تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    فدرالية اليسار تطالب بتحقيق عاجل في شبهات تورط وزراء في استغلال النفوذ والتهرب الضريبي    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    بطولة إفريقيا للجيدو للشبان (لواندا- 2025).. المنتخب المغربي يحرز اللقب    طواف فرنسا.. الهولندي ثيمين آرينسمان بطلا للمرحلة 14 وإيفينيبويل ينسحب    حريق مهول يأتي على محلات تجارية وسط إمزورن وخسائر مادية جسيمة    المجلس العلمي المحلي للناظور ينظم لقاء تواصليا لفائدة نساء وأطفال الجالية المغربية بالخارج    أزمة أثمنة الأدوية.. صيادلة المغرب يهددون بإغلاق شامل    الأرصاد الجوية تتوقع طقسا متقلبا الأحد.. انخفاض في الحرارة وأمطار في بعض المناطق    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    زلزالان قويان يضربان قبالة سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتيفلت تطالب بفتح تحقيق في ظروف تنظيم مهرجان محلي            خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    استقالة الرئيس التنفيذي لشركة "أسترونومر" للتكنولوجيا بعد جدل حول فيديو من حفل كولدبلاي    مسيرة حاشدة في الرباط رفضا لتجويع غزة        قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    أزمة غير مسبوقة ب ENSA طنجة.. الأساتذة ينددون بسوء التسيير ويعلنون خطوات تصعيدية    "كان" السيدات: المنتخب المغربي يخوض حصته التدريبية ما قبل الأخيرة تأهبا لمواجهة غانا    تتويج منتخب المغرب للإناث بلقب إفريقيا في كرة المضرب "تحت 16 سنة" وتأهله لبطولة العالم    زلزالان شديدان قبالة أقصى الشرق الروسي وتحذير من تسونامي (هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية)    السلطات السورية تعلن وقف القتال وروبيو يطالبها بمنع تنظيم "الدولة الإسلامية" من دخول السويداء    بورصة الدار البيضاء تحلق عاليا.. مؤشرات قياسية ورسملة تاريخية    كوريا: مصرع 10 أشخاص وفقدان 9 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    جبهة الدفاع عن فلسطين ومناهضة التطبيع تنظم مسيرة وطنية في الرباط تنديدا بتجويع أهالي غزة    في عملية أمنية مشتركة... حجز شاحنة محملة بالمخدرات بحي الوفاق بازمور    العيطة تتألق في قلب الرباط.. ليلة فنية تسافر بالجمهور في أعماق التراث المغربي    أوجار: جلالة الملك صنع مغربا جديدا.. ومسؤوليتنا إيصال الحصيلة الحقيقية للمغاربة    تأخر صرف "منحة يوليوز" يؤرق طلبة مراكز جهوية للتربية والتكوين بالمغرب    "كان السيدات"..جنوب إفريقيا إلى النصف        الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    رسملة بورصة البيضاء تفوق ألف مليار درهم .. ربحيّة السوق تجذب المستثمرين    وفاة الأمير النائم بعد غيبوبة مستمرة دامت 20 عاما    أخنوش يطلب من الوزراء والمصالح الحكومية التسريع بتنزيل قانون العقوبات البديلة    تشاؤم واسع بين الأسر المغربية... الادخار مستحيل والأسعار تواصل الارتفاع    نتائج الشطر الثاني للدعم السينمائي    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    عين اللوح .. افتتاح فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني لأحيدوس    قندس جندول تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان المسرح الحر الدولي بعمان    لقاء تواصلي هام بهدف تجويد خدمات قطاع الكهرباء بجهة الشرق    الرئاسة السورية تعلن وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار في جنوب البلاد        "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نكتة ممرات الدراجات المحمية بمراكش

كثيرة هي محن مستعملي الدراجات بمدينة مراكش . الفوضى القاتلة في الطرق و الشوارع ، مخططات السير التي تزيد التحرك بالمدينة أزمة ، عشوائية الإصلاح و التوسيع التي لا تزيد الشوارع إلا اكتظاظا، التضييق على كل من يركب دراجة في مدينة سميت بكونها المدينة المثالية لتحرك الدراجات .
