رغم المجهودات التي تبذلها الدولة لتقليص العجز الاجتماعي، إلا أن أحدث تقرير أعده المرصد الوطني للتنمية البشرية، أفاد بأن نصف المغاربة لايزالون يعتبرون أنفسهم فقراء. التقرير أشار إلى أن مستوى معيشة المغاربة تحسّن من حيث قيمته الحقيقية، وارتفع في المتوسط بنسبة 2,2 في المائة سنويا بين عامي 2012 و2017، مع تفاوت ملحوظ، حيث شهد العالم القروي تحسنا بنسبة 3,5 في المائة سنويا، مقارنة بالوسط الحضري، حيث النسبة تحسّنت ب1,2 في المائة. لكن، رغم تلك الأرقام والنسب، فإن التقرير الجديد للمرصد أشار إلى أن تقليص العجز لازال كبيرا، مثال ذلك أن “مستوى معيشة سكان الوسط الحضري لايزال أعلى مرتين، مقارنة بسكان الوسط القروي”. وتضمن التقرير مؤشرات تفيد بأن الفقر المطلق (عجز الشخص عن توفير الضروريات اللازمة لحياته وحياة أسرته) في تناقص مستمر بالمغرب، بحيث تراجع من 7,1 في المائة سنة 2012، إلى 1,4 في المائة سنة 2017 على المستوى الوطني. كما تراجعت نسبة الهشاشة، أيضا، خلال الفترة نفسها من 15,7 في المائة سنة 2012، إلى 9 في المائة عام 2017. هذا، وشهدت المؤشرات حول الفقر النسبي (تدني دخل الشخص مقارنة مع متوسط الدخل الوطني) تحسنا مماثلا، بحيث انخفض من 21,4 في المائة عام 2012 إلى 19,7 في المائة عام 2017، لكن هذه التراجع لم يكن له أي تأثير على الوضع المعيشي للأسرة المغربية، حيث تعتبر 50,1 في المائة من تلك الأسر نفسها فقيرة. علما أن هذه النسبة أعلى مقارنة مع سنة 2012، حيث كانت 46,6 من الأسر تعتبر نفسها فقيرة. لكن رغم شعور نصف الأسر المغربية بأنها فقيرة، أتت أرقام التقرير معاكسة، بحيث أظهرت تحسنا في كل المؤشرات الاجتماعية، بدءا من المؤشرات المتعلقة بالخدمات الأساسية. فالكهرباء، وهو خدمة أساسية، تم توصيله إلى العالم القروي بنسبة 97,1 في المائة سنة 2017. وكذلك الوضع بالنسبة إلى تغطية العالم القروي والحضري بالماء الصالح للشرب التي بلغت نسبة 77,1 في المائة خلال العام ذاته. ولازال العالم القروي يشكو من نقص كبير في نظام الصرف الصحي بنسبة لا تتجاوز 12,1 في المائة، وكذلك الوضع بالنسبة إلى بعض المشاريع الأخرى مثل التعليم المدرسي والتغطية الصحية للمواطنين، حيث تكشف الأرقام أن هناك عملا كبيرا يُنتظر القيام به. فوصول الأسر إلى مدرسة ابتدائية قريبة من منطقة سكناهم تحسّن قليلا مقارنة بين 2012 و2017، من 75,1 في المائة إلى 76,1 في المائة. كما أن الأسر التي لها الإمكانية للوصول إلى أقرب مركز صحي، على بُعد أقل من 5 كلمترات من مقر سكناهم، تقدر نسبتها ب56 في المائة، ما يعني استمرار الصعوبات بالنسبة إلى أزيد من 44 في المائة من الأسر في الولوج إلى الخدمات الصحية. ورغم انتشار التعليم، فإن متوسط سنوات الدراسة في سنة 2017 لم يتجاوز 4,8 في المائة، ولاتزال التفاوتات بين الرجال والنساء، حيث تصل سنوات الدراسة بالنسبة إلى الرجال إلى 5,8 في المائة، مقابل 3,8 في المائة بالنسبة إلى النساء، وتتفاوت هذه النسب بشكل أكبر على المستوى الإقليمي، حيث لا يتجاوز متوسط سنوات الدراسة في العالم القروي 2,2 سنة، مقابل 6,1 سنوات في الوسط الحضري، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، منها الانقطاع عن الدراسة.