اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الثلاثاء، بالضربة التي وجهها الرئيس بوتفليقة لوزيره الأول وللحكومة من خلال تأكيده بأنه، على الرغم من مرضه، هو "الضامن" لمصالح الأمة!! وأجمعت الصحف على التأكيد بأن الرئيس بوتفليقة وجه ضربة قوية لوزيره الأول وللحكومة من خلال تعليماته التي يوجه عبرها رسالة قوية للرأي العام، ومفادها بأنه، على الرغم من مرضه، فهو "الضامن" لمصالح الأمة أو الحارس الذي يراقب أبسط انزلاق للحكومة. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة (الوطن) أنه ليست هناك على الصعيد العالمي الكثير من الأمثلة حيث يتم تشويه اشتغال المؤسسات بكل سهولة وبشكل متكرر كما هو الشأن بالنسبة للحكومة الجزائرية، التي راجعت نسختها، ممثلة في المشروع الأولي لقانون المالية التكميلي لسنة 2018 ، بأمر من رئيس الجمهورية قبل تقديمه لمجلس الوزراء. وسجلت الصحيفة أن الأمر يتعلق بإجراء فريد من نوعه في الأروقة السياسية للجزائر، مبرزة أن القاعدة المعمول بها في الأنظمة الديمقراطية بخصوص اللجوء إلى القراءة الثانية للقوانين تأتي في نهاية مسلسل نضج القوانين، وبعد اللجوء إلى التصويت من طرف البرلمان وليس في المرحلة الأولية، أي في الحالة الجنينية للمشروع، موضحة أنه من الناحية الدستورية، تكون لرئيس الجمهورية صلاحية إعادة النص المصادق عليه، موضوع جدل، لقراء ثانية، بعد أن يكون قد تم التصويت عليه. ولاحظت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "المعلم والتلميذ" أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الحكومة ل"الرقابة" من طرف الرئيس بوتفليقة حتى قبل أن يصل النص إلى مكتب البرلمان، مذكرة بأنه منذ فترة قصيرة تمت إعادة الوزير الأول إلى جادة الصواب بشكل فج في ملف الخوصصة من قبل رئيس الجمهورية، الذي ذكره بأن أي قرار ينبغي أن ينال بالضرورة موافقته. من جهتهما، اعتبرت صحيفة (الحياة) و(الفجر) أن إعادة بوتفليقة الحكومة إلى جادة الصواب، الذي أصبح متواترا، كان يمكن أن يتم بشكل سري للحفاظ على تماسك العمل الحكومي، ومصداقية الحكومة، وبالتالي إرسال صورة عن وحدة وانسجام النظام والأغلبية الرئاسية. وسجلت الصحيفتان أن هذه الطريقة في التعاطي التي لا تحترم المبدأ الديمقراطي لفصل السلط والمهام بين المؤسسات المكرس من قبل الدستور تثير ملاحظتين، موضحتين أن الأولى تتمثل في معرفة لماذا يستسلم الرئيس بوتفليقة لإغراء إصلاح عمل الحكومة؟ والثانية تقود إلى التساؤل حول مكانة الجهاز التنفيذي في الهندسة المؤسساتية أمام الحكم الرئاسي بامتياز لبوتفليقة والذي يجعل من الوزير الأول مجرد منسق ومن الحكومة ديوانا قطاعيا ملحقا برئاسة الجمهورية. من جانبها، لاحظت صحيفة (ليكسبريسيون) أنه تم دائما إسناد دور الصمام للحكومة لإخفاء الفشل المتكرر لتسيير البلاد، موضحة أن المستجد، هذه المرة، تمثل في كون الرئيس لم يقتصر على الابقاء على حزمة الرسوم المدرجة في الصيغة الأولى لمشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018، بل أكثر من ذلك دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات لا شعبية أكثر من تلك الواردة في النص الأول. وأكدت الصحيفة أن الخطر الذي ينطوي عليه هذا النهج الجديد للرئيس والذي فرضه إفلاس صناديق الدولة، هو نهج محسوب: إذا فشل فإن الحكومة هي التي ستدفع الثمن كما جرت العادة. بدورها، كتبت صحيفة (ليبيرتي) أنه يبدو أن رئيس الدولة يعوض غيابه عن المشهد السياسي عبر مضاعفة التعليمات والتوجيهات بإلغاء قرارات اتخذتها الحكومة في هذا القطاع أو ذاك.