أكد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية، أن المغرب اختار، من خلال عودته إلى الاتحاد الإفريقي، طريقا جديدا يتمثل في الدفاع عن مصالحه بمساندة أصدقائه الأفارقة من قلب الاتحاد، وليس من خارجه. واعتبر الحسيني أن الرسالة، التي وجهها الملك محمد السادس إلى القمة ال27 للاتحاد الإفريقي، التي تنعقد في العاصمة الرواندية (كيغالي)، أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تشكل نوعا من الاختيار القوي على أساس أن المغرب أصبح إفريقيا أكثر مما كان عليه في الماضي، سواء من خلال علاقاته الثنائية مع بلدان إفريقيا، أو التجمعات الجهوية مع إفريقيا الغربية أو الوسطى، أو في إطار اتحاد المغرب العربي، أو حتى من خلال الدفاع عن إفريقيا في المنتديات الدولية. وأوضح الحسيني أن البلدان، التي كانت تعترف سابقا بالبوليساريو تراجع عددها، إذ انتقل من 26 دولة اعترفت بها في اليوم الأول إلى أقل من عشر دول فقط، وبالتالي هناك حظوظ كبيرة كي يستطيع المغرب من داخل الاتحاد الإفريقي أن يغير موازين القوى، خصوصا أن الأممالمتحدة أصبحت اليوم تأخذ بعين الاعتبار المواقف، التي يعبر عنها الاتحاد الإفريقي من خلال مفوضيته داخل المنظمة. وأوضح أن المغرب أصبح يدرك هذه التحديات والرهانات، وبالتالي عبر عن هذا الموقف الواضح. وسجل الحسيني أن المستقبل سوف يبقى مليئا بالرهانات والتحديات، التي على المغرب أن يربحها كيف ما كان الحال، وشدد على أن هناك علامات إيجابية أصبحت تظهر في الأفق، فروندا، التي تستضيف مؤتمر القمة الإفريقي كان رئيسها في زيارة إلى المغرب وقررت أن تجمد علاقاتها مع الجمهورية المزعومة، وزمبابوي كذلك سحبت اعترافها، وهناك محادثات جدية مع إثيوبيا في هذا الاتجاه. وأكد الحسيني أن المغرب عليه اليوم أن يركز على الدول المحورية في قلب القارة، التي يمكنها أن تلعب دورا أساسيا بهذا الخصوص، ويتعلق الأمر بنيجريا، وجنوب إفريقيا، ملاحظا أن المغرب لأول مرة ينفتح على المجموعة الأنغلوفونية في شرق إفريقيا. وأشار العلاقات الدولية، إلى أن هذا الانفتاح يسير قدما مع العلاقات الجديدة مع بلدان كروندا، ودول أخرى بشرق إفريقيا وهذه بادرة خير بالنسبة إلى اكتساح قوي للمغرب لقلب إفريقيا، خصوصا أن الأفارقة أصبحوا اليوم يدركون أن التحديات ليست ذات طبيعة إيديولوجية، أو صراعات سياسية، بل هي مسألة التنمية، والمغرب يشكل اليوم بالنسبة إلى بلدان أوربا وشمال أوربا خصوصا، والولايات المتحدة، والصين منصة استراتيجية للتواصل مع بلدان القارة الإفريقية. وأبرز الحسيني، في هذا السياق، أن الاستثمارات المغربية أصبحت من الأهمية بما كان، والأبناك المغربية والمؤسسات العمومية والمقاولات الخاصة تشتغل بقوة في البلدان الإفريقية، والجميع يدرك هذا التطور المهم. وأضاف أن الأفارقة يدركون أن المغرب سيكون أكبر مدافع عن مصالحهم في مؤتمر المناخ، الذي سينعقد بمراكش بعد بضعة أشهر. وخلص الحسيني إلى أن لغة المصالح الاقتصادية، والتنمية المستدامة، والحفاظ على بناء مستقبل أفضل لأبناء القارة، هي التي ينبغي أن تسيطر في التواصل مع البلدان الإفريقية مستقبلا.