انتهت سطوة حزب الإسلاميين على الغرفة الأولى للبرلمان التي استمرت عشر سنوات، وحطم خلالها كل الأرقام القياسية سواء في عدد الأصوات المحصلة أو عدد المقاعد المكتسبة، وآخرها ما تحقق في 2016 حين نال 1.6 مليون صوت وظفر ب125 مقعدا (27 منها في اللائحة الوطنية للنساء والشباب). وكما شد إليه الأنظار في عز قوته فإن الحزب يحظى باهتمام المراقبين حتى في «جنازته»، لاستقصاء ما إن كان سيعرف التعايش مع غيابه الوازن عن النقاش العمومي في البرلمان، بعدما عجز عن جمع عشرين مقعدا المطلوبة لتشكيل فريق برلماني، في وقت يُعول على لفتة من بقية الفرق لتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب بتخفيض العدد المطلوب لتشكيل فريق، وقد يضطر إلى إبرام تحالف مع أحد الأحزاب المتأخرة لتشكيل فريق مشترك. ورغم أن وزارة الداخلية لم تُعلن النتائج الكاملة للانتخابات حتى اليوم، فإن الحسابات غير الرسمية تُؤكد «الانهيار» الكامل للعدالة والتنمية الذي فاز بمقاعده في أربع دوائر محلية فقط من أصل 92 دائرة، علما أنه كسب مقعدا على الأقل في 86 دائرة في انتخابات 2016، كما حصل على أقل من 300 ألف صوت هذه المرة بعدما حطم سابقا الرقم القياسي في عدد الأصوات التي حازها حزب في تاريخ الانتخابات المغربية ب 1.6 مليون صوت. وكمثال على حجم الخسائر الفادحة التي تكبدها الحزب، فقدانه 118 ألف صوت دفعة واحدة في الدوائر الأربعة التي نال فيها مقعدا وهي (مكناس، القنيطرة، الفداء مرس السلطان، تارودانت الجنوبية)، وذلك في أكبر خسارة لحزب سياسي. وفضلا عن مرارة الهزيمة المدوية، يشعر العدالة والتنمية ب«خجل كبير» إزاء النتائج المحققة، لدرجة أنه لم يكلف نفسه عناء البحث عن هوية برلمانييه ال13 في مجلس النواب الجديد، بغض النظر عن التذرع بعدم التوصل بمحاضر النتائج. وتُظهر المعطيات المتوفرة أن الناجحين أربعة رجال وتسع نساء هن وكيلات لوائح جهوية يدخلن البرلمان للمرة الأولى. وبحسب أرقام غير رسمية توصلت بها «الأيام» من أحزاب مختلفة، فإن البيجيدي مدين بحصوله على المقاعد الأربعة في الدوائر المحلية للقاسم الانتخابي على أساس المسجلين الذي انتقده بشدة، ويتعلق الأمر برئيس فريقه السابق مصطفى الإبراهيمي الذي ظفر بالمقعد الرابع والأخير في دائرة القنيطرة بحوالي 7000 آلاف صوت، بعدما كان الحزب قد نال ثقة أزيد من 36 ألف ناخب في انتخابات 2016، وظفر بمقعد ثانٍ عاد للإبراهيمي نفسه في ذلك الوقت. كما حصل عبد الله بووانو على المقعد الأخير (الخامس) في دائرة مكناس بصعوبة بالغة، بعدما حصل على 7387 صوتا بدل 48 ألفا المحصل عليها في الاستحقاقات السابقة، وأيضا عبد الصمد حيكر في دائرة الفداء مرس السلطان بالدارالبيضاء الذي صوت لفائدته أقل من 4000 ناخب بدل 21 ألفا و439 ناخبا في 2016 جعلوا الحزب آنذاك يظفر بمقعدين في الدائرة من أصل ثلاثة. وعلى نفس المنوال، سارت الأوضاع في دائرة تارودانت الجنوبية المكونة من أربعة مقاعد، حيث فاز وكيل لائحة الإسلاميين إبراهيم أجنين بالمقعد الأخير بأقل من عشرة آلاف صوت، فيما كان الحزب قد فاز بمقعدين اثنين في الاستحقاقات السابقة ب40 ألفا و643 صوتا. ورغم أن الفوز بمقعد في اللوائح الجهوية أسهل من الدوائر المحلية إلا أن الحزب فشل في الفوز بمقعد في ثلاث جهات هي: العيون الساقية الحمراء، والداخلة واد نون، ودرعة تافيلالت، فيما استطاع الفوز بمقعد واحد بصعوبة بالغة في باقي الدوائر جعلت حصة النساء في مجموعته أكبر من الرجال، ليصبح بذلك أول تكتل تسيطر عليه النساء في تاريخ البرلمان المغربي. والناجحات هن نعيمة الفتحاوي (سوس ماسة)، وسلوى البردعي (الشمال) والباتول أبلاضي (كلميم واد نون) وربيعة بوجة (الرباطالقنيطرة)، وهند بناني الرطل، (الدارالبيضاءسطات)، وعائشة الكوط (مراكشآسفي)، ونادية القنصوري (فاسمكناس)، وفاطمة الزهراء باتا (الشرق)، وثورية عفيف (بني ملالخنيفرة).
