تجدد التأكيد بمدينة مراكش، التي طالما شكلت أرضا للحوار والتقارب والتعايش، على أهمية الدور الحيوي والاستراتيجي للمراكز الثقافية المغربية في تعميق روابط المغاربة المقيمين في الخارج وخاصة الأجيال الصاعدة ببلدهم الأم وتعزيز الشعور بانتمائهم لهُويته الثقافية. فإلى جانب كونها فضاءات لالتئام مغاربة العالم حول مختلف أوجه الثقافة الغنية للوطن الأم، تعد المراكز الثقافية المغربية، بدون شك، وسيلة لإبراز وإشعاع المغرب داخل بلدان إقامة مغاربة العالم ومن شأنها أن تساهم بشكل أفضل في الدينامية الثقافية في بلدان الاستقبال. ولأجل بلوغ أهداف المراكز الثقافية المغربية، كما يتصورها مشروع مرسوم رقم 2.18.243، الذي تقدم به الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، عبد الكريم بنعتيق، وصادق عليه مجلس الحكومة في نونبر الماضي، دعا المشاركون في مائدة مستديرة حول المراكز الثقافية المغربية بالخارج إلى اعتماد مقاربة تشاركية حقيقية، قائمة بالأساس على التدبير الجيد للعرض الثقافي الموجه لمغاربة العالم. ولعل الإطار القانوني القاضي بتتميم المرسوم رقم 2.14.817 الصادر في 30 من صفر 1436 (23 دجنبر 2014) بإحداث وتنظيم مراكز ثقافية مغربية في الخارج، يسعى إلى تعزيز أداء المراكز الثقافية المغربية بالخارج وتحسين دورها في النهوض بالعمل الثقافي والتربوي لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج ولأبنائهم، من خلال إحداث وتنظيم وتدبير هذه الفضاءات كأماكن لتعزيز الثقافة المغربية والتلاقح الثقافي مع البلدان الأخرى. وشكلت المائدة المستديرة حول المراكز الثقافية المغربية بالخارج، التي نظمت السبت الماضي بمراكش بمبادرة من مجلة «Bled Magazine» بشراكة مع مركز الدراسات والأبحاث حول الهجرة والمواطنة، في إطار الدورة الثالثة لجوائز مغاربة العالم، مناسبة تم التأكيد خلالها على ضرورة تعزيز الجهود المبذولة لأجل بلورة رؤية واضحة من قبل جميع الفاعلين المعنيين، سواء في المغرب أو في دول الاستقبال، حول دور المراكز الثقافية المغربية وعملها. كما دعا المشاركون إلى ضرورة بلورة رؤية واضحة من قبل جميع الفاعلين المعنيين واعتماد مقاربة تشاركية حقيقية، قائمة بالأساس على التدبير الجيد للعرض الثقافي الموجه لمغاربة العالم. وبالإضافة إلى هذه المائدة المستديرة، تم تكريم مغاربة العالم الذين استطاعوا التألق في مجالات نشاطهم، وقد أشار مدير نشر مجلة « Bled Magazine» المنظم لهذا الحدث، أمين سعد، الى أن هذه التظاهرة تعتبر، قبل كل شيء، لحظة للتبادل بين المغاربة، سواء المقيمين بالمغرب أو خارجه. وأكد أن «جوائز مغاربة العالم»، التي اختير للمشاركة فيها، 18 شخصا من بين أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وذلك في ست فئات «الفن والثقافة» و»المقاولة» و»السياسة» و»المجتمع المدني وحقوق الإنسان» و«الرياضة» و«البحث العلمي»، تشكل تكريما للرجال والنساء المنتمين للأسر المقيمة بالخارج والذين يمثلون نماذج للاندماج، في آن واحد، ببلدان الاستقبال والبلد الأصلي، المغرب. ففي فئة «الفن والثقافة»، منحت لجنة التحكيم التي ترأستها حسناء الداودي، الجائزة إلى عازفة الكمان الفنانة منية رزق الله، في حين نال رجل الأعمال عبد الإله شطار جائزة «المقاولة». وفي ما يتعلق بفئة «السياسة»، عادت الجائزة إلى محمد الشايب أخديم، أول نائب من أصل مغربي بالبرلمان الإسباني، في حين نالت المناضلة حفيظة البشير، المنخرطة في الدفاع عن القضايا المرتبطة بالنساء وخاصة حقوق المرأة التي تنحدر من أسر مهاجرة، جائزة فئة «المجتمع المدني وحقوق الإنسان». وفي مجال «الرياضة»، منحت الجائزة إلى الملاكم نور الدين أوبعلي، الفائز في يناير الماضي بلاس فيغاس، بلقب المجلس العالمي للملاكمة في وزن الديك، في حين نال الباحث في علم الأحياء ومدير البحث بمعهد البيولوجيا للتنمية بمارسيليا عزيز مقريش، جائزة «البحث العلمي» . ومن جهة أخرى، قررت لجنة التحكيم منح جوائز خاصة، على التوالي في فئتي «المقاولة» و»الرياضة»، لرحمة المودن، وبطل العالم سبع مرات في رياضة جوجوتسو أمل امجاهد. وشكل هذا الحفل، مناسبة لتكريم فضيلة لعنان، كاتبة الدولة لجهة بروكسل – العاصمة، ورئيسة لجنة الجاليات الفرنسية، التي تعتبر من الجيل الأول للمهاجرين، الذين هاجروا بحثا عن حياة أفضل لأطفالهم، حيث أصبحوا الآن وزراء ورجال أعمال وفنانين مشهورين أو رياضيين مرموقين.