ان المشرعالمغربي لم يضع قواعد خاصة لكل مهنة من المهن، وانما وضع قواعد عامة للمسؤولية تحكم الفعل الضار والخطأ والعلاقة السببية ولذلك لا توجد قواعد محددة تحكم مسؤولية الطبيب ، حيث وضعت قواعد عامة يستنبط منها مدى امكانية مسألة الطبيب واركان هذه المسائلة. مهنة الطبيب على جانب كبير من الاهمية، وتختلف عن اي مهنة اخرى لان علاقة الطبيب بالمريض هي علاقة انسانية واخلاقيةكماجاءفيالقانون 94-10 المتعلق بمزاولة مهنة الطب الذي ينص على أن «الطب مهنة إنسانية». ولبحث طبيعة المسؤولية الطبية لا بدأولامن التعريف بالعمل الطبي فأنه ذلك النشاط الذي يتفق بكيفيته وظروف مباشرته مع القواعد المقررة في علم الطب، ويتجة في ذاتة، اي وفق المجرى العادي للامور إلى شفاء المريض، التخلص منالمرض او تخفيف حدته او مجرد تخفيف آلامة، و يعد كذلك من قبيل الاعمال الطبية ما يستهدف الكشف عن اسباب سوء الصحة، الوقاية من المرض، توجية وتنظيم الحياة العضوية للانسان بالنظر إلى ظروف حياته المهنية والعملية. تعرف المسؤولية بانها حالة الشخص الذي ارتكب امر يستوجب المؤاخذة وتنقسم المسؤولية بشكل عام إلى قسمين رئيسيين هما المسؤولية الادبية والمسؤولية القانونية. 1. المسؤولية الادبية: وهي المسؤولية التي لا تدخل في دائرة القانون ولا يترتب عليها جزاء قانوني، بل ان امرها موكول إلى الضمير والوجدان والوازع الداخلي، وبالتالي هي حالة الشخص الذي يخالف قاعدة من قواعد الاخلاق، والمتعارف عليها بانها مكملة للقواعد القانونية. يتضح ان المسؤولية الادبية تقوم على اساس ذاتي محض فهي مسؤولية امام الله وامام الضمير وكما ان هذه المسؤولية تتحقق حتى لو لم يوجد ضرر. 2. المسؤولية القانونية: وهي المسؤولية التي تدخل في دائرة القانون ويترتب عليها جزاء قانوني، وبالتالي هي حالة الشخص الذي يخالف قاعدة من قواعد القانون، ولا تتحقق هذه المسؤولية الا اذا وجد ضرر ولحق هذا الضرر شخص اخر غير المسؤول. ونستخلص مما سبق ان المسؤولية الادبية اوسع نطاق من المسؤولية القانونية، لانها تتصل بعلاقة الانسان بربه وبعلاقته بنفسة وبعلاقتة مع الناس، بخلاف المسؤولة القانونية التي لا تتصل الا بعلاقة الانسان بغيرة من الناس. وتنقسم المسؤولية القانونية بدورها إلى قسمين جنائية ومدنية: 1. المسؤولية الجنائية: وهي التي تتحقق عندما يرتكب الشخص فعلا يشكل جرما يعاقب عليه القانون، فتقوم هذه المسؤولية على اعتبار ان هناك ضرر اصاب المجتمع من جراء ارتكاب هذا الشخص فعلا يخالف القواعد القانونية العامة التي تنظم شؤون الحياة في المجتمع وتترتب على مخالفته لهذه القواعد جزاء جنائي محدد بنصوص القانون. 2. المسؤولية المدنية: وهي التي تتحقق عند اخلال المدين بالتزام يجب عليه، وترتب على هذا الاخلال ضررا اصاب الغير، ويعرفها البعض بانها التزام شخص بتعويض الضرر الذي اصاب شخص اخر، وبالتالي يلزم بتعويض الضرر الذي لحق الغير. والمشرعالمغربيأخضعالمسؤولية الطبية للقواعد العامة للمسؤولية المدنية في إطار الفصلين 77و 78 من قانون الالتزامات والعقود، وهي القواعد التي تطبق تطبيقا عاما على مختلف الأفعال الصادرة عن كل شخص ألحق ضررا بالغير دون تمييز على أساس وضعيته أو مهنته، وهو توجه ينسجم مع القاعدة القانونية التي تعتبر، حسب تعريفها، مجردة وعامة. وهو التوجه الذي كرسته المادة 77 من قانون الالتزامات والعقود المغربي حينما نصت على أن «كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح له به القانون فأحدث ضررا مادية أو معنويا للغير التزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا تبين أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر. وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر»، وكذلك المادة 78 من نفس القانون التي تنص على أن «كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه لا بفعله فقط ولكن بخطئه أيضا، وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر، والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه وذلك من غير قصد لإحداث الضرر»، يتبين لنا مما سبق ان قيام احدى المسؤوليتين لا يتعارض مع قيام المسؤولية الاخرى، فقد يترتب على العمل الواحد مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية في آن واحد، فكل عمل من هذه الاعمال يحدث ضرر في المجتمع والفرد في وقت واحد، فيكون من ارتكب هذا الفعل مسؤولا مسؤولية جنائية جزاءها العقوبة، ومسؤولا مسؤولية مدنية جزاءها التعويض. وقد تتحقق المسؤولية الجنائية دون المدنية اذا لم يلحق الفعل ضررا بالغير، وقد تتحقق المسؤولية المدنية دون المسؤولية الجنائية اذا الحق الفعل ضررا بالغير دون أن يدخل ضمن الاعمال المعاقب عليها في القوانين الجنائية، كالاضرار بمال الغير عن غير عمد وسوء العلاج الطبي. وهذا وتنقسم المسؤولية المدنية بدورها إلى قسمين المسؤولية العقدية، والمسؤولية التقصيرية (الفعل الضار). أولاً: المسؤولية العقدية. تقوم هذه المسؤولية على الاخلال بالتزام عقدي يختلف باختلاف ما اشتمل عليه العقد من التزامات، فالدائن والمدين في المسؤولية العقدية يرتبطان بعقد، وفي حالة اخلال احدهما بشروط العقد تتحقق المسؤولية. ثانياً: المسؤولية التقصيرية تقوم هذه المسؤولية عند الاخلال بالتزام قانوني واحد لا يتغير وهو الالتزام بعدم الاضرار بالغير.ونستطيع القول ان المسؤولية التقصيرية هي حالة الشخص الذي يخالف التزام فرضه علية القانون. وسنقوم في العدد القادم إنشاء اللهب تفصيل تبيانيل لمسؤوليةالعقدية والتقصيرية وكذ كالإجتهادالفقهيةفيهذاالباب.