ماذا ينتطر حزب العدالة والتنمية الذي يسير بلدية القصر الكبير، لكي يعلن أن الاختلاط محرم من الان فصاعدا في البلاد التي يحررونها شبرا شبرا، و قد بدأ التحرير من القصر الكبير، و من مسبحه بالتحديد، في انتظار الأسواق و المقاهي و الدروب و الشوارع و المدارس و الادارات ? الاعلان الذي أثار انتباهنا، جاء بخصوص مسبح المدينة، و نقرأ فيه ان "المسبح مخصص حاليا للذكور وسيتم تخصيص يوم للنساء بعد اتخاذ الترتيبات الخاصة بضمان حسن تدبيره اثناء استغلاله.." و لا نعلم لماذا اختار الاسلاميون الذين يريدون فرض قناعاتهم على كل سكان المدينة، في انتظار السيطرة على كل المغرب، لفظة الذكور في بيانهم، عوض الرجال? غالبا لأنهم مقتنعون بأن من يدخل المسابح ليسو رجالا. و ربما يقول قائل أن الذكور تشمل الرجال و الأطفال، و نجيبهم أن البيان يتحدث عن النساء عوض الاناث، و لا نظن أن لفظة النساء تطلق أيضا على الطفلات اللواتي يخترن المسبح لقضاء عطلتهن. الاعلان يضيف بكل صفاقة و وقاحة و قلة ذوق، أنه "سيتم تخصيص يوم للنساء بعد اتخاذ الترتيبات الخاصة بضمان حسن تدبيره اثناء استغلاله". السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة، هو من قرر أن النساء يكفيهن يوم واحد? فحتى لو أخدنا أن للذكر مثل حظ الأنثيين في موضوع الاستفادة من المسبح أيضا، فاننا لن نصل الى هذه النتيجة و هذه القسمة الضيزى. أين هو الفصل 19 من الدستور? أين هو تطبيق الدستور في هذا القرار? أين هي السلطة الوصية ? كيف يسمح لهذه الأسلمة الزاحفة التي تقتفي أثر الجبهة الاسلامية للانقاذ الجزائرية التي قررت نفس الشئ في البلديات التي فازت بها ? ما علاقة هذا القرار بالانتخابات الجماعية المقبلة ? أين هي القوى التقدمية المتحالفة مع هذا الظلام الزاحف و التي تبيض له وجهه ? أين هي الجمعيات النسائية مما يحدث من تراجعات و انتكاسات حقوقية ? عندما قرأت بيان حزب العدالة و التنمية الاخواني التكوين و الهوى، تذكرت ما تفعله هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر العجيبة الموجودة في السعودية، حيث منع الاختلاط تعدى المسابح ليصل الى الاجتماعات التي تتم في إدارات الشركات والمستشفيات والمؤتمرات العلمية. و لا نظن أن الأمر بعيد عن المغرب مع الحزب الاخواني في الحكومة و في بعض البلديات. احصائيا، التجمعات البشرية التي يوجد فيها جنس واحد، ليست أكثر فضيلة من التجمعات المختلطة، المثلية الجنسية انما تتكاثر و يتم تشجيعها بفرض وجود التجمعات من جنس واحد لا غير. لا يوجد شيء في شريعة الإسلام حول منع أو تحريم (الاختلاط بين الرجال والنساء)، وكلمة الاختلاط هذه هي من زعم وافتراء شيوخ التيارات السلفية وليس لها أي أصل في الكتاب ولا في أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام. هناك دعوى كاذبة أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام نهى عن الخلوة بين الرجل والمرأة، فكلمة (الاختلاط) هي تحريف وتبديل مقصود ومتعمد لكلمة (الخلوة) التي وردت في بعض أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يرد ببال القوم أن الخلوة لا تعني الاختلاط والاختلاط لا يعني الاجتماع. فالاختلاط أو الاجتماع بين الرجال والنساء بهاتين الدلالتين واللفظين، لم يرد فيهما أي منع أو حرمة، لا في الكتاب الكريم ولا في أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، أما ما ورد في بعض الأحاديث، فهو التحذير والإنذار، وليس الحرمة أو المنع من اختلاء الرجل والمرأة معا في مكان خلاء أي خال من أحد فيه. و السؤال هنا، هل يمكن اعتبار المسبح مكانا خلاء ? هل منع حزب العدالة و التنمية الاختلاط، أو الخلوة، أو الاجتماع في المسابح ? كان مفيدا في اطار المساواة، أن يتم بناء مسابح للنساء، لكي يستفدن منها متى ما شئن، و احترام قناعتهن بعدم الاختلاط، حتى لو كانت هذه القناعة بغير خلفية دينية، و ليس حرمانهن من المسبح ستة أيام كما لو أنهن مجرد (شياطة) نعطيها الفتات، و ما بقي من وجبة الذكور. المفروض في دولة تسعى للمساواة و لارساء الديمقراطية، أن تعطي الاختيار لمواطنيها، لا أن تفرض عليهم يوم السباحة، و مكان السباحة، و مع من يجب أن يسبحوا. اذا أراد منتخبوا الحزب الاخواني توفير مسابح لنسائهن، فما عليهم سوى بناؤها من أموالهم، أو اعلان اكتتاب عالمي يشارك فيه اخوان الأممية الدولية. أما اذا تعلق الأمر بنساء أخريات، فلا نظن أنه قد أخد بأراء جميع نساء المغرب. فأين رئيس الحكومة لنقول له أن يوما واحدا للثريات.. ليس كافيا على الاطلاق ?.