كشف رضوان غنيمي، أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر، وباحث في العلوم الشرعية أن رفع الحجر اليوم هو انتقال بالناس من مسؤولية الدولة الكاملة الى مسؤولية الأفراد أو بالأحرى إشراك الدولة للأفراد في مسؤولية مواجهة الوباء وفي تحمل تبعات الجائحة اقتصاديا واجتماعيا وصحيا. وبمناسبة رفع المغرب لحالة الحجر الصحي، اليوم الخميس، أوضح غنيمي في دردشة ل"الصحراء المغربية" أن الحجر الصحي الذي رفع اليوم، أحيط بترسانة تحذيرات وتنبيهات وتوجيهات كلها تشير إلى أن الحجر إنما جرى رفعه اضطرارا كما جرى فرضه في الماضي اضطرارا. وقال غنيمي إن "التلهف الزمني للناس وتعطشهم لاسترجاع وثيرة الحياة في صيغة ما قبل وباء كورونا يضعنا أمام جملة من التساؤلات" تتعلق كلها بمدى إدراكهم لحقيقة رفع الحجر ودوافعه، ومدى التأهل النفسي والاجتماعي لتقبل رفعه، ثم إلى أي حد يمكن لإجراءات الحماية والاحتراز الصمود أمام أعراف المغاربة وبنياتهم المجتمعية، ومدى مراعاة المقاربة الاقتصادية لرفع هذا الحجر. وبعدما أكد غنيمي أن طرحه لهذه التساؤلات لا تكشف عن أي تشاؤم ولا أي نظرة عدمية أوضح أنه عبارة عن محاولة لاستشراف مستقبل ظهرت مؤشراته قبل رفع الحجر بأيام قليلة، إذ وصلت عدد الإصابات قبله بيوم واحد عددا هو الأعلى منذ دخول الوباء إلى المغرب. وأضاف المتحدث أن "تزايد عدد الإصابات بوثيرة مخيفة مقارنة بمعدل ارتفاعها على مدى ثلاثة أشهر مضت يستدعي منا وقفة تأمل ونحن نبتهج بنهاية الحجر الصحي". ورأى المتحدث أنه من الضروري استحضار مدى استعداد الناس للاستمرار الحجر اختيارا، بعد التزامهم لما سماه الكثيرون حجرا و منعا. كما أكد أن الجميع مطالب باستمرار مقتضيات الحجر في ظل رفعه، وبمستوى أعلى من معايير الوقاية والاحتراز. وتابع المتحدث تقديم رأيه حول رفع هذا الحجر قائلا "إننا أمام حجر صحي اختياري، وكل واحد منا طبيب نفسه، صحيح رفع الحجر الصحي الرسمي لكن واقع الحالة الوبائية بالبلاد ينبئ بانتقالنا من حجر اضطراري مكلف اقتصاديا، إلى حجر اختياري قد يساعد في إنعاش دورة الاقتصاد". وأضاف المتحدث أيضا أن "رفع الحجر ليس إيذانا برفع الوباء ولا بانتهاء أمد البلاء، ولا يعني إقامة الولائم ولا معانقة الجيران والأحباب بقدر ما هو ضرورة فرضها الواقع الاقتصادي المنهار عالميا ليضعنا أمام تحدي التعايش مع وباء بالكاد تقوى وأظهر أنيابه وبدأت تظهر خلاياه النائمة". ويرى المتحدث أن هناك ثلاث حقائق تفرض نفسها على الوضع الحالي، "لا تتخلف واحدة عن الأخرى ولا تظهر واحدة استعدادها للتنازل للأخرى". وتتعلق الحقيقة الأولى بالإكراه الاقتصادي الذي أرهق كاهل الدولة فاضطرها إلى رفع يدها، وبمحاولة إشراك أفراد المجتمع في مسؤولية مواجهة الوباء، والثانية بحقيقة الضرر الاقتصادي الذي مس عددا من الأسر الذين قل أو انعدم دخلهم طوال مدة الحجر ولم يستفيدوا من دعم الدولة لسبب أو لآخر، والثالثة بحقيقة استمرار الوباء. وبالمناسبة استحضر المتحدث ما يجري تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من شغف الناس وتعطشهم للانخراط في مجريات الحياة اليومية بشكل "يبعث على الخوف من انتكاسة وبائية قد لا نستطيع تحمل نتائجها، ولا مجاراة تداعياتها في وقت يشهد فيه العالم عودة دول إلى الحجر الصحي بعد تجربة رفعه كما حدث الثلاثاء الماضي في وستفاليا شمال نهر الراين بألمانيا". ويعتقد المتحدث أن رفع الحجر لا يخلو من مخاطرة ومغامرة خصوصا على مستوى انتقال الفيروس إلى مناطق استطاع القائمون عليها يجعلوها بعيدة عن الوباء فلم تسجل فيها ولو حالة واحدة منذ ظهور الفيروس في المغرب من قبيل مدينة السمارة. وخلص المتحدث في دردشته إلى أن الوضعية الحالية تستدعي اختيارات مصيرية فردية ابتداء من إدراك المعنى الحقيقي لرفع الحجر حتى يسلم الجميع من الجائحة.