وزير خارجية سيراليون : العلاقات مع المغرب بلغت "مستوى غير مسبوق"    ميارة يتطلع لفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي مع البرلمان التشيكي    صديقي: الفلاحة فإفريقيا خاصها استراتيجيات تكييف شادة فراسها    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    بلاناس: "سيام" ملتقى لتبادل الخبرات.. المغرب وإسبانيا يواجهان تغيرات المناخ    "ملفات حارقة" تنتظر عمل اللجان النيابية    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تهمة الاتجار في عملات أجنبية بدون ترخيص تطوق عنق الناصري وبعيوي    بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    النقابة الوطنية للعدل تشل محاكم المملكة وتتهم وزارة العدل ب "الغش"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    مسيرة شعبية بمدينة تطوان تضامنا مع أهل قطاع غزة والشعب الفلسطيني    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    وزير الصحة: أربعة أمراض غير سارية تكلف 75% من النفقات الإجمالية لصندوقي التأمين عن المرض بالمغرب    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص لتورطهم في حيازة وترويج مخدر الكوكايين    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    بسبب انقطاع شلّ مرافق مقاطعة مرس السلطان.. الداخلية تمنح بودريقة أسبوعا لاستئناف مهامه    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    عندما تخاف فرنسا.. تُكثر من التصريحات وتعود إلى حضن المغرب!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    حنان حمودا تصدر طبعة ثانية لكتاب "الماء وصناعة المقدس: دراسة أنتروبولوجية لبنيات المجتمع الواحي بالمغرب"    الفلاحة المستدامة.. القرض الفلاحي للمغرب والوكالة الفرنسية للتنمية يوقعان اتفاقيتي قرض    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    الاتحاد المصري يستدعي المغربي الشيبي    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    سباق النصر النسوي يطفىء شمعته ال 14 يوم الأحد المقبل وسط أجواء رياضية واحتفالية    القميص ‬البرتقالي ‬يمرغ ‬كبرياء ‬نظام ‬القوة ‬الضاربة ‬في ‬التراب‬    سلسلة زلازل تضرب تايوان أشدّها بقوة 6,3 درجات    ماذا نعرف عن كتيبة "نيتسح يهودا" العسكرية الإسرائيلية المُهددة بعقوبات أمريكية؟    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20    ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الأمثال العامية بتطوان... (579)    تقوى الآباء تأمين على الأبناء    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضية الفلسطينية وما تعرفه من الفراغ الثقافي
نشر في تطوان بلوس يوم 24 - 02 - 2020

لاشك أن معارك الشعوب ونهضتها وتحررها،إنما تبنى في الأس والأساس على معارك ثقافية،باعتبار هذه الأخيرة وسيلة حاسمة في صناعة الإنسان وبالتالي صناعة الحضارة التي تتدخل بدورها في تغيير الطبيعة وفق التصورات والقيم الثقافية للإنسان حتى قيل:"التصور عنوان التصرف"،ورغم كل هذه الأهمية القصوى لدور الثقافة بمفهومها الأنتروبولوجي الواسع في توضيح المفاهيم والتصورات و كسب المعارك ورفع التحديات وتحقيق الرهانات،فقد عرف الاهتمام بها عبر مسار القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة - مع الأسف - تراجعا غير مفهوم أدخل العديد من الاختلالات في التصورات والممارسات،مما جعلها تتراجع في مختلف المجالات الحيوية وعلى رأسها المجالات الثقافية المؤسسة لغيرها من المجالات؟؟.
ومن المفاهيم الثقافية التي التبست على الكثيرين وتراجع على إثرها وبسببها مستوى اهتمامهم بالقضية،على الأقل مقارنة مع الزخم الذي كانت تعرفه في عقود السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات،حيث كنا نستمتع ونتربى على العديد من العروض والندوات والمهرجانات والمعارض وغيرها من الفعاليات الثقافية للقضية،والتي كانت هي الثابت والشاسع في مختلف برامج وأنشطة كل الهيئات الثقافية والمؤسسات التربوية والتنشئة الاجتماعية من دور الشباب ومسرح الهواة والمسرح الجامعي والمخيمات الصيفية والأسابيع الثقافية والتضامنية لجمعيات المجتمع المدني؟؟،هيئات وهيئات أصبح العديد منها اليوم - مع الأسف - يفتخر بأن العرض والمعرض والأنشودة والمسرحية الفلسطينية قد أصبحت عنده من الممنوعات تحت شعار:"كفانا بكاء وصراخا،ولنعش حياتنا بلا هموم ولا مشاكل"؟؟.
