في مطلع شهر شتنبر الفائت، دخلت نادية بنعلي، الكاتبة العامة لقطاع الشباب والرياضة بوزارة الثقافة والشباب والرياضة والاتصال، إلى اجتماع بمقر وزارة الداخلية، وكان يرافقها مدير الميزانية، ومدير الشؤون القانونية. هنالك، ستتعرض بنعلي إلى توبيخ علني من لدن خالد سفير، الوالي المدير العام للجماعات المحلية، وأيضا من لدن ليلى الحموشي، العامل مديرة التخطيط والتجهيز في مديرية الجماعات المحلية. لزمت بنعلي الصمت وهي تتلقى تقريعا تلو الآخر بسبب أعطاب تنفيذ برنامج 800 ملعب رياضي خصصت لفائدته ميزانية هائلة، ويشمل مناطق بالعالم القروي وشبه الحضري كذلك. كانت الانتقادات تتركز على "دور سلبي" صادر من لدن الكتابة العامة لقطاع الشباب والرياضة في معالجة تباطؤ تنفيذ البرنامج، ولسوف تشكو الحموشي من تجاهل كافة مراسلاتها بخصوص الموضوع منذ يونيو الفائت. لم تشكل بنعلي لجنة تنسيق لتتبع تنفيذ البرنامج، كما أوعزت مديرية الجماعات المحلية لها ذلك قبل عام ونصف مضى. خرجت بنعلي من ذلك الاجتماع، كما دخلته، وكانت تلك نهاية مسير بالنسبة إليها عقب سلسلة من الأحداث ستؤدي إلى إعفائها من منصبها هذا الأسبوع. بدأت بنعلي مسارها في وزارة الشباب والرياضة، في مارس 2018، فقد حرص وزيرها آنذاك، رشيد الطالبي العلمي، على أن يستقدمها من وزارة الاقتصاد والمالية حيث كانت تعمل رئيسة لقسم القطاعات الاجتماعية. في ذلك المنصب، راكمت بنعلي خبرة في تدبير ميزانيات وزارة الشباب والرياضة. منح الوزير لكاتبه العامة كافة التفويضات، وشرعت في العمل. لكن سرعان ما ساءت العلاقة بينهما. في شهر نونبر من ذلك العام، طلب الطالبي من المفتشية العامة لوزارته إجراء مهمة بحث في كامل الصفقات المنجزة من لدن كاتبته العامة. وبمجرد ما وُضعت خلاصات مهمة التفتيش على مكتبه، قرر على الفور، أن يسحب منها التفويضات. وبشكل عملي، بقيت بنعلي منذ ذلك الحين، في منصبها مجردة من أي صلاحيات. سيحدث تغيير على وزارة الشباب والرياضة في أكتوبر 2019، فقد غادر الطالبي منصبه، وحل مكانه الحسن عبيابة. كان الشعور العام آنذاك هو أن الرجل سيعمل على "تحرير" الكاتبة العامة لوزارته من القيود المفروضة عليها. كانت عملية استعادتها للتفويضات قد بدأت على الورق، لكن فجأة قرر عبيابة، وبعد شهرين فقط من تعيينه، إعادتها مجددا إلى الثلاجة. لم يتوقف الوزير عند هذه الحدود، بل قدم طلبا لعزلها من منصبها. في تلك الأوقات، لم تكن الظروف مناسبة لعبيابة للحصول على ما يريد. كانت العلاقة بينه وبين رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، قد ساءت كثيرا بسبب موقفه المتشدد من المنظمات الموازية لحزب العدالة والتنمية، فقد عمل عبيابة دون كلل، على حرمانها من الحصول على مرافق الوزارة لاستغلالها في أنشطة كما جرت العادة بذلك. وما زاد الأمور سوء، أن قام عبيابة بإبطال نتائج مباراة توظيف كان قد أشر عليه سلفه، الطالبي علمي، في آخر عهده. ولم يرض ذلك رئيس الحكومة. كانت الشائعات آنذاك تغمر المقر المركزي للوزارة بالرباط حول الصلات المتينة للكاتبة العامة بأقطاب حزب العدالة والتنمية. ولم يتسن الحصول على توضيحات من السيدة بنعلي. كانت الكاتبة العامة لقطاع الشباب والرياضة حتى ذلك الوقت تسعى لإثبات نفسها داخل وزارتها. ولسوف تصبح الصراعات بينها وبين المديرين المركزيين موضع شكاوى متكررة. وفق مصدر مطلع، فإن "التواصل بينها وبين هؤلاء المديرين كان حبلا جرى قطعه". ولسوف يشكو المدراء المركزيون من إبرام اتفاقات وعقود في قطاعات من صلاحياتهم دون الرجوع إليهم كما تفرض ذلك المسطرة الإدارية. "بدا الأمر وكأن بنية إدارية موازية قد تشكلت في غضون ذلك، وهي صيغة فاقمت حالة الفراغ الحاصل بسبب القطيعة بين الكاتبة العامة والمدراء المركزيين"، يضيف مصدر "اليوم 24". ستتهم بنعلي بتحريض الموظفين من درجة متوسطة أو صغيرة، على تحرير عرائض شكوى ضد بعض المدراء، كما سيشكو المدير المركزي للرياضة من "حملة منظمة ضده". في تلك الأثناء، حافظت بنعلي على بعض الصلات مع مسؤولين آخرين؛ مثل طارق أتلاتي، المدير بالنيابة للمعهد الملكي لتكوين الأطر. ولسوف يكون تعيينها لمدرس متدرب، مديرا مساعدا في ذلك المعهد. "لم يكن القانون يسمح بذلك، ولسوف يثير ذلك التعيين مشاكل عويصة مع النقابة الوطنية للتعليم العالي"، كما يشرح مصدر من المعهد. سيطاح بطارق أتلاتي لاحقا، وحدث ذلك أسبوعا قبل أن يجري صرف الكاتبة العامة أيضا. لم تتغير الأوضاع كثيرا بمقدم عثمان الفردوس في أبريل الفائت، ولسوف ينتهز هذا الوزير الفرصة في اجتماع أخير بينه وبين الكتابات العامة الثلاث لوزارته، حينما برز تأخر تنفيذ ميزانية قطاع الشباب والرياضة بشكل حاد. "لاحظ الوزير أن قطاع الشباب والرياضة لم يصرف حتى شتنبر الفائت، سوى 30 بالمائة من ميزانيته المخصصة وفقا لقانون المالية التعديلي، ولسوف يحث كاتبته العامة على فعل شيء لتدراك الأمر". في الواقع، كانت الكاتبة العامة وهي مجردة من تفويض لصرف الميزانية، لا تحاول فعل شيء إزاء تنسيق هذه المهمة. "وصلت الأمور في نهاية المطاف إلى الباب المسدود"، كما يشرح مصدر "اليوم 24′′، ليقرر الفردوس إقالتها هذا الأسبوع.