قال أستاذ القانون الدستوري، عبداللطيف مستكفي، إن التشهير هو مس بالحق في الحياة. ما هي قراءتك القانونية لحملات التشهير التي طالت عددا من الشخصيات السياسية والإعلامية في الآونة الأخيرة؟ من وجهة نظر القانون الخاص، فإن المشرع الجنائي حدد عقوبة التشهير في الفصل 447، من سنة إلى ثلاث سنوات حبسا، وبغرامة مالية مقدرة ب2000 إلى 20.000 درهم. أما من وجهة نظر القانون العام، ووفق مقاربة علم السياسة، يمكن القول بأن التشهير الذي يأخذ طبيعة سياسية أو حقوقية، هو بالنسبة إليّ تحصيل حاصل لوضع سياسي أصبح يعبر عن الحياة السياسية في المغرب والمتعلق بتراجع دور الفاعل السياسي والأحزاب السياسية، أو ما يعبر عنه بأزمة الفعل السياسي، على اعتبار أننا أصبحنا أمام واقع سياسي يغيب فيه هذا الفاعل السياسي، وأيضا الأحزاب السياسية، التي تمتلك برنامجا واضحا وعمليا قادرا على التنافس السياسي وإقناع مجموعة من الناس، فأصبح البديل والنتيجة الحتمية لهذا الوضع المشين هو تشهير السياسيين ببعضهم وهذه مسالة خطيرة جدا وبعيدة عما هو أخلاقي وعن الممارسة السياسية. ويمكن القول، أيضا، إنه ليس السياسي المنافس وحده، بل، كذلك، الإعلامي صار يتغذى مما يسمى “الفضيحة. “وأعتقد أن انفجار حملات التشهير في الآونة الأخيرة، مرتبط، كذلك، بانتشار مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام البديل، فصار البعض يتصيد فرصا ليطيح بالآخر، في إطار التنافس، وفِي تسجيل غياب للعمل السياسي الجاد. أين تقف الحياة الخاصة للشخصيات العمومية في نظرك؟ أعتقد أن مسألة التشهير تتضمن بالأساس مساسا بواحدة من أهم الحقوق الدستورية المرتبطة بالحق في الحياة، ولا أقصد هنا الحق المرتبط بالعيش أو الوفاة، بل أقصد الأمور الطبيعية التي يمارسها الإنسان بشكل طبيعي مثل التنقل والسفر واللباس وغيرها، فالشخص العمومي سواء أكان سياسيا أو حقوقيا، فهو مسؤول أمام المواطنين فيما يتعلق بالسياسات العمومية، ونحاكمه من خلال إطار مؤسساتي، دون أن نتدخل في حياته الخاصة وما يمارسه خارج مؤسسته، ليرتدي ما يشاء أو يفعل ما يشاء أو يحتسي ما يريد، هذه حريته ومساحته الخاصة به فقط، ويجب تجنب التشهير وتصيد الفضائح والركوب عليها، لأن ذلك يعتبر مساسا بالجانب الأخلاقي. ما مدى تفعيل قانون احترام الحياة الشخصية الذي تمت المصادقة عليه شهر شتنبر الماضي؟ الأمر له علاقة مباشرة بعلاقة القانون بالواقع، أو تفعيل النص القانوني، فقد تكون الصياغة القانونية على درجة عالية من الذكاء، ولكن على مستوى الممارسة، قد لا يوجد فاعلون مؤهلون لتفعيل هذه النصوص، أو قد تصطدم بعدد من العراقيل والإملاءات، وبالتالي، فإن تفعيل القوانين المتعلقة بحماية الحياة الخاصة للأشخاص، ليس رهينا بنص قانوني أو مسطرة معينة، بقدر ما هو مرتبط بجوانب أخرى، من قبيل المشرع، ومدى تكوين الفاعلين، وكذا قابلية المجتمع. فمثلا، قد يوجد نص قانوني معين مرتبط بالحياة الخاصة للأفراد، وعلى الرغم من اعتبار القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة، إلا أن تكييف هذا النص قد يختلف من منطقة إلى أخرى، بحكم الثقافة والعادات السائدة، ذلك أن ما يعتبر مقدسا بالنسبة إلى البعض، لا يمكن النظر إليه بالنظرة نفسها في منطقة أخرى.