الإسترزاق السياسي وسيلة من وسائل استعباد الناس وتدجينهم، بعضهم خضع تماماً وولّف عقله مع مسار تفكير التيارات، فشبع خبزاً وعسلاً وخسر كرامته، والبعض الآخر تمرد على السياق السائد، فشبع كرامة، وجاعت معدته، وعاش حياة الزاهد المتنسك بكل شموخ… لا يمكن لأي اتحاد أن يتحد دون التحام كل عناصره المكونة، النهضوي الغنوشي يرمي بالكلام الإقصائي الجمعاتي الطائفي الذي يظهر معدنه الأصلي الذي لايمت للسياسة بصلة ولا إلى الإسلام الذي يحرم الدعوة إلى العنف والتفرقة بين الشعوب، دعا إلى إقامة مثلث مغاربي أي اتحاد مغاربي من غير المملكة المغربية البلد المتجدر تاريخياً منذ إثنا عشر قرناً والجمهورية الإسلامية الموريتانية مهد العلماء وبلد المليون شاعر، فبعض الذين يظنون وهم يقفون على الأرض أن السماء هي المكان الأنسب لرؤوسهم، ينسون أن وقوعهم على وجوههم هو المآل الوحيد لعصا واحدة على مفاصل القدمين، فلا تصنعوا لأنفسكم قامات من وهم ومقامات من غرور… وحتى لا ننسى أن معظم الجماعات والأفكار التي حكمت عبر التاريخ ارتبطت بمدى قدرتها على حشد الناس والتأثير بهم بأساليب عدة، وكان العنف والتفرقة والشيطنة بمثابة أهم عناصر تمكينها، عبر البطش بخصومها، فتخيف باقي ألوان الطيف، فملكت رقاب الناس من خلال البطش بنخبهم أو البطش بمن يخالفها إن امتلكت مشروعاً ورؤية، وطبيعة الخلائق لا تُذعن إلا من خلال القوة، باستثناء فئات قليلة تحمل في أصلابها جينات ورغبات نشوء جديد يُعاود تجميع شتاته كل جيل، هكذا نشأت كل الجماعات المتطرفة في جميع الدول في الماضي والحاضر، وخرجت كياناتها من سياقات الفعل إلى عالم التاريخ عبر بوابة الضعف والإستكانة.