مَنَع علينا كمُواطنين الوزير الخَلفي ووراءه من لم يظهر من شركائه في جريمة المَنع، مُشاهدة فيلم نبيل عيوش و لبنى أبيضار، كما منعوا افلاما أخرى مثل NOAH أو EXODUS ووضعنا سيادته في قفص الجاهليته الخاصة، لأن الجاهلية في تاريخنا لم تمنع الفنون ولم تحرم الغناء و الشعر بالجنس وبالخمر وبطقوس ليالي الاشعاع إلى مطلع الفجر. فهل يحق لوزير ما بالمغرب ووزير الاتصال بالتحديد، أن يستبد بسلطته ليتحكم في أذواق المغاربة ومشاعرهم الفكرية والفنية لقنهم كيف يفكرون وكيف يميزون ما بين ما هو جميل و ما هو أقل جمالا وما هو مباح وما هو ممنوع ؟ وهل يحق له أن يقرر خِلال قَيلولتِه في بيته أو مع جَماعته في حِزبه ليفرض على المغاربة ما يشاهدونه من أشرِطة وأفلام وما يُمنع عليهم مشاهدته ؟ وهل يحق له ان يَمنع كذلك على المواطنين ما يقرؤونه من كُتب ومن صحف مغربية أو أجنبية وما لا يحق لهم قراءته ؟ سرق منا وزير الاتصال أحاسيسنا (...) عندما استلهم من مدرسته الايديولوجية سلطة المفتي ليجاهد بسيف المنع والتحريم ما يعشقه القارئ والمشاهد، و يتخذ من ميولاته الدعوية المدججة بالكراهية ضد الحداثيين المتشبتين بالحرية، لتصبح تلك الميولات قنبلة يقدمها هدية للمتطرفين والتكفيريين يطلقونها ضد نساء ورجال من مغنين ومن ممثلين ومن سنمائيين ومن سياسيين رؤساء احزاب ومفكرين وغيرهم؟ وبالطبع يعرف المغاربة أن وزير الاتصال المغربي له سوابق خطيرة في الاعتداء على الصحافة وعلى حرية الراي والقراءة من خلال منع عدد من الصحف الأجنبية دخول المغرب، ومنعنا كمواطنين من حقنا الذي لا يمكن لأي مخلوق التصرف فيه وهو القراءة، وقراءة ما يقتنعون قراءته ، وها هو اليوم يقرر أن يرفعَ من عَدد سوابقه ليعلن عن هويته الجديدة المتمثّلة في ثقافته الاصولية المتطرفة وذلك لما اتخذ قرارا بمنع فيلم المخرج السينمائي نبيل عيوش وبهذا المنع، حَكم وزير الاتصال و معه من لم يظهر في الصورة على الفيلم وعلى نبيل عيوش وعلى الممثلة لبنى ابيضار حكما بالقتل والاعدام، وهي من طينة احكام المستبدين عن بُعد ومن بَعِيد، كما قرروا منعنا كمواطنين من العرض السينمائي و من مشاهدته وكأننا نصف مواطنين ناقصي الاهلية أو صبية محجورين أو سجناء في سجن وزير الاتصال يمنع علينا الحرية و المتعة الفكرية والفنية يحرم علينا ما يراه الوزير حراما حسب مرجعياته الخاصة وتربيته الحزبية وما يلقن له من فتاوى. إن منع فيلم نبيل عيوش من قبل وزير الاتصال، قرار سياسوي غير بريئ يرمي في الحقيقة الى أهداف اخرى أبعد من منع الفلم، وهو فصلا عن ذلك دعوة علنية ورسمية صادرة عن وزير الاتصال لكل المتطرفين ومحبي القتل والانتقام والإعدام الى اخراج قانونهم المعروف وتنصيب محاكمهم التكفيرية والاستعداد لإعلان أحكامهم المدمرة القاتلة، وهذا ما استطاع الوزير تحقيقه حيث بلغ المُراد لما لبى حُلفاؤه نداءه وطالب المِئات من جنوده علنيا وبواسطة المواقع الاجتماعية بقتل نبيل عيوش ولبنى ابيضار ......، وهكذا فالوزير الذي لا يذكى الفتن ولا يعكر الاجواء ولا يمارس الارهاب السياسي ... لا يستحق وزارة. ليس لنا ان نتقبل ونتحمل كقطعان البعير أو الحمير وزيرا يحتاج نفسه " لبويا عمر" من درجة خمسة نجوم، وزير يفرض علينا ثقافة المراحض التي تفوح منها رائحة التمييز والكراهية والجاهلية، ثقافة يسيل منها الدم وتهدر فيها الارواح. ان الدعوة والتحريض بأية وسيلة كانت بالكتابة والإشارة والقول والتلميح والإيحاءات حتى في الصلوات بالمساجد او الكنائس.... لجرائم القتل والكراهية والتمييز والعنف والتطرف هو ما يتعين على وزير الاتصال وكل الوزراء التصدي له بالمساءلة و بتنقيح القوانين وتنزيل الدستور ووضع القوانين التنظيمية ورفع الحصار عن الحريات والجمعيات والمبادرات ووقف الميوعة في مجال الاعلام والاتصال والوصول للمعلومة ومصادرها بالمساواة ومن دون مساومات. وفضلا عن سلوك المَنع المسْتبِد بقوة السلطة وعُنفها، يبدو أن منع فلم نبيل عيوش كعمل فني، هو بمثابة حَكم صدر من دون تهمة ، ودون استماع مُسبق للمتهم، ودون حُجة إثبات، ودون احترام للحق الدفاع، ودون محاكمة عادلة ودون معرفة الحُكام الذين اصْدروا الحكم ودون معرفة من وَلاهُم مهمة المحاكمة، ولا مَن أعطى لوزير الاتصال صَلاحة النطق بالحكم باسمهم..... ولذلك فمحكمة وزير الاتصال التي حكمت بمنع الفلم تشبه محاكمة العسِكر المنقلبين على القانون والدستور المستولون على سلطة ليست لهم. أما ما راج من خبر فتح النيابة العامة لمسطرة البحث ضد نبيل عيوش وابيضار، إن كان النبأ صادقا، فستكون النيابة العامة عندئد كالنعامة التي تترك مؤخرتها عارية تتلاعب بها الرياح، تتجنب رؤية الفضائح التي تؤتت محيطنا بتحالف مع اطراف من السلطة، وهي التي وصفها الأستاذ حميد الجماهري في عموده على جريد الاتحاد الاشتراكي، وستؤكد أننا بحاجة لمسيرات طويلة من الزمن للوصول لنيابة عامة لا تتحرك ولا تتوقف بأوامر.... ولذلك فسيكون من الأحسن ومن التعقل ألا تتورط النيابة العامة في صراع ايديولوجي تافه وعملية انتخابية واضحة المعالم، لا تربح منها العدالة إلا ضجة عالمية سياسية وحقوقية . ننتظر ماذا ستقول لنا الأيام الآتية، هل ستعيد المشهد أمامنا لما سقط وزراء لأبسط الأخطاء ... فما ذَا سيكون الحال لما يرتكب وزير الاتصال أبشع الأخطاء ؟