الحب كلٌّ عجيب ودرب خصيب، ترى ولا ترى، وتدرك فيه ما وراء الورى، فليس مثلك كأنت، لن ترتويٙ مهما نهلت، ولن يبصر قلبك مهرولاً أمام عينيك إلا أنت، تنام ساخطاً وتصحو راضياً، تشرئب للجمِّ من الحديث، وترضى بكلمة عارضة، تهفو للقاء لا يبين وتذعن للحظة سلام كل حين، وكأنه ابن روحك عهدته بالرعاية وضممته بالقناعة لا بالغواية، كلما زادٙ حيّرك وكلما حيّرك أغدق عليك فلا نكوصٙ بعد ولا خذلان… الحب طوفان هادر لا يأبه بغير الغواصين، قربانه شوق وحنين، الحب هو أن ترى ألف أنثى ولا تعجبك إلا التي تحب والعكس صحيح، الحب أن تستيقظ أمام نفس الوجه لردح من الزمن فتبتسم كأنك تراه للمرة الأولى، الحب جميل، وهو مرتبط بإحساس يجعلك تميز شخصاً يصبح نبضك مرتبط به، مزاجك منوط بسلوكه، وكل ما بك يهتف باسمه، سُئل محب عن ألم الحب فقال: الحب لايؤلم…ثم بكى… التكلس في المشاعر والنضوب في العواطف في العلاقة بالمرأة ككائن جميل ورقيق يزين أيامنا البئيسة، ويخفف من عذاباتنا الجامحة، حيث يبقى الإنسان إنساناً أولاً وأخيراً، له حيز كبير من الحب والشوق والعاطفة في حياته… لم يترك الأحبة العناق والقبلات والملامسة كلغة مودة ورحمة وحب وطمأنينة وسلام، وهي دليل شوق ومحبة، لكن حينما أطل فايروس كورونا اللعين، صارت الأيادي مغلولة لا تمتد لملمس، والأعناق مشلولة لا تلتقي لعناق، والشفاه مربوطة لا تمتد لقبلات، فإذا عطس المحب فر الحبيب من حوله، أو نظر إليه نظرة لوم وتقريع، وإذا لامسه رذاذ من يمين ولّى وجهه شطر الشمال وهو في ذلك معذور… ينتهي التعبير عن الحب، ويستمر الكلام في الحب، تنتهي اللحظات الأولى ويختفي الجمال الأول، تستوي أعمارنا إلى سدرة النضوج فنتغير، سنة بعد سنة، تبقى الخيالات رطبة جذورها، وتجف الأغصان قبالة الريح والمحن، يختفي الإستمتاع على كلمات أغاني العشق، ليصبح طرباً على أنغام ألحانها، تنتهي الكتابة التي تنقل وَلَهَ القلب، وتبدأ الكتابة في طلبات الدعاء للأولاد والأحفاد، هكذا فجأة يصبح الحب روتين حياة… أنظر لكل حبيبين فأرى نهاية في أفق مقبرة الإستمتاع، وربما لا…وأرقب جمالاً في القدر إذ يبقى الإستمتاع حياً، وربما نعم.