح ويمهد لهم أسباب الرخاء...
ف"بسيمة وآمنة" كان يوحدهما الحجاب وازدواجية الخطاب قبل أن تفرق بينهما معركة اندلعت شرارتها فجأة عبر الأثير الإذاعي ذات مساء من أيام الجمعة "المباركة"، وهما بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والأسرة والمساواة والتنمية الاجتماعية للولاية الثانية على التوالي في الحكومتين السابقة والحالية، والشهيرة لدى المغاربة ب"وزيرة 20 درهم"، نسبة إلى تصريحات سابقة لها تقول فيها بأن "من يكسب مبلغ 20 درهما في اليوم، لا يدخل في دائرة الفقر". والبرلمانية آمنة ماء العينين المعروفة ب"تخراج العينين"، التي استعملت الأمانة العامة للحزب ضدها "الفيتو" للحيلولة دون عودتها إلى منصب نائبة رئيس مجلس النواب، على خلفية الجدل الحاد الذي أثاره تداول صورها على نطاق واسع بمنصات التواصل الاجتماعي، والتي تبدو فيها متبرجة أمام إحدى الحانات: "الطاحونة الحمراء" بأرقى شوارع العاصمة الفرنسية باريس.
ولأن الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، لا يغفل عن كل كبيرة وصغيرة مما يقوم به عباده من صالح الأعمال أو يقترفونه من باطل الأفعال، وأنه يمهل ولا يهمل الذين تزين لهم شياطينهم المتاجرة باسمه، فقد شاءت إرادته إلا أن تسقط أوراق التوت تباعا عن عورات البعض ممن اتخذوا من اللحى والأحجبة أدوات للتضليل، وجعلوا من الخطاب الديني سجلا تجاريا لإغواء البسطاء والتلاعب بعقولهم ودغدغة عواطفهم، ومطية للعبور الآمن نحو أهم المناصب والمكاسب والحقائب الوزارية. وبعد هذا التذكير السريع، ما هي يا ترى طبيعة المعركة التي اشتعل أوارها بين القنديلتين اللامعتين؟
فحسب بعض العارفين بخفايا الحزب الذي ما انفك قياديوه يدعون الطهرانية ويتبجحون بالقيم الرفيعة وادعاء إصلاح البلاد وتخليق الحياة العامة، أن صراعات خفية كانت تدور بين آمنة وبسيمة، وأن هذه الأخيرة ظلت تترقب المناسبة لتصفية حساباتها مع الأولى، فكان أن وجدت في استضافتها من قبل برنامج إذاعي مساء يوم الجمعة 14 يونيو 2019 فرصة ذهبية، لتوجيه الضربة القاضية لغريمتها. إذ في معرض ردودها قالت بسيمة عن صور آمنة بباريس، بأنها طالما التزمت الصمت ونأت بنفسها عن الخوض في الموضوع، وتمنت بشدة لو أن آمنة تملك الشجاعة الكافية لتكون كما هي، كما تمنت لو لم تكن لها هوية مزدوجة، وتصرح بذلك علانية دون مواربة أو مخافة معاتبة الآخرين لها...
وكانت هذه الكلمات وحدها كافية لتأجيج غضب "النائبة" آمنة، وتعميق آلامها وأحزانها المترتبة عن تلك الضربات الموجعة، التي انهالت عليها من كل حدب وصوب، من القريب والبعيد، ومن الصديق والعدو، والتي مازالت جراحها العميقة لم تندمل بعد. وبما أنه لم يعد لديها ما تخسره بعد انكشاف زيف خطابها وما كانت تمارسه من تقية ونفاق في استقطاب الناخبين وكسب أصواتهم في مواسم الانتخابات، ولأنها شعرت كذلك بأن الحزب بات ينظر إليها كورقة محروقة، فإنها لم تتأخر في رد الصاع صاعين. إذ اختارت أن يكون الرد فصيحا وصريحا في تدوينة لها على صفحتها الشخصية بالفيسبوك، انتقت لها من الجمل والعبارات ما تراه مناسبا في إيصال رسائلها ليس فقط إلى بسيمة، بل إلى أكبر عدد ممكن من أعضاء الحزب وغيرهم، دون أن تتخلى عن خطاب المظلومية في حديثها عما تراه هجمات مغرضة، ناسية أنها فقدت "عذريتها" السياسية منذ أن ألقي عليها القبض متلبسة هناك في عاصمة العطور والخمور، وهي تدوس على شعار زميلاتها "حجابي عفتي".
لقد حكت "آمنة" عن حملة التشهير الواسعة التي تعرضت لها وشعورها بالخذلان من قبل الكثيرين، وعن اختفاء البيجيديين خلف أسوار المرجعية الدينية، وما أصبح عليه الحزب من إخلالات وتراجعات، تتمثل في الكيل بمكيالين وانعدام الديمقراطية، غياب الشجاعة الللازمة في الكشف عن التجاوزات الداخلية من تحرشات جنسية ومحسوبية وسواهما كثير وخطير. وأنه كان الأجدر بمن ينتقدها الانكباب على محاربة الفقر وكشف صانعيه والمستثمرين فيه، التصدي للمفسدين الحقيقيين وإنصاف النساء ضحايا الإقصاء والتهميش واللامساواة... ولعل أخطر ما ورد في كلامها والذي لا يمكن اعتباره مجرد "زلة قلم"، هو ما قالته عن عدم السماح لنفسها بالحديث عن عمل "بسيمة" رغم ما في جعبتها من أمور كثيرة، فأين نحن إذن من الموضوعية في مراقبة البرلمانيين للأداء الحكومي؟
فما حدث بين البطلتين بسيمة وآمنة يكاد يشبه إلى حد ما مقولة "إذا اختلف اللصان ظهر المسروق"، وليس المسروق هنا سوى إرادة الشعب في التغيير، حيث اتضح جليا أن الحزب الذي بنى "مجده" على الطهرانية والقيم الأخلاقية، وقيل الكثير عن قوته التنظيمية وتماسك أعضائه وانضباطهم لقوانينه الداخلية وقرارات قيادته، والمتميز بحسن التدبير والحكامة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة والديمقراطية... ليس في واقع الأمر سوى حزبا انتهازيا، يرجح قياديوه مصالحهم الذاتية على المصالح العليا للوطن وأبنائه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.