أولا اشكر ادارة موقع تيزبريس على منحي الفرصة للعمل معكم في هذا المنبر الاعلامي المتميز و اسال الله التوفيق.ثانيا ان المغرب قد اختار مجموعة من الخيارات و التوجهات الرامية الى جعل مجتمعنا المغربي يعود الى قيمه الاصيلة و مبادئه المتمثلة في العلمانية المحلية و الديمقراطية المتأصلة في هذه البقعة.ان هذا العالم الواسع بحضاراته و ثقافاته و تقدمه الذي يقوده الغرب بينما نحن المسلمون ظلنا سجناء لمجموعة من الايديولوجيات الرجعية باسم الدين او بمعنى اصح السلفية الدينية حيث لا يمكن لاحد منا ان يتصور او يتخيل هذه الحياة دون شيء اسمه الفنون من الموسيقى و الشعر و الرقص حسب اعراف الشعوب و قيمها الدينية المختلفة فمثلا في بعض دول الخليج نجد فنانون رجال يتناولون المواضيع كالغزل مثل محمد عبدو الخ و نجد هناك رقص رجالي بالسيوف الخ حيث ان هذا يعتبر فنا قد خرج من تلك البيئة المحافظة الى اقصى الحدود بمعنى اننا لا نتصور هذه الحياة بدون الفنون الحاملة لثقافات الامم و تقاليدهم بحيث نحن نعيش في بلد اسمه المغرب الغني بفنونه المتعددة على إمتداد رقعته الجغرافية الشاسعة و اقامة المهرجانات الصيفية هو من المسلمات و الضروريات للتنمية الثقافية و تشجيع الفن المغربي اولا و اخيرا حسب اعتقادي المتواضع . اهمية المهرجانات الصيفية و واجباتها تجاه تراثنا الفني . لا شك ان الدور الذي تلعبه المهرجانات الصيفية ليس هينا بل له دور كبير يتمثل اساسا في تنشيط الحركة الاقتصادية في المدن المستقبلة لمثل هذه التظاهرات الفنية حيث تعمل الفنادق و سيارات الاجرة و محلات التجارة الخ من مرافق الحياة الاقتصادية و السياحية بحيث ان فصل الصيف معروف في ثقافتنا المغربية بدخول جاليتنا المقيمة بالخارج الى وطنهم و الى اهلهم و الى احضان ثقافتهم الاصيلة من خلال زيارة المواسم الدينية و هذه المهرجانات المتنوعة من حيث الاهداف و المناطق سواء ان كانت حضرية او قروية مما ستساهم في فك العزلة و بناء فنادق قروية تستقبل السياح المغاربة و الاجانب و اشاعة ثقافتنا المحلية و تسويق منتوجها الفلاحي. و هكذا ستتقدم هذه المناطق نحو التنمية البشرية و الثقافية بعدما كانت على مر هذه العقود تحت ظلال التهميش و الاقصاء نتيجة لسياسات الماضي. ان موقفي من مهرجان موازين لا ينطلق من اية مرجعية ترفع شعارات بحذف المهرجانات من مشهدنا الثقافي بصفة نهائية ارضاءا لبعض تيارات الاسلام السياسي حيث انها لا تعترف اصلا بالفن كرسالة نبيلة وفق مرجعيتهم السلفية لكنني اتفق الى حد معين مع بعضهم في رفض صرف اموال الشعب في جلب فنانين من الخارج بثمن باهظ حسب ما قرأته في الجرائد بينما معظم فناني الثقافة المغربية عموما و الفنانون الامازيغيون خصوصا يعيشون اوضاع الفقر الفاحش و الحاجة و اتحدث هنا عن بعض الروايس الذين يعانون من المرض و من حيف الجهات الوصية على الشان الثقافي ببلادنا . ان الدورة الحالية من مهرجان موازين ايقاعات العالم عمدت الى اقصاء فن الروايس و فن احيدوس الخ من فنوننا الاصيلة من حقهم المشروع حيث لم يشارك احد منهم في هذه التظاهرة . و فعلا شاركت بعض المجموعات الامازيغية القليلة كازنزارن عبد العزيز الشامخ و بهذه المناسبة اتمنى لهذا الفنان الكبير حياة سعيدة حيث تزوج حديثا مع الاستاذة زينة همو الغنية عن التعريف . و كما شاركت مجموعة اودادن المعروفة ثم الفنان الكبير و سفير الاغنية الامازيغية عالميا ايدير و الفنانة الواعدة زهرة هندي فقط بمعنى ان مشاركة فناني الثقافة الامازيغية هي جد ضعيفة في مهرجان عالمي كما يقال و انتقده الكثير من الناس خارج تيارات الاسلام السياسي بسبب ميزانيته الضخمة التي تصرف على حساب الاجانب اكثر من المغاربة . انني اتفق الى حد كبير معهم في ما يتعلق بقيمنا الاسلامية المغربية حيث علينا ان نكون موضوعيين و نعترف باننا مجتمع محافظ بالمعنى الايجابي او السلبي على حد السواء و نعترف كذلك بالشيء البديهي في ثقافتنا حيث لا توجد عندنا امراة لها الجراة ان ترقص بطريقة خارج اطار الحياء و الاحترام الموجودان في بيئتنا المغربية مثل الفنانة شاكرا التي جاءت من بيئة مخالفة لهذه البيئة . و بالاضافة الى اننا نحتاج حاليا الى التنور الفكري الضامن لاستقلالنا عن اية وصاية مشرقية و لا نحتاج حاليا الى المزيد من تجييش العواطف الدينية الى اقصى الحدود مما سيسمح لتيارات الاسلام السياسي باستغلال الموقف عبر استقطاب الناس عموما و الشباب خصوصا نحو ايديولوجياتهم المشرقية و استلابهم مجددا نحو المزيد من التطرف المؤدي الى عواقب وخيمة لمغرب الحداثة و التعايش.. و بالتالي فهذا الاستغلال للدين سيوضع عراقيل امام مسار الاصلاحات القادمة تحت قيادة ملكنا الشاب بدعوة انتشار ثقافة الغرب المعادية للاخلاق و العزف على وتر الدين الحساس بالنسبة للمغاربة و عرقلة هذه الاصلاحات سيشكل خطرا على مستقبل البلاد الديمقراطي خصوصا و نحن نتحدث عن نية المغرب الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي و هذا رايي الشخصي يمكنه ان يجانب الصواب او الخطأ . اختم هذا المقال بالتأكيد على اهمية اقامة المهرجانات الصيفية لضمان استمرار التنمية البشرية و تشجيع الفنون الاصيلة المغربية برفع الحيف و التهميش على معظم الفنانين الامازيغيين على وجه الخصوص بدعمهم ماديا و معنويا عوض جلب فنانين من الخارج بثمن باهظ و هذا هو موقفي من مهرجان موازين العجيب. المهدي مالك