ماذا لو استمر العمل بالقاسم الانتخابي على أساس الأصوات الصحيحة؟
في انتظار إفراج وزارة الداخلية عن النتائج الكاملة للانتخابات التشريعية، تشير إحصاءات «غير رسمية» إلى أن حزب التجمع الوطني للأحرار حقق نتائج غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات المغربية، وحطم الأرقام القياسية المسجلة باسم العدالة والتنمية، من بينها تجاوزه حاجز المليون و600 ألف صوت وفوزه بمقعد في 90 دائرة محلية من أصل 92 دائرة. ورغم فوزه الكاسح في انتخابات 8 شتنبر، يبقى حزب «أخنوش» أكبر الخاسرين من إقرار القاسم الانتخابي على أساس المسجلين بدل الأصوات الصحيحة الذي كان أحد رعاته الرئيسيين، بعدما ساهم في خسارته – وفق معطيات «الأيام» – خمسين مقعدا على الأقل في الدوائر المحلية و15 مقعدا في اللوائح الجهوية كان يمكن أن ترفع حصته من عدد مقاعد مجلس النواب إلى 167 مقعدا على الأقل، وتجعله في موقع مريح لاختيار أغلبيته الحكومية، حيث لن يكون مضطرا للتحالف سوى مع حزب وحيد لديه 30 مقعدا فما فوق. وفضلا عن إحصاءات «الأيام»، يتم تداول أرقام أخرى لا يُعرف مصدرها حول حصيلة كل حزب في حالة استمرار العمل بالقاسم الانتخابي الجديد، لكن يصعب التأكد من دقتها في ظل عدم نشر النتائج النهائية للانتخابات. وتفترض هذه الأرقام أن التجمع الوطني للأحرار كان سيحصل على 205 مقاعد بالقاسم الانتخابي القديم، وهو رقم كان سيغنيه عن أي تحالف حكومي لأنه يمنحه الأغلبية المطلقة. كما تفترض خسارة الأصالة والمعاصرة 16 مقعدا (60 بدل 86 مقعدا)، والاستقلال 43 مقعدا (38 بدل 81 مقعدا)، وتُعطي الاتحاد الاشتراكي ثمانية مقاعد بدل 35 مقعدا والحركة الشعبية أربعة مقاعد بدل 29 مقعدا والاتحاد الدستوري مقعدين بدل 16 مقعدا ومقعدا وحيدا للتقدم والاشتراكية بدل 21 مقعدا، فيما تجعل العدالة والتنمية خارج أي تمثيلية في مجلس النواب. جدير بالذكر أن «التجمع الوطني للأحرار» حصد في 2016 نتائج «متواضعة»، حيث فاز بمقعد في 28 دائرة محلية فقط، وحصل على 544 ألف صوت منحته تسعة مقاعد في اللائحة الوطنية للنساء والشباب.