ومن المفاهيم الثقافية الملتبسة في القضية والتي حاولت وتحاول جهات وسياسات تطبيعية وتكنولوجيات وثقافات تبسيطية،تسطيحها وتغليطها لتحييدها وتجاهلها في بناء التصورات والممارسات والاتزامات،نذكر ما يلي:
1- في سبب التبني والتعاطف مع القضية: وهل هو عقائدي كما ينبغي،لازال واضحا وناطقا إلى يوم الدين،كما قال تعالى:"سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله"الإسراء/1. وفي الحديث:"مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ َوتعاطُفِهِمْ،مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى"/ متفق عليه.و المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض،ومن لم يهتم بأمرهم فليس منهم؟؟،أو فقط كما يقول ع.برشيد في تفسير الاهتمام الفني القوي بالقضية:"نريد أن نحرر هنا من هناك ونحرر هناك من هنا"،وكل هنا وهناك لازال لم يحرر ولم ينمى بالشكل المطلوب؟؟.
2- في مفهوم العروبة: إذ كثيرا ما نصيح:"قولوا لتجار السلام..فلسطين عربية..لا تفوض لا سلام..لا حلول استسلامية"، فماذا تبقى من العروبة إذا قصرت نظرتها إلى قيم الحرية والأمن والكرامة والعدالة والنصرة والتضامن..؟؟.أين الجامعة العربية وقممها من شعارات المصير المشترك والدفاع المشترك والرفض والتصدي،وقد أصبحت اليوم - مع الأسف - أكبر مسلم في حق الشعب الفلسطيني،بل ماذا أصبح يجمع العرب في المشرق والمغرب غير التبعية والتمزق وحروب البعض على البعض وثورات الربيع العربي على أنظمة التخلف والفساد والاستبداد،فكيف ستصبح فلسطين قضيتهم ولكل منهم قضية وقضية بل هم أنفسهم قضايا وقضايا شائكة؟؟.
3- في معنى الدولة والسلام: من دولة جامعة مانعة حرة آمنة تشمل فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر شعارها:"أمس واليوم وغدا،الأرض كل الأرض لها اسم واحد هو فلسطين"،إلى مجرد خنادق غزة والضفة على ما يقارب حوالي 27 % فقط من الأراضي الفلسطينية كما يقول "عباس أبو مازن" بدل دولة تقوم على حدود 67 أو حدود ما قبل النكبة في 48 ؟؟، دولة تنفصل فيها الضفة عن غزة رؤية ومنهاجا فتحاصرها وتقطع عنها الأجور والنور والإمداد وتقود فيها مسلسل الاعتقالات والاغتيالات باسم الكيان ونيابة عنه؟؟،دولة مطلوب منها حسب "صفقة القرن" تفكيك الجيش الفلسطيني ونزع سلاح المقاومة وعدم طرد اليهود من منازلهم مقابل عدم طرد العرب من منازلهم،وهو كما يقول عزمي بشارة:"اعتراف واضح وصريح بالمستوطنات"،أو كما يقول عباس أبو مازن:"دولة موظفة"؟؟.
