شهدت مدينة الحسيمة في شمال المغرب تظاهرة جديدة، ليل الأربعاء إلى الخميس، لليلة السادسة على التوالي، للمطالبة بإطلاق سراح قيادي في «الحراك» الاحتجاجي المحلي، الذي يبدو أنه يعيد تنظيم صفوفه رغم الاعتقالات. ومنذ صدور مذكرة توقيف، الجمعة الماضية، بحق ناصر الزفزافي القيادي في حركة الاحتجاج في منطقة الريف في الأشهر الأخيرة، تعيش مدينة الحسيمة الساحلية حالة غليان. ونزل المحتجون مساء الأربعاء إثر الإفطار إلى شوارع المدينة وهم يرددون «كلنا ناصر الزفزافي». وكما حدث مساء الثلاثاء رفع المحتجون صور الزفزافي ورايات أمازيغية، ولافتة كتب عليها «جميعنا مناضلون». وتفرق الجمع من دون حوادث. ولا يزال نجيب أحامجيك الذي كثيرا ما يشار إلى أنه المسؤول الثاني في الحراك فارا، وهو مستمر في الدعوة إلى «التعبئة» عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وخاطبت ثلاث نساء شابات مساء الأربعاء المتظاهرين للمطالبة ب»الإفراج عن المعتقلين»، إحداهن هي نوال بنعيسى، وهي من الوجوه الجديدة في الحراك التي ازداد ظهورها في الأيام الأخيرة في التجمعات الاحتجاجية. وهتفت هذه الشابة الأم لأربعة أطفال عبر مكبر صوت «سلمية، سلمية». ولئن كان عدد المحتجين أقل الليلة الماضية فقد بدوا أفضل تنظيما مع جمع تبرعات وانتشار متطوعين يرتدون سترات مشعة لتنظيم حركة المتظاهرين. وبرز دور المرأة وأشير الى المراجع الدينية التي ركز عليها الزفزافي في الأسابيع الأخيرة. واشار موقع «تيل كيل» الإخباري صباح الخميس إلى أن «الحراك يتنظم مع حرمانه من قادته». وقالت بنعيسى إن الشرطة استدعتها وتوجهت صباح الخميس إلى مركز الشرطة في الحسيمة وخرجت منه لاحقا. وبعد أن سجلت في نهاية الأسبوع الماضي مواجهات ليلية عنيفة، جرت التظاهرات لاحقا من دون عنف. وأشارت الصحف العامة الى اعتصام تأييد نظم مساء الأربعاء في الجديدة (وسط غرب) شوش عليه ناشطون مناهضون للحراك وفي مكناس (وسط) ما استدعى تدخل الشرطة مستخدمة عصيها. وتغطي وسائل الإعلام العامة في المغرب هذه التحركات بالحد الأدنى. ووجه الاتهام للتلفزيون العام بسبب استخدامه صور ارشيف لمواجهات أنصار فرق كرة قدم لمواكبة موضوع عن «الحراك». وأشار موقع «لو ديسك» الإخباري إلى «تسريبات مزيفة وصور مغرضة» انتشرت عبر الإنترنت، بينها خصوصا صور خاصة للزفزافي و»تسريبات» عن «علاقاته بأباطرة المخدرات» او المسكن الاجتماعي الذي حصل عليه والده من الدولة وصور مزعومة عن نقله بمروحية الشرطة الى الدارالبيضاء. ونفت وزارة الداخلية أن تكون وراء أي تسريب او إعلان عبر شبكات التواصل الاجتماعي، داعية الى «اليقظة» إزاء معلومات «زائفة» تنسب إليها. وبقيت الطبقة السياسية صامتة في الأيام الأخيرة حتى اجتماع الأربعاء لقادة أحزاب الأغلبية برعاية رئيس الوزراء الإسلامي سعد الدين العثماني. وجدد المجتمعون «التأكيد على الحق في الاحتجاج للتعبير عن المطالب الاجتماعية الشرعية « داعين الحكومة إلى «مزيد من التفاعل الإيجابي مع مطالب سكان» منطقة الحسيمة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية المغربية. وأكد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، بعد غياب طويل، أن قضية الحسيمة «حاضرة عند الحكومة، وعدد من مناطق المغرب»، وأن «الحكومة تتبع الملف التنموي للمنطقة» وحث العثماني الوزراء المكلفين بعين المكان بتتبع المشاريع بفعالية، «لأننا نريد الاستجابة لهذه المطالب لكن بطريقة معقولة وسريعة على حسب القدرة والإمكانات». وأضاف أن الحكومة تتفاعل بشكل «إيجابي مع مطالب المغرب في كل المناطق»، مشدداً على «ضرورة حماية الممتلكات العامة والخاصة والأمن والعامة، لتعزيز الاستقرار والأمن الذي سيستفيد منه الجميع». وأكد العثماني أنه «عقد لقاء مع وزير العدل ووزير الداخلية، حيث أكدوا من خلاله أنه في أي عملية يجب أن يكون هناك احترام لحقوق الإنسان واحترام حقوق المتهمين والمساطر كما هو منصوص عليها قانونيا».