حمل الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، أربعة رسائل أساسية: الأولى، تتعلق بتجديدموقف المغرب السياسي الثابت من النزاع حول الصحراء، والثانية، تأكيد اهتمام خاص بجهة سوس باعتبارها تشكلنقطة وسطى بين شمال المغرب وجنوبه، وإعلان مشروع ربطها بالخط السككي. أما الرسالة الثالثة، فموجهة للدولالمغاربية، التي دعاها الخطاب الملكي إلى الانفتاح والتكامل لما فيه مصلحة شعوبها، والرابعة، تأكيد توجهات سياسةالمغرب تجاه إفريقيا. بخصوص قضية الصحراء، فقد أكد الملك محمد السادس على موقف المغرب الذي يؤمن ب“عدالة قضيته ومشروعيةحقوقه“، وعلى استعداده لمواصلة العمل “بصدق وحسن نية“، طبقا للمقاربة السياسية المعتمدة “حصريا“، من طرفمنظمة الأممالمتحدة، وقرارات مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى “حل سياسي واقعي، عملي وتوافقي“، أي أنالمغرب يرفض أي مقاربة أخرى لحل قضية الصحراء خارج الأممالمتحدة. وفي هذا الصدد، جدد الخطاب الملكي التأكيد على مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، “نظرا إلى جديتهاومصداقيتها، وصواب توجهاتها، لأنها السبيل الوحيد للتسوية“، في إطار “الاحترام التام للوحدة الوطنية والترابيةللمملكة“.. هذا التوجه يدعمه معطيان اثنان حسب الخطاب الملكي، الأول “زيادة عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي،والذي يفوق حاليا 163 دولة“، والثاني، الشراكات والاتفاقيات التي تجمع المغرب بالقوى الكبرى، وعدد من الدولالشقيقة والصديقة، “والتي تشمل كل جهات المملكة، بما فيها الأقاليم الصحراوية“. أما التوجه الثالث، فيتعلق برد الاعتبار لجهة سوس، بوضع هدف لجعلها “مركزا اقتصاديا، يربط شمال المغرببجنوبه، من طنجة شمالا، ووجدة شرقا، إلى أقاليمنا الصحراوية“. وجاء في الخطاب الملكي أنه “ليس من المعقول أنتكون جهة سوس ماسة في وسط المغرب، وبعض البنيات التحتية الأساسية، تتوقف في مراكش“. وفي هذا السياق،دعا الملك محمد السادس إلى التفكير “بكل جدية، في ربط مراكشوأكادير بخط السكة الحديدية، في انتظار توسيعهإلى باقي الجهات الجنوبية“. ويراهن على هذا الخط “في فك العزلة” عن هذه المناطق، وفي النهوض بالتنمية،وتحريك الاقتصاد، لاسيما في مجال نقل الأشخاص والبضائع، ودعم التصدير والسياحة، وغيرها من الأنشطةالاقتصادية. ويشكل “رافعة لخلق العديد من فرص الشغل، ليس فقط في جهة سوس، وإنما أيضا في جميع المناطقالمجاورة“. وعلق عبدالصمد قيوح، برلماني استقلالي من الجهة، على الاهتمام الملكي بجهة سوس، قائلا، بأن “جلالةالملك رد الاعتبار لجهة سوس بإعطائها مكانتها التي تستحق“، مشيرا إلى أن الجهة تقهقرت اقتصاديا في السنواتالأخيرة، فبعدما كانت في الرتبة الثانية في عهد التقسيم الجهوي السابق، أصبحت اليوم في الرتبة السابعة أوالثامنة، في التقسيم الجديد، وعبر قيوح عن اقتناعه بأن القرار الملكي بإنشاء خط سككي في اتجاه أكادير، “فيه بعدنظر“، ومن شأنه أن يعيد للجهة موقعها الاقتصادي، لكن قيوح دعا الحكومة إلى الاهتمام بحل إشكالية الماء فيالجهة، وذلك بالقيام بمشاريع تحلية ماء البحر، نظرا إلى تضرر القطاع الفلاحي في الجهة بسبب الجفاف. وحولأثر الخط السككي على الجهة، قال قيوح، إن مدنا كمراكشوطنجة، عرفت نموا اقتصاديا بفضل الخط السككي،معبرا عن تفاؤله بنهضة اقتصادية في جهة سوس مستقبلا. أما التوجه الثالث في الخطاب الملكي، فهو رسالة للدول المغاربية، بالتأكيد الملكي على إقامة “علاقات سليمة وقوية معالدول المغاربية الشقيقة“. واعتبر الملك محمد السادس أن الوضع الحالي بالمنطقة وبالفضاء المتوسطي “يسائلناجميعا، ويدعونا إلى التحرك الإيجابي، نظرا لما يحمله من فرص وتحديات“، داعيا الدول المغاربية إلى الاستجابةلتطلعات الشباب المغاربي ورجال الأعمال وحاجة الشركاء الأوروبيين لشريك فعال، فضلا عن انتظارت “إخوانناالأفارقة جنوب الصحراء“، لمساهمة بلداننا في البرامج والتحديات الكبرى للقارة، وانتظارات الأشقاء العرب الذي“يريدون مشاركة المغرب الكبير في بناء نظام عربي جديد“. واعتبر الملك محمد السادس أن “الآمال والانتظاراتكبيرة، والتحديات كثيرة ومعقدة“، معبرا عن “الأسف” من أن “البعض لا يتعامل معها بجدية“، في حين أن “الحقيقةأن عدونا المشترك هو الجمود وضعف التنمية، التي تعاني منها شعوبنا الخمسة“. وبخصوص التوجه الرابع في الخطاب الملكي، فيتعلق بتأكيد سياسة المغرب تجاه إفريقيا، بجعل الصحراء “بوابةالمغرب نحو إفريقيا جنوب الصحراء“، فمنذ اعتلائه العرش، قام الملك محمد السادس بالعديد من الزيارات لمختلفدولها، “وتم التوقيع على حوالي ألف اتفاقية تشمل كل مجالات التعاون“، مؤكدا العزم على جعل المغرب “فاعلاأساسيا في بناء إفريقيا المستقبل“، من خلال الرفع من مستوى المبادلات التجارية، ومن الاستثمارات المغربية فيالقارة، وإطلاق مرحلة جديدة، عمادها “المنفعة المشتركة“.