نظمت مساء يوم الجمعة 7 يونيو 2013 بإحدى قاعات المركب الثقافي محمد زفزاف، جمعية «البيضاء مدينتي» ندوة في موضوع « المسألة الأمنية بالدارالبيضاء» ، بمشاركة مجموعة من المختصين من رؤساء جمعيات وأساتذة و مسؤولين أمنيين، بالإضافة إلى شخصيات من مجالات السياسة و الثقافة و التعليم والرياضة ، ضمنهم الأستاذة فاطمة المودن عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، وأعضاء من أحزاب يسارية. وتمحور النقاش حول «أي سياسة أمنية بمدينة الدارالبيضاء»، حيث تمحورت تدخلات كل من الأستاذ جمال براوي، مسير الندوة، وعميد الشرطة الإدريسي، والأستاذ سهيل الطاهري ، والأستاذ حسن الشرايبي، حول صعوبة تدبير الشأن الأمني بهذه المدينة لاعتبارات متعددة، حاول كل متدخل تحليل مقوماتها ، رغم المحاولات والمجهودات التي يبذلها رجال الأمن بالعاصمة الاقتصادية. أعطى جمال براوي في تقديمه الأولي للندوة صورة للواقع الأمني بالمدينة، مبرزا عدة عوامل تساهم في تشكيله ، منها الوضع الاجتماعي، التربية الأسرية، الأحياء المهمشة، وما إلى غير ذلك من الأسباب التي تدفع الشاب / المراهق إلى ارتكاب جرائم و كذا أشخاص آخرين من أعمار مختلفة، مستعرضا الآثار السلبية التي يخلفها كل عمل إجرامي أو كل تهور أو شغب، متوقفا عند مجموعة من الأنشطة التجارية التي تنتظر بفارغ الصبر وصول نهاية الأسبوع لتنتعش بمدخول إضافي، كبعض صالونات الحلاقة الموجودة في شوارع تعتبر ممرا رئيسيا لأفواج جماهير الكرة، إلا أن هؤلاء سرعان ما تستولي على بعضهم الرغبة في إثارة الشغب للفت الانتباه إلى وجودهم كقوة مارة، ويشرعون في التخريب والتكسير، لاتسلم منه محلات الحلاقة وغيرها ، التي يضطر أصحابها إلى إغلاقها، متحملين خسائر كبيرة ! عميد الشرطة الإدريسي أكد في بداية تدخله أن ما تتوفر عليه الجزائر العاصمة، مثلا ، من رجال أمن، يفوق بكثير ما يتوفر بالدارالبيضاء ورغم ذلك هناك مجهودات جبارة مبذولة في هذا المجال، معززا كلامه بإحصائيات قامت بها ولاية أمن الدارالبيضاء للجريمة و التدخلات الأمنية بشتى أنواعها. الطاهري سهيل الرئيس الشرفي لجمعية الجيل الجديد، ركز في تدخله على «الخميس الأسود» 11 أبريل 2013، وما خلفه من انعكاسات سلبية على الدارالبيضاء وعلى جمعيات الإلترا في جميع مناطق المغرب، التي توجد بها مثل هذه الجمعيات. وأكد في مداخلته أن بعض الأحكام غير المشددة التي تصدرها المحاكم تجاه مشاغبي الملاعب الرياضية، تساهم في إعادة تكرار هذه الأعمال الإجرامية، طالبا من القضاء التعامل الصارم مع هذه الأحداث من خلال الرفع من سنوات العقوبة لتكون عبرة لكل من أراد أن يسلك نفس النهج فيتذكر من سبقوه الذين صدرت في حقهم أحكام رادعة ولسنوات، أما أن يحكم على مشاغب كسر وحطم وتسبب في الرعب والخوف بشهور معدودات فمعنى ذلك انه لن يعطي الجزاء أهمية، لأنه من الممكن تجاوزه بكل سهولة. وأكد المتدخل أن جمعية الجيل الجديد تتوفر على مشروع تأطير 64 شابا، بوضع برامج مكثفة تشمل دوريات حسب الأعمار، في كرة القدم ومحاضرات حول التشجيع السلمي الذي يعتمد على احترام الفريق الخصم ومناصريه دون أي تطاول على حرية الغير، كذلك القيام بقافلة يشارك فيها ممثلون لجمعيات المحبين بالدارالبيضاء وبعض الوجوه الرياضية، تطوف أرجاء الوطن، خصوصا في المناطق التي تتواجد فيه جمعيات الألترا، وذلك لتأطيرها وإبعاد فكرة العنف والشغب عن أذهان عناصرها مع الالتزام بالهدوء أينما حلوا وارتحلوا، محافظين على ممتلكات المواطنين وتجنب التلفظ بما يسئ إلى الاحترام والتقدير، إضافة إلى تنظيم حفل لجميع جمعيات المحبين بالمغرب بمركب محمد الخامس، يرددون خلاله نشيدا موحدا مضمونه محاربة الشغب والمشاغبين، بعد أن تكون قد لقنته لها في جولتها عبر التراب الوطني. متدخل آخر تحدث عن الجريمة المعلوماتية، والتي أصبحت تفرض نفسها ، مؤكدا أن عددا كبيرا من أبطال هذه الجريمة المعلوماتية هم قاصرون، وأصبح المغرب يحتل المرتبة الثالثة إفريقيا وعربيا في ما يخص هذه الجريمة. وفي إطار الرؤية الجديدة ، المبنية على مقاربة تشاركية، تمت محاصرة 112 قضية تهم «قضايا التهديد بالرسائل » السب والشتم والقذف في المجال الاقتصادي : اختراق المواقع الخاصة، الإرهاب عبر الشبكة المعلوماتية.. ، مؤكدا أن العديد من الآباء والأمهات الذين يعملون على إدخال «الو يفي» إلى منازلهم لا يراقبون أبناءهم ولا يعرفون ماذا يفعلون ، معتقدين أنه حين يوجد الابن بالمنزل وخلف الحاسوب فقد ضمنوا حسن سيرته، بل على العكس من ذلك، فكم من الأبناء والأشخاص هم مجرمون من داخل بيوتهم على عكس مايو جد بالشارع العام! و هناك من المتدخلين من تطرق إلى الأمن الروحي، وعلاقة الفرد بالجماعة، وحين تمس الجماعة، فإن ذلك الشخص في اعتقاده أن الدفاع عنها بكل الوسائل شيء عقائدي لابد من السير على نهجه، إلى غير ذلك من الأمثلة التي تدعم العرقية أو المذهبية أو الاديولوجية وما إلى ذلك .وأكد الأستاذ حسن الشريبي: أن الجريمة ليست هي الخطر الوحيد على الأمن، وأن الشرطة لا تخلق الأمن ، بل هي تحافظ عليه.فالخطر هو البطالة ، هو الفقر، هو الهشاشة، هو الظلم ، هو الحكرة، هو الإقصاء...وليس الخطر في المعتصمين أمام البرلمان أو أمام بعض المؤسسات العمومية لحاملي الشواهد العليا ولكن الخطر في أولائك الذين لا يتوفرون على أي شهادة ولا على أي مهنة والذين لا يعرفون القراءة والكتابة ...وساهمت تدخلات الحضور في إغناء الندوة وبروز حقائق أخرى والكشف عن جوانب متعددة من المسألة الأمنية بالدارالبيضاء وتجلياتها المختلفة في الحياة اليومية للساكنة، حيث تم اقتراح تصورات عدة للتغلب على النقائص المسجلة في هذا الميدان.