كيف تفسرون تراجع المغرب على مستوى مؤشر إدراك مؤشر الرشوة؟ هذا مؤشر يقارب لانطباع المستجوبين حول تفشي الرشوة ولا يقيس واقع الرشوة انطلاقا من معطيات ملموسة، كما أن المغرب حافظ على نقطته في هذا المؤشر، وما يفسر ترتيب المغرب لم يطلق لحد الآن استراتيجية واضحة المعالم لمكافحة الفساد أي تحديد الأهداف والمسؤوليات ومؤشرات للقياس، لكن في ظل غياب كل هذه الأمور لا يمكن لأي إنسان استجوابه بأن يقول بأن الرشوة مازالت موجودة بما أنه لا يتوفر على أية وسائل تمكنه من معرفة مدى محاربة الحكومة للفساد في المغرب. كما أن الدول التي تجاوزت المغرب في حين أن المغرب بقي محافظا على مكانه فهذا على مستوى إدراك الرشوة وليس لكون هذه الدول اتخذت تدابير لمحاربة الرشوة، ومثال على ذلك الدول الخليجية التي تأتي في مراتب متقدمة من حيث محاربة الرشوة مع العلم بأنها دول تعرف ظاهرة الرشوة الكبرى حو الصفقات الكبيرة، ثم لنأخذ الدول الأولى على صعيد العالم فهي تعتبر الدول الأولى التي تهرب إليها رؤوس الأموال. وبالتالي فالمؤشر الهدف منه هو فضح ظاهرة الرشوة ولا يمدك بمعطيات للتقدم على خلاف مؤشر الأعمال الذي يمدك بمجموعة من المعطيات التي تمكنك من التقدم والإصلاح. ما هي أسباب التي تجعل المغرب لم يضح لحد الآن استراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة؟ السبب الأول هو التلكؤ والبيروقراطية وضغط الدستور الذي جاء بالعديد من الإصلاحات التي تتطلب التفعيل لذلك هنالك العديد من العناصر المتداخلة والمعقدة التي تجعل من محاربة الرشوة لا تكتسب طابع الأولوية على الرغم من الخطابات التي نرددها كل يوم وهذه مسؤولية السلطة القضائية والبرلمان والحكومة، الجميع لا يترجم في ممارسته اليومية أن الرشوة هي مشكلة ذات أولوية في المغرب. وخير مثال على ذلك أن قوانين هيئة الحكامة لم تصدر بعد عامين من إصدار الدستور الجديد، وما زلنا نناقش مقدار استقلالية هذه الهيئة وسنظل نراوح مكاننا، في حين أن المواصفات الدولية واضحة في هذا المجال انطلاقا من الاتفاقية الأممية لمكافحة الرشوة التي تقول بوضع هيئات تتمتع باستقلالية كاملة وترصد لها إمكانيات مالية وبشرية كافية وتتطلع بصلاحيات واسعة عدى هذا فلن نذهب بعيدا في مجال محاربة مكافحة الرشوة. ما هي ملامح الاستراتيجية التي يجب وضعها لمحاربة الرشوة؟ الاستراتيجية فيها أربعة أضلع أولها التربية والتحسيس والتوعية لأنه يجب البدء من القاعدة، ثم الوقاية التي تتضمن تبسيط المساطر والإدارة الإلكترونية واستصدار القوانين، والمسألة الثانية هي الزجر من خلال وضع قوانين حاسمة والتعامل بصرامة مع قضايا الفساد والرشوة، ثم أخيرا التعاون الدولي لأننا أمام ظاهرة عابرة للقارات ولا يمكن مكافحة الفساد من دون تعاون دولي سواء في مجال الملاحقة أو في مجال ترصد هروب الأموال. وفي المغرب هناك العديد من الأمور التي تم تحقيقها من خلال تحسين مناخ الأعمال وكذلك اعتماد البطائق البيومترية، والدفع الأتوماتيكي في الطرق السيارة، ولكن ما نتفقتد إليه هو أن يكون هذا كله تحت استراتيجية واضحة المعالم حتى نعرف إلى أين نحن ذاهبون لذلك فكل الإجراءات المعزولة لا تعطي أكلها.