تقع دولة المالديف في المحيط الهندي بعيدة جغرافيا وثقافيا عن المملكة المغربية ولا تربطهما سوى قواسم مشتركة قليلة جدا أولها وأهمها الاسلام والمذهب الملكي، ولخروج سكان الأرخبيل من الوثنية إلى التوحيد قصة تستحق أن تروى. مناسبة سرد قصة اعتناق المالديفيين الاسلام، مرتبطة بالمباحثات التي أجراها وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، يوم الجمعة الماضي، مع وزير الشؤون الخارجية بجمهورية المالديف عبد الله شهيد، اللذان نوها بجودة العلاقات التاريخية والأخوية القائمة بين المغرب وجمهورية المالديف.
كما جددا التأكيد على الروابط الروحية والدينية والثقافية والإنسانية التي تجمع البلدين، وذكرا في هذا الصدد بأن الإسلام دخل إلى جزر المالديف في القرن الثاني عشر على يد رحالة و داعية مغربي.
كيف دخل الإسلام إلى المالديف ؟
في القرن 12 ميلادي وصل رحالة وداعية مغربي اسمه أبي البركات يوسف البربري (أمازيغي) إلى إحدى جزر الأرخبيل المتناثرة وتعرف على سكانها المالديفيين، ويروي تفاصيل هذه القصة الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة الذي عاش في القرن 14 ميلادي ومرّ في رحلته الطويلة على المالديف.
يقول ابن بطوطة إن أبي البركات يوسف البربري استضافته عجوز تقطن الجزيرة، وذات يوم وجدها وأهل الدار يبكين فاستفسر عن السبب، جاءه رجل وأوضح له أن ابنتها الوحيدة سيتم تقديمها قربانا لشيطان البحر الذي يسميه السكان "راناماري"، فقد جرت العادة على تقديم فتاة كل شهر لصد شر الشيطان.
تقدم الرحالة المغربي وطلب منهم السماح له بتقديم نفسه بدلا من الفتاة وتقبلوا الأمر ربما لاعتقداهم بسهولة خداع "شيطان البحر" لأن أبي البركات كان "أمرد الوجه" أي كان بدون لحية، فقاموا بحمله في تلك الليلة وأدخلوه بيت الأصنام، أما الفتاة فقد بقيت مع والدتها.
ويقول ابن بطوطة الذي دوّن هذه القصة، أن أبي البركات دخل البيت متوضأ وظل يتلو القرآن إلى صباح اليوم الموالي، ولما جاؤوا كعادتهم لاستخراج جثة القربان البشري وإحراقه، وجدوا الرحالة المغربي حيا ولا يزال يتلو القرآن، فتعجّبوا لأمره وذهبوا به إلى السلطان "شنورازة" وأخبروه بما حدث، وكانت تلك معجزة بالنسبة لسكان الجزيرة، فكانت فرصة للمغربي ليدعوهم إلى دخول الإسلام.
لما عرض عليهم اعتناق الاسلام والخروج من البوذية إلى دين التوحيد، طلب منه السلطان "شنورازة" المكوث إلى الشهر القادم ودخول بيت الأصنام مرة أخرى ووعده إنه سيُسلم إذا نجا من شيطان البحر، وذلك ما كان، فأسلم السلطان وأمر بهدم كل الأصنام وبعث إلى باقي الجزر يدعوهم إلى اتباع الدين الجديد في الأرخبيل، ودخل الإسلام أغلبهم على المذهب المالكي الذي كان متبعا في بلاد المغرب ولا يزال إلى يومنا هذا.
وإذا كانت رواية أخرى تشكك في جنسية أبي يوسف البركات البربري وتنسبه إلى شرق إفريقيا ، بقولها إنه ينحدر من منطقة تجارية قديمة في الصومال، فالسلطات الرسمية ومؤرخو المالديف لا يأخذون بها ولا يذكرونها.