بعدما وجهت الخارجية الأمريكية انتقادات لاذعة إلى المغرب بخصوص “الحريات الدينية” عام 2017، ورصدت استمرار وزارة الداخلية في التضييق على الجمعيات الدينية للحصول على وصل الإيداع القانوني، على الرغم من أن القانون المغربي يسمح بتسجيل هذه الجمعيات كجمعيات معترف بها، وكشفت أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، هاجم الشيعة، والمسيحيين المغاربة، إذ قارن عقيدتهم ب”الفيروس”، حسب ما ذكرته وسائل إعلام إسبانية، عادت واشنطن إلى إبراز وجهة نظرها في موضوع “الحريات الدينية” برسم تقرير جديد، يرصد أبرز تطورات عام 2018. وكشف تقرير الخارجية الأمريكية الجديد أن المغرب بذل جهودا من أجل مكافحة التطرف، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أصدرت، هذه المرة، كتبًا مدرسية تهدف إلى إرساء محاربة التطرف. وذكر التقرير أن وزارة أحمد توفيق استمرت في توجيه، ومراقبة محتوى الخطب في المساجد، والتعليم الديني الإسلامي، ونشر المواد الدينية الإسلامية عبر وسائل الإعلام الإذاعية، وإجراءات أخرى قالت إنها “تهدف إلى محاربة التطرف العنيف”. واستشهد تقرير الخارجية الأمريكية بالرسالة، التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في مائدة مستديرة حول “قدرة التربية على التحصين من العنصرية والميز: معاداة السامية نموذجا”، التي نظمت في 26 شتنبر 2018 في نيويورك على هامش الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مبرزا أن الملك استعرض في هذه الرسالة الملكية، التي تلاها رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الجهود، التي بذلها المغرب من أجل الحفاظ على المعابد اليهودية، مشددا على أهمية “استعراض اللحظات المشرقة في ماضي البشرية، لكن دون إغفال صفحاته الأكثر قتامة”. ومن جديد، تطرق التقرير الرسمي إلى المواد القانونية المدرجة ضمن القانون الجنائي، التي تمنع “زعزعة عقيدة مسلم”، أو إغراء المسلمين بتغيير ديانتهم واعتناق ديانة أخرى من غير ديانة البلاد، وقال المصدر نفسه إن الحكومة المغربية اعتقلت، واستجوبت مواطنين مسيحيين بسبب معتقداتهم الدينية، واتصالاتهم مع مسيحيين آخرين، وفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان. وتفيد وزارة الخارجية الأمريكية أنه يوجد، حالياً، عدد كبير من اليهود، والمسيحيين، الذين يعيشون في المغرب، يقدر التقرير أن ما بين 3000 إلى 3500 يهودي يعيشون في المغرب، وما بين 2000 و6000 مسيحي منتشرين في جميع أنحاء البلاد، ومع ذلك، يقدر أن هناك 25000 مسيحي في جميع أنحاء البلاد. ويقتبس التقرير، أيضًا، من زعماء الشيعة المغاربة، مشددًا على أن هناك ما بين 1000 إلى 2000 من الشيعة، ويزعم المواطنون الشيعة أنهم يواجهون ضغوطًا من الحكومة المغربية، وفقًا للتقرير. وفي هذه النقطة، كان تقرير الخارجية الأمريكية لعام 2017، أفاد أن مواطنين مسيحيين، وشيعة دفعتهم مخاوف الاعتقال، والمضايقات إلى عقد اجتماعات سرية داخل بيوتهم، مضيفاً أن بعض المسيحيين أفادوا في تقارير مختلفة بأن السلطات المغربية ضغطت عليهم من أجل التخلي عن عقيدتهم، كما أورد التقرير أن الحكومة طردت، في مناسبتين خلال عام 2017، أجانب متهمين بالتبشير بداعي “تهديد النظام العام”. الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، رد على تقرير الخارجية الأمريكية لعام 2017، بشأن الحريات الدينية في المغرب، وقال، آنذاك: إنه "غير مبني على معطيات علمية دقيقة، ومخالف للواقع"، وأضاف أنه "تضمن أحكامًا ومبالغات". وأفاد الخلفي، أيضًا، أن "المغرب بلد متسم بالحرية الدينية"، مشيرًا إلى أن "اللجنة الوزارية، التي تقوم بدراسة التقارير الدولية، أو التقارير التي تصدر عن هيآت، أو حكومات بشأن الوضع الحقوقي في المغرب، ستعكف على دراسته من أجل إعداد جواب يهم هذا الأمر". لكن هذه المرة، ربما بدا تقرير الخارجية الأمريكية غير حاد كسابقه، إذ عممت أبرز خلاصاته وكالة الأنباء الرسمية المغربية (وم ع)، ولا يبدو أن الحكومة سترد عليه كما في العام الماضي، وعنونت “لاماب” أبرز مقتطفاته باعتباره تقريرا يرصد جهود المغرب لتعزيز التسامح والحوار بين الأديان.