4- في معنى المقاومة والمرابطة على المقدسات: مقاومة كبدت العدو خسائر عسكرية فادحة ونفسية مريرة جعلته يأخذ ألف حساب وحساب قبل إقدامه على ما ألفه من حماقاته العدوانية البشعة؟؟،وفيما يرى البعض أن هذه المقاومة الباسلة هي سبب التصعيد والتوترات،فإن المحللون يرون فيها عكس ذلك وأنها هي من أبقت على القضية حية لأن شعارها:"ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"؟؟. أما بخصوص المرابطة على المقدسات من طرف المقدسيين والمقدسيات،فهم يرابطون على أوقاف الأمة ويصبحون ويمسون على أعتابها،وهل تصدقون كما تدعي "صفقة القرن" أن الكيان سيشرف عليها ويضمن العبادات في أماكنها والتجوال في ساحاتها،وهو الذي يقوم بالحفريات المستمرة تحتها،وينوي هدمها لإقامة الهيكل مكانها،وهو اليوم لا يترك المصلين يمرون إليها إلا بالتصاريح وعبر المعابر والأسلاك الشائكة والمكهربة والكاميرات الإلكترونية، وفي الأخير،إطلاق النار بشكل عشوائي على المصلين؟؟.
5- في كثير من الشبهات القطرية الزائفة: التي رافقت وترافق التاريخ المزيف للقضية من مثل:"تازة قبل غزة"،و"بطالتي قضيتي"،و"إنما نطبع مع جاليتنا اليهودية هناك"،و"الأرض مقابل السلام،والتطبيع مقابل المساعدات والأمن والتطبيع مقابل الكراسي"،و"شعب الله المختار،وهو شعب بلا أرض،عاد إلى أرض الميعاد،وهي أرض بلا شعب"؟؟.أو"لماذا باع الفلسطينيون أرضهم للمستوطنين اليهود ثم جاؤوا اليوم يبكون علينا"،ولماذا نقاطعهم نحن والفلسطينيون يشتغلون عندهم في أراضيهم ويعبرون إليهم المعابر،بل ويسكنون عندهم في أراضي 48 ويقبلون بالتالي تسيير شؤونهم،الدولة حرة والقرار مستقل وليس بالإمكان أفضل مما كان؟؟،وكلها شبهات مخدومة غرض مروجيها إضعاف التعاطف والتضامن مع القضية وخلق نوع من الفتور والحياد اتجاهها في أحسن الأحوال،إن لم يكن طي ملفها النضالي والتضامني المساند لها و الهرولة إلى التطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب،وعدم إشهار سلاح المقاطعة الموجعة في وجهه الكالح؟؟.
فهل نعي يا قوم، حجم التلوث الفكري والانحراف الثقافي الذي أصابنا وشبابنا اتجاه القضية؟؟،هل نفهم كل هذا التراجع المهول الذي أصبحت تحظى به اليوم في برامجنا وأنشطتنا والتجاهل والتضييق الخانق في إعلامنا،مما يصيب "هنا" في المقتل قبل "هناك"،فالشباب يكون متحمسا لكل شيء أو لا شيء؟؟.والحالة هذه،فلا مخرج لنا من هذه الأزمة إلا بإعادة بناء الإنسان وإعادة التوهج للقضية في مختلف المجالات وعلى مختلف المستويات وبالممكن من الحوامل والمداخل والأدوات، وفي مقدمتها وبالموازاة معها المجال الثقافي التربوي والفني والإشعاعي،فيا جمعيات المجتمع المدني ويا أيتها الحركات الإبداعية والمؤسسات التربوية والتنشئة الاجتماعية، حيا على العروض الفكرية حول القضية تاريخها،إشكالاتها،رجالاتها،الفاعلون فيها،مقدساتها وخرائطها،أصدقائها وأعدائها، مقاومتها وبطولاتها،نجاحاتها وإخفاقاتها وأخطائها،حلولها الفاشلة وحلولها الممكنة،الوضع الحالي والرؤية المستقبلية،الرهانات والتحديات..؟؟،قصصها وروايتها وأشعارها (محمود درويش وتميم ألبرغوثي) وأفلامها القصيرة والطويلة،مسرحياتها الحماسية،معارضها للنشر والكتاب والمخطوطات والكوفية والتراث..مهرجاناتها الخطابية والثقافية وحملاتها ومسيراتها التضامنية..، دون أن ننسى الواجهة التشريعية التي نتمنى أن تكف عن جبنها وتسارع بإصدار قانون الحض على المقاطعة و تجريم التطبيع؟؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.