النسخة السادسة للمباراة المغربية للمنتوجات المجالية.. تتويج 7 تعاونيات بجوائز للتميز    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    زلزال استقالات يضرب الخارجية الأمريكية بسبب دعم بايدن لحرب إسرائيل على غزة    مسؤول بوزارة التربية يمنع التلاميذ من مضغ "العلكة" في المدارس بتزنيت    الأمير مولاي رشيد يترأس مأدبة عشاء أقامها صاحب الجلالة على شرف المشاركين بمعرض الفلاحة    أخنوش: حصيلة الحكومة مشرفة والتعديل الحكومي تؤطره قواعد الدستور    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    معرض لفلاحة 16 بمكناس كبر وخاصو يتوسع. دورة مقادة كان مشكوك فيها 3 اشهر. اقبال كبير وتجاوب مزيان وحركة دايرة    عدد العمال المغاربة يتصاعد في إسبانيا    قفروها الكابرانات على لالجيري: القضية ما فيهاش غير 3 لزيرو.. خطية قاصحة كتسناهم بسبب ماتش بركان والمنتخبات والأندية الجزائرية مهددة ما تلعبش عامين    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    أخنوش: تماسك الحكومة وجديتها مكننا من تنزيل الأوراش الاجتماعية الكبرى وبلوغ حصيلة مشرفة    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    أخنوش: الحكومة تقوم بإصلاح تدريجي ولن يتم إلغاء صندوق المقاصة    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    أخنوش: لا وجود لإلغاء صندوق المقاصة .. والحكومة تنفذ عملية إصلاح تدريجية    أخنوش يربط الزيادة في ثمن "البوطا" ب"نجاح نظام الدعم المباشر"    الخريطة على القميص تثير سعار الجزائر من جديد    أخنوش: نشتغل على 4 ملفات كبرى ونعمل على تحسين دخل المواطنين بالقطاعين العام والخاص    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    الأمير مولاي رشيد يترأس مأدبة ملكية على شرف المشاركين بمعرض الفلاحة    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    ''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    الأمثال العامية بتطوان... (582)    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسماعيل حمودي يكتب.. أبعد من التضليل
نشر في اليوم 24 يوم 12 - 07 - 2019

تستدعي جريمة قتل شخصين على يد مفتش شرطة ممتاز بالدار البيضاء الوقوف عندها مطولا، لأن الواقعة تكشف ما هو أبعد من أي تكييف قضائي.
لدينا، إلى حد الآن، معطيات كافية للقيام بتحليل أولي، في انتظار نتائج التحقيق، ففي فجر الأحد الماضي، أطلق مفتش شرطة ممتاز رصاصتين من سلاحه الوظيفي على شخصين، وأرداهما قتيلين.
ولأن الواقعة تتعلق بجهاز الشرطة، فقد سارعت المديرية العامة للأمن الوطني إلى التواصل مع الرأي العام، وهذا يُحسب لها، فأعلنت في بلاغ أول (7 يوليوز) فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، دون أي إجراء في حق الشرطي، وقد تضمن ذلك البلاغ معطيات أسهمت في توجيه الرأي العام نحو تبني رواية خلاصتها أن الشرطي تدخل، أي أثناء مزاولة عمله، ل«توقيف 4 أشخاص في حالة سكر، وهم فتاتان وشابان، يشتبه في تورطهم في أنشطة إجرامية، وحيازة أحدهم سلاحا أبيض، وذلك قبل أن يواجَه بمقاومة عنيفة من لدنهم، اضطر على إثرها إلى استعمال سلاحه الوظيفي، وأطلق رصاصتين أصابتا شابا وفتاة من بين المشتبه بهم بشكل قاتل».
لكن، بعد يوم واحد من صدور الرواية الأولى للمديرية العامة حول الواقعة، ظهر شريط فيديو يفنّد تلك الرواية، وبناء عليه اضطرت المديرية إلى إصدار بلاغ ثان يوم الثلاثاء 9 يوليوز، تعلن فيه أن المدير العام للأمن الوطني أصدر قرارا بتوقيف الشرطي المتهم عن العمل، بعلة أن البحث الذي أعقب الواقعة «أظهرت نتائجه الأولية ارتكاب موظف الشرطة تجاوزات مهنية وقانونية خطيرة».
