من بين المعالم التاريخية والعمرانية والحضارية التي تزخر بها منطقة زمور ، توجد دار أم السلطان المتواجدة في الجهة الشرقية من عاصمة زمور ، مدينة الخميسات، في اتجاه مدينة مكناس، وبالضبط عند مشارف وادي بهت ، حيث هناك مسلك يؤدي الى موقعها، والتي تحولت مع الأسف الى خراب وأضحت عبارة عن أطلال، دون أن تجد أدنى اهتمام والتفاتة لإنقاذها ، حيث أن منظرها يوضح أنها ذاهبة للزوال. وفي شأنها جاء في كتاب : «قبائل زمور والحركة الوطنية»، لمؤلفه السي أحمد بوبية عند حديثه عن معلمة أثرية أخرى مجاورة لاطلال دارأم السلطان ، وهي قنطرة الديك، وبالامازيغية تسمى: ألقنرت ا أوفلوس ، من المعلوم أن المحطات التي كانت تعرف بدور أم السلطان ، كانت من اعمال الخير والاصلاح التي قامت بها أم السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي المعروفة ب « لالة عودة مسعودة» . وعن موقعها، جاء في الكتاب: «تقع دار أم السلطان على شبه ربوة على الضفة الشمالية لوادي دكور، الذي ينحدر من الخميسات، وبالضبط عند مصبه بوادي بهت، ذلك لأن الطريق كانت على الضفة الشمالية ، حيث سمح بذلك جريان الوادي الذي انحاز الى الضفة الجنوبية فصارت كحائط عال لا يمكن أن تشق به الطريق، وعلى العكس من ذلك الضفة الشمالية التي ابتعد الوادي منها وترك فسحة للطريق طبيعية، ولاتزال هذه الطريق حتى اليوم تربط وادي بهت بالخميسات، ولكن على ظهر الدواب فقط، كما كانت في عهدها الاول. و«دار أم السلطان هذه تحتل حيزا من الارض يناهز 500 متر مربع، إذ نجدها تشتمل على قاعة كبرى تقدر مساحتها بأربعمائة متر مربع، وهي تكاد تكون مربعة الشكل ...» إلى أن يقول المؤلف: «أما عرض الجدران فهو نحو 90 سنتمترا: بنيت على طريقة المركز ، أي بالالواح من خليط الأحجار الصم والجير والحمري، وهي شديدة الصلابة أشبه ماتكون بالخرسانة في عصرنا هذا وأشد متانة، حيث لا يمكن بحال من الأحوال أن تنتزع منها جزءا من الصم الذي هو عمدتها في البناء. و«من غرائب الزمان وعجائب القدر أن هذه الدار لما خربت ، شاء الله أن يحيط بها السكان الأموات حتى تبقى لها صلة قوية بالناحية تؤدي وظيفتها دائما . فقد كانت موئلا وملجأ للمسافرين من سراة وأمراء وتجار، والذين كانوا يأوون اليها مطمئنين بعد ما يقطعون المسافات على ظهر الدواب، أو على أرجلهم، وهناك يأخذون قسطهم من الراحة، بعدما يتناولون طعامهم فينامون مطمئنين ، لايخافون من كوارث الطبيعة من حر وقر في الصيف والشتاء، ولا من عادية البشر التي كانت كثيرا ما تعترض المسافرين والقوافل بالسوء، واليوم أصبحت تؤوي الأموات من أهل الناحية ، بحيث اتخذوها مقبرة لهم ومزارة يزورونها للذكرى والاعتبار «فاعتبروا يا أولي الأبصار». انتهى كلام المؤلف. فهل من التفاتة و تفكير من طرف المسؤولين لانقاذ ماتبقى من هذه المعلمة التاريخية ومعالم أخرى، الآخذة في الزوال.