شكل موضوع "تدوين الثقافة الشفهية.. أي دروس للثقافة الحسانية؟" محور ندوة علمية، نظمت اليوم السبت، بقصر المؤتمرات بالداخلة، ضمن فعاليات الملتقى الدولي الثاني "ملكى الفركان". وأكد المتدخلون خلال هذا الندوة أن التراث الثقافي الحساني لا يزال أسيرا للتداول الشفهي وذلك بالرغم من محاولات التدوين التي بدأت تتأسس لدى بعض الباحثين للحيلولة دون اندثاره باعتباره أحد مكونات الهوية المغربية. وأوضحوا أن عملية تدوين هذا الموروث الثقافي الحساني بأشكاله الأدبية والفنية والجمالية، أضحت ضرورة ملحة للإسهام في تحويل الخطاب التراثي من التداول الشفاهي إلى التلقي المكتوب والمصور ليساهم في خلق دينامية تنموية تنخرط في خصوصية المجال بالمناطق الجنوبية للمملكة. وبهذه المناسبة ، تطرق النائب الإقليمي لوادي الذهب، السيد محمد علين أهل بباها ، في عرضه، إلى آليات تدوين الثقافة الحسانية محللا السؤال الإشكالي الذي تطرحه عملية التدوين وسبل التعامل مع هذا المكون الثقافي لصون الذاكرة الثقافية الحسانية في مختلف تجلياتها. واعتبر السيد علين أهل بباها، أن صون التراث يعد من المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتق الأفراد والجماعات، بوصفه مستودعا خصبا وخزانا لمعارف وخبرات وإبداعات كثيرة شاهدة على منجزات وعطاءات السلف، تجمعت وتراكمت لترسم ذاكرة الناس المشتركة. وأوضح النائب الإقليمي في هذا السياق أن عملية تدوين الثقافة والتراث الحساني يتعين أن تتم وفق منهج علمي، أساسه مجموعة من العمليات المتعارف عليها لدى الباحثين والأكاديميين، والمتعلقة أساسا بطرق النشر، وطرق الدعم، وآليات صون والمحافظة على التراث بكل إشكاله الأدبية والفنية والجمالية. من جهته، شدد السيد فؤاد شفيقي، الإطار بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، على ضرورة التعامل مع التراث الثقافي الحساني تعاملا منهجيا يقتضي إتباع الأساليب والقواعد والمناهج العلمية للتعاطي مع مادة التراث المعروضة للدراسة، وكذا في إطار من التعامل التكاملي مع هذا التراث في جوانبه الفكرية والنصية، وأيضا في مصادره التي تعالج نواحيه وأزمنته وعلومه المختلفة. وأكد السيد شفيقي أن الحاجة أضحت أكثر من ملحة لتحويل التراث الثقافي الحساني الذي هو عموما تراث شفاهي يستند أساسا على الممارسات القولية والشفهية إلى التداول المكتوب ،المصور والمجسد. واعتبر أن هذه المسؤولية مسؤولية جماعية وانه لابد من مأسسة هذا العمل وانخراط المؤسسات المعنية بالسؤال الثقافي في هذه المسألة الأساسية، مبرزا أن هناك محاولات جنينية بدأت تتأسس وبدأ يتشكل نوع من الوعي لدى بعض الباحثين القلائل الذين تجود بهم المناطق الصحراوية لتدوين التراث الحساني بيد أن هذه المحاولات لا تزال ضئيلة جدا ولا بد من دعمها ومؤازرتها حتى تتسع قاعدة البحث العلمي التي تتناول جانبا من التراث الحساني. وأبرز أهمية انخراط المؤسسات الجامعية وتشجيع الجمعيات المهتمة بالشأن الثقافي وانفتاح المنظومة التربوية على التراث الحساني بكل مشاربه والتفكير في تجميع كل الجهود بما يخدم عملية تدوين التراث الحساني. وأكدت مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الداخلة وادي الذهب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه لتفعيل آليات تدوين التراث الثقافي الحساني، فانه لا بد من إيجاد تصورات عملية وأساليب إجرائية كفيلة بكتابة وإعادة كتابة مكونات هذا التراث عبر جمع المادة التراثية انطلاقا من تشجيع الباحثين والمهتمين وتحفيزهم على جمع هذا التراث.