وفي بلاغ ثالث يوم الأربعاء 10 يوليوز، أعلنت المديرية توقيف المتهم الرئيس في تطوان، ووضعه رهن تدبير الحراسة النظرية، إلى جانب 6 آخرين «للاشتباه في مشاركتهم في الجريمة، أو لتورطهم في تضليل العدالة وإهانة الضابطة القضائية من خلال الإدلاء بمعطيات كاذبة».
تكشف هذه المعطيات الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني كيف جرى تضليل القيادة الأمنية في واقعة قتل عمد، أو هكذا يظهر للمراقب من الخارج، لأن الرواية الأولى للمديرية، والتي تفيد بأن الشرطي المتهم كان في وضعية دفاع شرعي عن النفس، لم تكن رواية المتهم وحده، لعدة حجج؛ الأولى أن الشرطي أطلق الرصاص أثناء مزاولته عمله ليلا (4.30 صباحا)، ما يعني أنه لم يكن وحيدا، بل ضمن دورية أمنية لا يقل عددها عن عنصرين. ثانيا، أن الواقعة تطلبت إجراء بحث قضائي من لدن الشرطة القضائية، ودون شك فإن لهذه الشرطة محضرها الخاص. وثالثا، يفترض وجود تقرير إداري للرئيس المباشر للشرطي المتهم، ثم، رابعا، يُفترض وجود تقرير أمني أو أكثر (استعلامات عامة…)، والسؤال هو: كيف يمكن أن تُجمع كل هذه التقارير (خمسة على الأقل) على رواية الدفاع الشرعي التي تبنّتها المديرية؟
التساؤل الثاني الذي يجب أن نقف عنده على ضوء الواقعة، هو: لماذا أطلق شرطي من درجة مفتش شرطة ممتاز الرصاص على مواطنين اثنين لقتلهما؟ هناك ثلاثة مسارات على الأقل للجواب عن هذا السؤال؛ الأول، قانوني، أي ما يقوله القانون حول شروط استخدام السلاح الوظيفي، والتي لا نملك حولها سوى فصلين يتيمين في القانون الجنائي (124 و125)، وبالتالي، هناك خصاص تشريعي. المسار الثاني قضائي موكل إلى الجهات المختصة، وهي الآن بصدد القيام به، ويجب انتظار النتائج. الثالث، علمي يمكن أن ينطلق من الواقعة، لكن يجب أن يبحث عن جملة الأسباب العميقة التي تدفع الشرطة إلى التعامل العنيف مع المواطنين خلال التدخلات الأمنية، كما ترصد ذلك الهيئات والمنظمات الحقوقية، وأعتقد أنه قد حان الوقت للمديرية العامة للأمن الوطني أن تفتح أبوابها للجامعة والباحثين الاجتماعيين والنفسيين للقيام بأبحاث كهذه، بالنظر إلى أهميتها القصوى للمديرية أولا، وللمجتمع ثانيا، خصوصا أنها تنفي باستمرار أن يكون العنف مُمنهجا وتعبيرا عن سياسة.
التساؤل الثالث يتعلق بموقف المجتمع، لاسيما هيئاته النسوية والحقوقية والمدنية، التي أظهرت، إلى حد الآن، تجاهلا لواقعة إعدام خارج القانون، وهذا يبعث على الاستغراب، لا أقول ذلك لأن القاتل شرطي، أبدا، ولكن لأن الموقف يحتاج إلى تفكير؛ فهل البلاغ الأول للمديرية العامة كان توجيهه أقوى على الرأي العام، إلى حد أن الجميع سلّم برواية الدفاع الشرعي؟ إن كان هذا هو الراجح فهو مؤشر كبير على مصداقية المديرية يجعل مسؤوليتها أكبر، أم إن عدم تفاعل المجتمع بهيئاته المشار إليها سببه أن الواقعة جرت قرب حانة خمر، وبالتالي، فموقف التجاهل يعكس عمق المحافظة السائدة في المجتمع، حتى لو كان الأمر يتعلق بقتل أرواح بشرية.
إن واقعة الدار البيضاء ليست مجرد عملية قتل عمد لشابين بسلاح شرطي، أو عملية تضليل لجهاز أمني، يجب أن يفكك حقيقتها وملابساتها جهاز العدالة.. إنها أبعد من ذلك، لأنها تكشف حالة تواطؤ جماعية في المؤسسات وفي المجتمع كذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.