رغم المفاجآت العديدة التي شهدتها بطولة كأس الأمم الإفريقية الثامنة والعشرين لكرة القدم، والتي اختتمت مساء الأحد، افتقدت البطولة للعديد من عناصر الإثارة والمتعة على مدار أسابيعها الثلاثة، وبدت المدرجات خاوية في العديد من المباريات. واختتم المنتخب الزامبي مفاجآت البطولة بإحراز اللقب القاري للمرة الأولى، إثر فوزه في النهائي على نظيره الإيفواري 8 - 7 بضربات الترجيح، بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي. ومع غياب العديد من المنتخبات الكبيرة عن البطولة بسبب إخفاقها في التصفيات، وفي مقدمتها المنتخب المصري الفائز بلقب آخر ثلاث بطولات قبل هذه البطولة، افتقدت العديد من مباريات البطولة للقدرة على جذب المشجعين إلى المدرجات. وبدت المدرجات شبه خاوية في عدة مباريات، خاصة مع غياب منتخبات مصر والكاميرون ونيجيريا وجنوب إفريقيا والجزائر عن هذه البطولة، ومشاركة منتخبات أخرى للمرة الأولى في البطولة، مثل النيجر وبوتسوانا إضافة لمنتخب غينيا الاستوائية صاحب الأرض. والحقيقة أن تأهل منتخبي غينيا الاستوائية والغابون، اللذين استضاف بلديهما النهائيات، بالتنظيم المشترك، إلى دور الثمانية حافظ للبطولة على بعض البريق الجماهيري. وسارت فعاليات البطولة بشكل انسيابي ودون أي مشاكل على مدار أسابيعها الثلاثة، مما أسعد الكاميروني عيسى حياتو، رئيس الاتحاد الأفريقي للعبة، (كاف) خاصة مع سهولة تنقل الفرق والمشجعين والمسؤولين بين البلدين المضيفين. وقال حياتو «يمكننا أن نقول إن إقامتنا في الغابون وغينيا الاستوائية كانت مثيرة للبهجة. الكاف يهنئ جميع المعنيين». وشهدت مباريات البطولة عروضا قوية بشكل عام، كما أظهر عدد من اللاعبين إمكانياتهم ومستواهم العالي الذي يبرر تواجدهم واحترافهم خلال السنوات الماضية في أندية مثل مانشستر سيتي وأرسنال وتشيلسي الإنجليزية وبرشلونة الإسباني. وقال المدرب الألماني غيرنو رور، المدير الفني للمنتخب الغابوني، إنه يعتبر هذه البطولة نجاحا كبيرا بشكل عام ولفريقه بشكل خاص. وودع المنتخب الغابوني البطولة بضربات الترجيح 4 - 5، بعد تعادله 1 - 1 مع مالي في دور الثمانية. وقال رور «كرة القدم كانت رائعة وأعتقد أن البعض اندهش من سير كل الأمور بشكل انسيابي هادئ. لم تساورني الشكوك ولكن هناك دائما من يتوقع الأسوأ». وأضاف «أعتقد أن هذه البطولة كانت دعاية رائعة لكرة القدم، والطريق التي يجب أن تكون عليها اللعبة». وشهدت البطولة العديد من المفاجآت، مثل تأهل منتخبي السودان وغينيا الاستوائية لدور الثمانية على حساب منتخبي أنغولا والسنغال على الترتيب. وكان فوز المنتخب الزامبي باللقب القاري مفاجأة أخرى، خاصة بعدما أطاح بالمنتخبين الغاني والإيفواري في الدورين قبل النهائي والنهائي، رغم كونهما الأكثر ترشيحا قبل بداية البطولة لحمل الكأس على ملعب الصداقة في العاصمة الغابونية ليبرفيل. وجاء فوز المنتخب الزامبي باللقب عبر نهاية ساحرة فائقة الروعة، حيث نجح الفريق في تحويل مدينة ليبرفيل، التي شهدت كارثة مروعة للمنتخب الزامبي قبل 19 عاما، إلى ما يشبه المهرجان الاحتفالي باللقب القاري الأول للرصاصات النحاسية. ووقع الحادث على بعد نحو 500 مترا فقط من شواطئ ليبرفيل، ليسفر عن مقتل 30 فردا منهم 18 من لاعبي المنتخب الزامبي. كما شهدت البطولة الإفريقية هذا العام عددا آخر من المفاجآت مثل فوز الغابون 3 - 2 على المغرب وزامبيا 2 - 1 على السنغال، إضافة إلى مجموعة من الأهداف الرائعة في مباريات عديدة. وكان أبرز نجوم البطولة هم المهاجم الإيفواري ديدييه دروغبا والغابوني بيير أوباميانغ والزامبي إيمانويل مايوكا والإيفواري الآخر جيرفينهو، إضافة إلى النجم الزامبي المخضرم كريستوفر كاتونغو، الذي فاز بلقب أفضل لاعب في البطولة. ولكن السلبية الأبرز في هذه البطولة كانت غياب الجماهير في عدد من مبارياتها، فاقتصر الحضور في بعض هذه المباريات على أقل من ألف مشجغي في المباراة الواحدة، بينما تتسع المدرجات لنحو 37 ألف مشجع. وقال حياتو «ماذا تتوقعون منا؟ لا يمكننا أن نجبر الناس على الحضور للمدرجات. بذلنا كل ما بوسعنا». وبالنسبة لرور، كان الأمر عاديا. وقال المدرب الألماني «هناك مشكلة دائما في امتلاء المدرجات خلال المباريات التي لا يكون أصحاب الأرض طرفا فيها. لا أعتقد أن الأمر يختلف كثيرا هنا». ورغم ذلك، قد يدرس الكاف هذا الأمر في المستقبل، خاصة وأن الرعاة يفضلون أن تكون المدرجات ممتلئة. وستقام البطولة الإفريقية القادمة بعد أقل من عام واحد، حيث تستضيفها جنوب إفريقيا في مطلع عام 2013، بعدما قرر الكاف نقل البطولة إلى الأعوام الفردية، تجنبا لإقامتها في نفس الأعوام ذات الأرقام الزوجية، والتي تشهد بطولات كأس العالم أو بطولة كأس الأمم الأوروبية. وبذلك، يحتاج الكاف إلى دراسة قضية غياب الجماهير عن المدرجات في فترة زمنية أقصر من عام واحد. وإذا نجح في حل هذه المشكلة، ستتحول البطولة الإفريقية من بطولة جيدة إلى رائعة.