ذكرى اغتيال الشهيد عمر بنجلون هي ليست مناسبة لرثاء و استحضار شخصية عاشت لمبادئها و استشهدت من أجل وطنها فحسب و لكنها مناسبة أيضا لاستلهام العبر و الدروس من الثرات الفكري و النضالي الذي تركه لنا الشهيد عمر و هي كذلك مناسبة نجدد من خلالها الدعوة إلى الكشف النهائي عن المتورطين الحقيقيين في عملية الاغتيال الجبانة التي أنهت حياة طويلة و حافلة بالنضال الحقيقي البعيد عن التملق و بالدفاع الدائم و المستميت عن الجماهير الشعبية و أطفأت شمعة متوهجة تركت بصمتها واضحة جلية في تاريخنا النضالي و السياسي عبر مجموعة من المحطات الوطنية ، المغاربية و العربية و الإفريقية و في مقدمتها القضية الفلسطينية التي لم تغب في يوم من الأيام عن اهتمامات الشهيد عمر بنجلون. من خطط و نفذ و بارك عملية الاغتيال كان يعرف حقيقة ما كان يمثله الشهيد عمر ابن الشعب الذي رفض الإغراءات التي عرضت عليه من طرف المخزن آنذاك و اختار الاصطفاف إلى جانب أبناء شعبه من الطبقات المسحوقة التي تعمل حكومتنا اليوم على استهدافها بسياسات لا شعبية تفقيرية حاربها الشهيد عمر و وقف ضدها بالصوت العالي و بالمواقف الرجولية التاريخية التي لا تزال راسخة لدى العديد من المناضلين و بخاصة أولائك الذين عاصروا عمر و قاسموه الهم النضالي و السياسي خلال فترة حالكة من مسيرة كفاح و نضال واحد من أبناء المغرب العميق ، أكيد أننا كجيل جديد لم نعايش تلك الفترة التي كان فيها الانتماء إلى الاتحاد الاشتراكي جريمة تدخلك غياهب و دهاليز المعتقلات السرية و حتى العلنية ، لكن انتمائنا إلى الحركة الاتحادية خصوصا و إلى عائلة اليسار عموما و كذا انتمائنا إلى عين بني مطهر البلدة التي شهدت ميلاد الطفل عمر تدفعنا اليوم و نحن نحي الذكرى 40 على جريمة اغتيال الشهيد عمر بنجلون إلى المطالبة بالكشف عن الجهة أو الجهات التي كانت وراء جريمة الاغتيال و ليس منفذيها و التي اتخذت من الدين الإسلامي الحنيف مطية و وسيلة رخيصة لحشو عقول و قلوب المنفذين أمور لا علاقة لا بالدين الإسلامي السمح ، فمن راهنوا على أن فكر عمر و نضال عمر سيموت و يخبوا باغتياله أخطئوا التقدير لان عمر و رغم استشهاده في شتاء بارد من دجنبر 1945 ظل و لازال حاضرا في قلوب ووجدان كل الوطنيين الصادقين من أبناء المغرب و في مقدمتهم أبناء مدينة عين بني مطهر الذين يطالبون و هم يستعيدون محطة من المحطات الخالدة في مسيرتنا السياسية و النضالية الوطنية بإعادة الاعتبار لاسم الشهيد عمر بنجلون من خلال إحياء تراثه السياسي و النقابي و الإعلامي و كذا العمل على إخراج مؤسسة عمر بنجلون إلى حيز الوجود ، و هنا لا بد من الإشارة إلى العهد الذي قطعه أحد رفاق الشهيد في النضال و في الاستهداف الأعمى سي محمد اليازغي في إحدى زياراته إلى مسقط رأس الشهيد عمر بنجلون و التي لاتزال قائمة حتى اليوم حتى اللحظة و نتمنى صادقين أن تأخذ القيادة الحالية على عاتقها تفعيل هذا المطلب و هو أقل ما يمكن أن نقدمه لعائلة الشهيد الصغيرة و للعائلة الاتحادية و عموم الجماهير الشعبية التي أحبت عمر الإنسان و بكت عمر الشهيد و هي تودعه و تشيعه إلى مثواه الأخير في مشهد لازال راسخا في مخيلة كل من عايش عمر بنجلون المناضل و الإنسان