قضى الدولي المغربي السابق مصطفى يغشى أكثر من 15 سنة متنقلا بين الفرق السويسرية، لكنه ظل وفيا لبلده، ولم يكن يتردد في تلبية نداء الدفاع عن القميص الوطني، مثلما ظل هذا الرجل الدكالي وفيا لأصوله، ولدرب السلطان، حيث قضى طفولته، والدارالبيضاء، التي قضى بها مرحلة مهمة من حياته، في هذه الأوراق يقلب يغشى أوراق مسار جميل. عندما يبدأ الحديث عن أنجح المحترفين المغاربة عبر التاريخ، تقفز مجموعة من الأسماء إلى الذهن، بفضل مسيرتها المتألقة على مدى سنوات عديدة في صفوف أكثر من ناد بالقارة العجوز. البعض يصنف عميد الأسود السابق، نور الدين النيبت، على رأس قائمة الناجحين، بحكم أنه لعب في أربع بطولات لها وزنها على الصعيد الأوروبي، ويتعلق الأمر بالدوري الفرنسي (نانط)، ثم البرتغالي (سبورتينغ لشبونة)، وبعده الإسباني (ديبورتيفو لاكورونيا)، وأخيرا الإنجليزي (توتنهام)، والبعض الآخر يتحدث عن الودادي الثاني، عزيز بودربالة، الذي أبدع هو الآخر في ثلاثة دوريات، وتحديدا بسويسرا، وفرنسا، والبرتغال، وهناك من عاد سنوات كثيرة إلى الخلف، ليقول إن الأفضل سيظل دوما هو العربي بنمبارك، الذي أبدع وأمتع مع فريقين عملاقين، هما أولمبيك مارسيليا الفرنسي وأتليتكو مدريد الإسباني. عموما تختلف الآراء وتتعدد المقترحات، ليبقى الأهم أن قائمة أنجح المحترفين المغاربة في القارة العجوز تشمل الكثير من الأسماء، من بينها الدولي السابق مصطفى يغشى، الذي ظل وفيا للدوري السويسري، حيث قضى أكثر من 15 سنة متنقلا بين أكثر من فريق، غير أنه فضل أن يعيش بمدينة جنيف، التي تعلق بها تماما مثل تعلقه بمنطقة دكالة التي ينتمي إليها، ومثل تعلقه بدرب السلطان، حيث قضى طفولته، وتحديدا قرب سينما "الملكية"، وتشبثه الكبير بمدينة الدارالبيضاء، التي قضى بها جزءا مهما من حياته، ويكفي أنه عاد ليستقر بها، وإن كان اختار هذه المرة منطقة عين السبع. في هذه الأوراق، سنحاول النبش في حياة مصطفى يغشى، وسنعمل على سبر أغواره، لتقريب قرائنا من واحد من نجوم الأمس، الذين تألقوا لسنوات، ويكفي أنهم يحظون بسمعة كبيرة في بلاد المهجر. يتذكر مصطفى يغشى أيضا أنه كان قريبا من خوض تجربة في الدوري السعودي، وتحديدا سنة 1978، ويؤكد ذلك بقوله "تعرفت إلى النجم الجزائري رشيد مخلوفي حينما التحقت للعب مع نادي سيرفيت جنيف، إذ لعبنا جنبا إلى جنب لمدة موسم واحد، بعدها غادر مخلوفي، فتلقى عرضا لتدريب فريق سعودي، وهي المناسبة التي اقترح فيها على مسؤولي الفريق التعاقد معي، فاتصل بي وتحدث لي عن قيمة العرض، لكنني رفضت، لأن الرقم لم يكن مغريا ثم أيضا لأنني كما قلت سلفا ربطت علاقة قوية مع مدينة جنيف، ولم أكن على استعداد لمغادرتها". ويعود يغشى للحديث عن شهر رمضان ويقول "صراحة كان شهر رمضان أعز أشهر السنة لدي، علما أنني كنت أرفض أن أفطر، وأصر على مواصلة الصيام، سواء خلال الحصص التدريبية أو أثناء المباريات، والحق أقول إن مسؤولي مختلف الفرق التي لعبت لها أو الأطر التقنية لم تضغط علي ولو مرة واحدة، ولم يطلب مني أحد أن أفطر ولو مرة واحدة. في أكثر من مرة شاركت في مباريات وأنا صائم، وأضطر بالطبع إلى انتظار فترة ما بين الشوطين أو أحيانا نهاية المباراة لأفطر". ويواصل يغشى "خلال شهر رمضان حصلت على لقب الجوهرة السوداء من طرف بعض السويسريين، الذين شبهوني بالعربي بن امبارك. الحمد لله، أنني حافظت دائما على هويتي الإسلامية طيلة مقامي في سويسرا، وكان الجميع يحترمني عندما أؤدي مشاعري من صلاة وصيام وغير ذلك". قبل إسدال الستار على اللقاء الذي استمر لساعات، أصر يغشى على أن يختم حديثه إلينا قائلا "هناك بعض الأمور ندمت عليها. ندمت لأن فرصة اللعب في صفوف سانت إيتيان ومجاورة لاعبين من وزن كبير، أمثال بلاتيني، وروشتو، ولاريوس، وجوني ريب، وغيرهم ضاعت مني. ندمت أيضا لأن فرصة المشاركة في مونديال 86 بالمكسيك ضاعت مني، علما أن الاختيار وقتها كان صعبا جدا، لكن رغم كل شيء أقول الحمد لله، والخير في ما اختاره الله. أنا راض جدا على مسيرتي الرياضية، راض على الألقاب التي حصلت عليها، وعلى أهدافي التي فاقت 300 طيلة مسيرتي الرياضية. راض على حياتي مع أسرتي، لأنني عشت لحظات ممتعة وما زلت مع زوجتي وأبنائي، الذين يوجدون بسويسرا، لكنهم يحضرون إلى المغرب كلما أتيحت لهم الفرصة. أعتز بأنني كنت سباقا للاحتراف في سويسرا، وأعتز بأنني قدمت كل أشكال الدعم لأبناء بلدي، الذين التقيتهم في بلاد الغربة. أحس بأنني أديت رسالتي الرياضية على أكمل وجه، لكنني أتوق إلى إكمال الواجب إذا أتيحت لي الفرصة، من خلال تدريب فريق يثق في إمكانياتي المتواضعة، ويريد الاستفادة من خبرة السنين". في الحلقة المقبلة الكورش أسطورة الدراجة المغربية