محمد الشرقاوي، خبير متخصص في المبادرات وحلول المشاكل والبرامج المعلوماتية، اختار الاستثمار ووضع كفاءته وخبرته رهن إشارة الآباء من جهة والمجتمع ككل. محمد الشرقاوي أسس محمد الشرقاوي بمعية الباحث الفرنسي، واختصاصي الطب النفسي المعرفي والعصبي، إيف مانيو، مشروعا للتربية والصحة من خلال إعداد "الدليل العالمي للتربية والصحة" يستهدف الأسر التي مازالت تعاني مشاكل تربوية في التعامل مع جيل من الأطفال والشباب، صعب المراس، ويرمي إلى دمقرطة مفهوم جديد للتربية. المشروع يعني مبادرة لتوزيع، بالمجان، على الآباء وآباء المستقبل، ملايين من هذا الدليل العالمي للتربية والصحة على الصعيد الوطني، ثم العالمي، لكنه يحتاج إلى انخراط فعلي وجاد لكل القوى الحية حتى يمكن تحقيق الغاية منه. عن هذا الدليل وأهدافه ونتائجه المستقبلية يتحدث محمد الشرقاوي في هذا الحوار. ما هي طبيعة المشروع العالمي الخاص بإصدار دليل للتربية والصحة؟ المشروع العالمي التربية والصحة هو مبادرة مواطنة جماعية، انطلق الترويج لها أولا بالمغرب، سنة 2008، بمبادرة مني، كاختصاصي في المبادرات وحلول المشاكل، والدكتور الفرنسي إيف مانيو، اختصاصي في الطب النفسي المعرفي والعصبي، باحث وكاتب ذو صيت عالمي. تروم هذه المبادرة إلى دمقرطة مفهوم جديد للتربية، من خلال توزيع، بالمجان، على الآباء وآباء المستقبل، ملايين من الدليل العالمي التربية والصحة على الصعيد الوطني المغربي ثم العالمي. وحظيت بمساندة وزارة الصحة، منذ 2010، وبمساندة عائشة الشنا، رئيسة ومؤسسة جمعية التضامن النسوي، والدكتور إدريس الكراوي، الكاتب العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، وكذلك وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية. ما هي في نظركم أهمية إصدار مثل هذا الدليل؟ وما هي الإضافة التي سيقدمها في حياة الآباء والأسر؟ إن المفاهيم الخاطئة عن التربية مسؤولة عن أغلب الأحاسيس بالضيق وسوء العيش سواء عند الطفل، أو المراهق، أو الكبير، وبسببها يضيع هؤلاء الذين كانوا ضحيتها، كما أن المجتمع يفقد كفاءات وقوى حية لا يمكن تعويضها، وفي الأخير، يصرف أموالا طائلة لإصلاح ما يمكن إصلاحه. من هنا تأتي أهمية تزويد الآباء وآباء المستقبل بدليل سهل وعملي يمكنهم من اكتشاف مفهوم جديد للتربية، ويجعلهم يدركون بأنفسهم الأخطاء التي يرتكبونها في حق أبنائهم، وكل من هم تحت مسؤوليتهم. إضافة إلى اكتسابهم معارف عن شخصية الطفل، ودور الآباء، وعلاقة الصحة بالتربية، وعلاقة الهدر المدرسي بتصرفات الكبار، كانوا آباء أو مدرسين، وعلاقة التربية بحوادث السير وبتكلفة الأمن والصحة، وبمستقبل الطفل، وبالنمو الاقتصادي. فهو، على حد سواء، دليل التربية التي يجب إعطاؤها لأبنائنا حتى نجعل منهم، الآن وفي ما بعد، كائنات مفعمة بالحيوية والنشاط، ومتزنة في عقلها وجسدها وحياتها، ومسلحة جيدا للتعامل مع الوجود ولمعرفة السعادة، ولكنه أيضا دليل التربية لصحة بدنية وعقلية جيدة، أولا من خلال تعلم قواعد النظافة، ثم من خلال تعلم طرق الرد والتصرف، التي تضمن صحة الجسم والعقل. وفي الأخير، هو دليل التربية لإعداد جيد لصحة اجتماعية. يعني أن يكون الطفل كبيرا أو صغيرا مندمجا بشكل جيد في المجتمع الذي نعيش فيه، وبحالة جيدة مع نفسه ومع الآخرين، وقادر على بناء حياته كما يشاء، وكلها مفاتيح تقود إلى الوصول إلى التنمية الشاملة للفرد، وبالتالي إلى صحة جيدة بدنية وعقلية. إننا لا نزداد آباء، بل نصبح كذلك بالتعلم الصحيح وبالممارسة، ومساعدة رجال ونساء اليوم للقيام بواجبهم كآباء على أحسن وجه، هو الهدف من وراء نشر هذا المفهوم على نطاق واسع. تنادون، عبر الموقع الالكتروني المخصص للإعلان عن المشروع، بالانخراط والمساهمة المادية في تمويل المشروع. لمن توجهون هذا النداء؟ وماذا تقصدون بالمشاركة المواطنة؟ قضايا التعليم تخصنا جميعا، وهي أساسية من زاوية فردية كما من زاوية جماعية. لهذا، ومنذ 2008، نتواصل مع جمعيات وشركات ومؤسسات ووزارات لمساندة هذه المبادرة الإنسانية، معنويا وماديا. مبادرتنا لا تحتاج إلى أموال طائلة، لكنها تحتاج إلى نفس طويل، وإلى أشخاص ومؤسسات تفكر في كيفية تحسين تربية أبنائنا، وبالتالي تنمية اقتصادنا وتماسك مجتمعنا. فحينما تقوم مؤسسة خاصة، أو عمومية، بتمويل طباعة وتوزيع بالمجان بضعة آلاف من الدليل العالمي التربية والصحة، حسب ميزانيتها واستراتيجيتها التواصلية، فهي أولا تقوم، على المدى البعيد، بالترويج لصورة مواطنة لمؤسستها. ثانيا، تساهم في تلميع صورة المغرب على الصعيد العالمي (منذ 2008 ونحن نروج للمشروع في عدة دول إفريقية وأوربية وباتصال مع جمعيات و منظمات دولية). ثالثا، تساهم في تطبيق هذا المفهوم على المنظومة التعليمية، وليس المنظومة التربوية كما هو متداول. ورابعا وأخيرا، تشجيع مؤسسي هذه المبادرة الذين اختاروا المغرب كأول محتضن لها. ما الذي يعيق توزيع الدليل حتى الآن؟ مجموعة من الشركات أعطت سنة 2010 موافقتها المبدئية لتمويل المشروع، لكن مع أحداث ما عرف بالربيع العربي، تراجعت عن موقفها، وهو ما جعلنا نغير استراتيجية الدعم والتمويل المادي للمشروع، بحيث تمكنا من الحصول على الدعم المعنوي للشخصيات والوزارات التي سبق ذكرها، ثم بعد حصولنا على الموافقة المبدئية لثلاث شركات كبرى تراجعت بعد 6 أشهر من التفاوض، لأنها أرادت الانفراد به، دون منافسيها، ولمدة سنوات، كما أرادت تمويل فقط بضعة آلاف، في حين أن المبادرة تروم توزيع الملايين حتى تعم الفائدة. ما يعيق المشروع هو قلة الإمكانيات المادية، وقلة التواصل، وطول دراسة طلباتنا. فشركة "إنسياتيف وب" المنظم العالمي للمشروع، شركة تعمل بإمكانياتها البسيطة، وأنفق مؤسسها من ماله الخاص في سبيل إنجاح هذه المبادرة، إيمانا منه بأن نجاح مبادرة من هذا الحجم، من طرف مقاول اختار الاستثمار في اقتراح الحلول والمبادرات لمشاكل تهم الأسرة والتربية، لا يمكن إلا أن يكون مثالا لكل المقاولين الصغار، ولم لا المقاولات الكبرى، التي يجب أن تكون مثل هذه المبادرات ضمن أولوياتها، بدل الاقتصار على احتضان مشاريع كل من له صيت على الصعيد الوطني. ما هي انتظاراتكم من هذا المشروع؟ المشروع، الذي هو في إطار الدراسة من طرف المرصد الوطني لحقوق الطفل، ووزارة التعليم الوطني، ووزارات أخرى، سيساهم في تسليط الضوء على التربية، بمفهوم تكوين شخصية متوازنة ومندمجة داخل المجتمع، التي تبقى الأساس لجعل الطفل، والمراهق في ما بعد، يستفيد كليا من تعليم يفتح له آفاق المستقبل، وحماية صحته من أكثر الأمراض شيوعا. هذه الرسالة الأولوية من التربية تبقى من اختصاص الآباء، وليس المدرسين الذين يقتصر دورهم بالأساس على تلقين المعارف. ثانيا، جعل المبادئ الخمسة لتربية ناجحة مرتكزا لنا كآباء وآباء المستقبل للتواصل السليم مع الأطفال والكبار معا. ثالثا وأخيرا، مساهمة هذا المشروع في إعادة الاعتبار للكتاب.