أزيد من 140 ألف شخص يتنقلون بمراكش على متن دراجة نارية أو هوائية . الإحصاء يعود لأكثر من أربع سنوات ، اليوم الأكيد أن هذا الرقم ارتفع بكثير . لأن انبساط المدينة يساعد السكان على اقتناء الدراجة و استخدامها كوسيلة رئيسية للتنقل بين أطراف المدينة المتباعدة ، تناسب إمكانياتهم و تسعفهم على مواجهة نقص الموارد التي تؤهلهم لامتلاك سيارة .
من الدراجة الهوائية إلى القاتلة «س 90» التي لا يكاد يمر يوم بمراكش دون أن ترسل شخصا على الأقل إلى المقبرة و في أحسن الأحوال إلى مصلحة الإنعاش و قسم جراحة العظام بمستشفى ابن طفيل ، يستعمل عشرات الآلاف من سكان المدينة ، هذه الوسيلة ، في تحايل يومي على ضآلة إمكانياتهم المادية ، و منهم من تجسد بالنسبة إليه اختيارا ، لكون الدراجة هي الوسيلة التي تلائم ضيق دروب و أزقة المدينة العتيقة ، و هي الوسيلة الأكثر سلاسة من حيث تحركها وسط الشوارع المزدحمة لمراكش ، مثلما هي الأكثر انسجاما مع حاجيات و إمكانيات فئات بعينها كالتلاميذ و الطلبة .
و رغم حيوية الدور الذي تلعبه الدراجة في الحياة اليومية لمدينة كمراكش و ساكنتها ، إلا أن مستعمليها ، يلمسون يوميا أن كل مخططات تطوير التنقل الحضري ، تقوم على مبدأ واحد : هو توسيع الطريق لصالح العربات الكبرى ابتداء من السيارة ، و تضييق الخناق على مستعملي الدراجات . في شارع كبير كشارع مولاي عبد الله ، يؤدي إلى مرافق حيوية بالمدينة ابتداء من كلية العلوم السملالية ، و الحي الصناعي حيث تتركز أغلب الوحدات الصناعية ، و أسواق الجملة ، يجد مستعملو الدراجات بمختلف أصنافها أنفسهم مجردين من أية حماية تذكر ، في غياب تخطيط ممرات محمية خاصة بهم . تفصل بصرامة ما بين المسار المخصص لهم ، و المسار المخصص للعربات الضخمة ( و عددها كثير أيضا بهذا الشارع ) و تحد من إمكانية اختلاطهما . بل إننا نفاجأ ، إلى أي حد بقيت المجالس المنتخبة التي تشرف على تدبير سياسة القرب بالمدينة الحمراء ، تتعاطى مع المطلب الحيوي بهذا الشارع بكسل قاتل ، لأنه فعلا كسل تكون من نتائجه المباشرة مضاعفة أسباب الموت في هذا الشارع .
في عهود متوالية عملت بلدية مراكش ، على التدمير المسترسل لذلك الإرث الذي خلفه عهد الحماية بالشوارع الرئيسية بالمدينة ، و المتمثل في تخصيص ممرات محمية للدراجات بالشوارع الرئيسية ، محفوفة بالأشجار و الطوار الذي يمنع اختلاط الدراجات بالسيارات و الشاحنات ، من أجمل النماذج التي تحتفظ بها ذاكرة المراكشيين شارع الحسن الثاني . لكن مع الأسف ، لم يدرك المسؤولون المتعاقبون على جماعة مراكش ، سببا للقضاء على اكتظاظ الشوارع سوى توسيعها بإلغاء هذه الممرات ، هذا الإلغاء الذي يبدو في العمق بأنه محاولة لطرد الدراجات من هذه الشوارع . إلى ان اختفت تلك الممرات المحمية نهائيا ، في انعطاف معاكس لتطور الزمن ، لأن كل المدن الذكية بمختلف أنحاء العالم تؤول سياستها في السير و الجولان لصالح الراجلين و مستعملي الدراجات و النقل الحضري الجماعي .
