التئم، أمس الخميس بمراكش، ثلة من الخبراء الوطنيين والدوليين، خلال النسخة الثامنة من الحوارات الافتراضية " لنتحدث عن التنمية"، لمناقشة نموذج المدينة المستدامة الذي سيتم اعتماده بالمغرب وبشكل خاص بمدينة مراكش وذلك من خلال معالجة محاور همت التنمية المستدامة، النجاعة الطاقية، إدارة الموارد الطبيعية والتهيئة المجالية. وأجمع المشاركون، في هذه الندوة التي نظمت بمبادرة من برنامج الأممالمتحدة للتنمية والبنك الدولي ومركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، بشراكة مع جامعة القاضي عياض بمراكش، أن رؤية المغرب مكنت من إعطاء دينامية جديدة للمدن، سواء منها العتيقة أو العصرية، وحققت حيزا كبيرا من الأجندة العالمية للاستدامة للأمم المتحدة في أفق سنة 2030 (أهداف التنمية المستدامة). وأوضحوا أن العديد من المدن المغربية أضحت في الآونة الأخيرة عنصرا أساسيا لتنزيل سياسة المغرب للتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة ومواجهة التحديات المناخية. وأكدت لبنى الشاوني، المسؤولة عن برنامج حماية وتنمية واحات النخيل بمراكش بمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، أن مراكش تمثل نقطة التقاء مجموعة من برامج المؤسسة، بالنظر إلى ثقافاتها المتعددة وموقعها على المستوى الوطني. وأضافت الشاوني أن برامج مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة تستهدف عدة مجالات تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي الايكولوجي للمدينة، من أجل العمل على تمكينها من الانتقال لتصبح مدينة مستدامة. وأوضحت الشاوني أن مقاربة المؤسسة تعتمد على تضافر الجهود ذات الأهداف المتعددة على المستوى الترابي والسهر على انخراط كل الفاعلين حول المشاكل البيئية التي تعاني منها المدينة. وذكرت بأهداف المبادرة التي وضعها برنامج حماية وتنمية واحة نخيل مراكش الذي أعدته المؤسسة، لدعم الساكنة المحلية التي تعيش على الفلاحة، مشيرة إلى أن هذه المبادرة تقترح مقاربة جديدة تتمثل في الفلاحة الإيكولوجية التي تساعد على ضمان استقرار الساكنة عبر تمكينها من أنشطة مدرة للدخل وجعلها حامية لمحيطها الإيكولوجي. من جانبها، أكدت نهلة العلوي مهندسة في النجاعة الطاقية في الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية على الدور المهم لكفاءة الطاقة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة والمدن، وهو ما جاء ضمن الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي أُنشئت عام 2009. وتوقفت العلوي عند كفاءة الطاقة في المباني وتأثيرها على استهلاك الطاقة، مشيرة إلى أن هذا القطاع هو ثاني قطاع مستهلك للطاقة في المغرب. بدورها، أشارت زهرة الساحي المفتشة الجهوية لقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير بجهة مراكشآسفي، إلى أن المغرب سلك طريق التنمية المستدامة ، التي أصبحت أولوية استراتيجية ، لا سيما من خلال اعتماد الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة ، وإرساء نموذج التنمية الجديد ، واعتماد ميثاق اللامركزية الإدارية في عام 2018 ، وإدماج بعد الاستدامة على مستوى الترسانة القانونية. وأكدت الساحي أن دعامات التنمية المستدامة للمدينة من وجهة مصلحة إعداد التراب والتعمير تتمثل في غنى ثقافتها وتراثها، والتحكم في التوسع العمراني من خلال تدبير مستدام للموارد الطبيعية والعقارية وعبر تطوير مراكز للتجمعات السكنية حول مراكش من اجل إعادة التوازن للمجال الحضري حول المدينة بالاخذ بعين الاعتبار خصوصياتها وهويتها، وتنويع الاقتصاد وضمان تحول نحو الاقتصاد الحضري الأخضر الذي لا يتطلب الكثير من الموارد الطبيعية، والاستثمار في الرأسمال البشري على الخصوص الشباب وجعله رافعة لتحول الاقتصادي والاجتماعي. وتناول أحمد الشهبوني رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت، موضوع التنقل الحضري باعتباره ركيزة التنمية المستدامة، موضحا في هذا السياق، أن المدينة المستدامة هي المدينة التي يعيش سكانها في سلام وانسجام مع محيطهم ، ويتعلق الأمر بالمدن التي تضمن الإنصاف في الولوج إلى الخدمات الأساسية باستعمال وسائل النقل متزنة وذات مردودية . وأضاف الشهبوني ان جزء مهما من أهداف التنمية المستدامة مرتبطة كثيرا بالتنقل المستدام، الذي يلعب دورا محوريا في تقليص الانبعاثات الغازية، مشيرا في هذا السياق، الى شروع المغرب في مجال استدامة التنقل الحضري من خلال العديد من المشاريع مثل "الترام" في الدارالبيضاء والرباط والحافلات الكهربائية في مراكش. ودعا الشهبوني إلى تحسين جاذبية النقل العام في مراكش، من أجل تشجيع الناس على استخدام هذا النقل بهدف الحد من الازدحام المروري وعدد حوادث المرور والتلوث الحضري. وشكلت هذه الندوة، التي نظمت ضمن سلسلة الحوارات الافتراضية، فرصة للمشاركين لتدارس تحديات التنمية المستدامة في مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والفرص التي توفرها خطة عام 2030 كخريطة طريق للخروج من الأزمة بشكل أقوى.