اليوم أصبحت اجتهادات المجلس الجماعي الحالي في هذا المجال ، مصدر تهكم المراكشيين، لأن الأمر الذي رُسخ على أرض الواقع أصبح نكتة سخيفة . فقد عملت المصالح الجماعية على رسم ممرات ضيقة مفصولة بشريط من الصباغة ببعض الشوارع ، و ثبتت بمحاذاتها لافتات تشير إلى أنه ممر خاص بالدراجات ، لكنها في نفس الوقت رسمت خطا أزرق بذات الممر يدل على مجال احتكار شركة أفيلمار التي تدبر وقوف السيارات بشوارع المدينة ، و إلى جانبها معدات أخذ تذكرة الوقوف . يمكننا أن ندرج نموذجا على ذلك شارع محمد الخامس الذي يجد فيه اصحاب الدراجات محرومين من الممر الخاص بهم ، لأن البلدية خصصته في نفس الوقت لوقوف السيارات التي تملأ جنبات الشارع من الجهتين .
العبث البلدي في تخطيط السير و الجولان بمراكش يظهر مرة أخرى و بشكل آخر بشوارع كبيرة ، كالطريق المؤدي لمطار المنارة الذي عرف توسيعا مهما و رسمت على جانبه ممرات خاصة بالدراجات التي يظهر أن عددها ضخم بهذا الطريق ، لكن في نفس الوقت فهذا الممر مفتوح للتوقف المفاجئ للسيارات و خاصة سيارات الأجرة ، فتكون النتيجة العملية هي أن هذا الممر عوض أن يوفر الحماية اللازمة لمستعملي الدراجات يضاعف من حدة الخطر الذي يتربص بهم ، لذلك تجد بالطريق المذكور أغلب مستعملي الدراجات يغادرون الممر الخاص بهم ، لأنه في أغلب الأحيان ، يكون مجالا للتوقف المؤقت للسيارات و العربات التي تمر من الطريق .
يتكرر سؤال غريب في أذهان مستعملي الطريق بمراكش ، و هو « هل تحتكم فعلا ، بلدية المدينة في مخططاتها للسير و الجولان و إصلاح الطرق لمهندسين مؤهلين ؟ لأن أغلب ما يترجم على الأرض يكشف عشوائية غريبة ، و نوعا من العماء و حتى الغباء غير المبرر . و لذلك فالمشاريع التي تطرح على الأرض ، و خاصة في مجال السير ، لحل مشكل واضح ، تتحول بدورها إلى مشكل جديد يضاف إلى المشكل الأول الذي جاءت إلى حله ، و يعمق أزمته .
في الأحياء الجديدة ، التي توجد لدى الجماعة فرصة ثمينة للتحكم في مخططات السير ، لا نجد للدراجة و مستعمليها أي اعتبار ، بل لا تدخل حتى في اهتمام و تفكير من يصمم الطرق و الشوارع الجديدة التي تغيب فيها الممرات الخاصة بهذا الصنف من وسائل النقل والمحمية بجدية . و لا يدل هذا الغياب سوى على تغييب سلامة مئات الآلاف من مستعملي الدراجات ، من اهتمام من يشرفون على تسيير المدينة .
الدراجة بمراكش ، علامة عطب كبير في التدبير الجماعي للمدينة و خلل في رؤيته لحل معضلة السير و التنقل ، التي لا تفيد فيها أوراش توسيع الطريق ، لأن هذه الأخيرة تحتاج إلى مجهود أكبر في التنظيم ،و إلى عدم التأخر في اتخاذ القرارات الاستراتيجية الحاسمة التي مازال المراكشيون ينتظرونها منذ سنوات ، و في مقدمتها تحديد وقت دخول الشاحنات إلى المدينة و حصر مجال تحركها بصرامة ، و الحد من طابع الترييف الذي حول العربات الضخمة المجرورة بالبغال إلى ظاهرة مستفحلة بشوارع المدينة تنقل الأشخاص و البضائع و توفر متاجر متنقلة بواجهات مكشوفة و تتحول إلى وسيلة نقل جماعي و تساهم في قتل المارة بالطريق ، و تأويل سياسة الجماعة في السير لصالح الراجلين و مستعملي الدراجات و النقل الجماعي الحضري المؤهل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.