يبدو أن الهشاشة بمدينة زايو لا تنطبق على الأحياء والشوارع والأزقة التي أصبحت الفوضى والعشوائية عنوانها البارز، بل يمتد الأمر ليصل إلى بنايات المؤسسات العمومية والتي تفتقد لعناصر الجمال ولا تشكل أي قيمة مضافة للنسيج العمراني محليا. ولأهمية المباني العمومية نجد أن الدولة تخصص ميزانية مهمة لصيانتها وتهيئتها وكذا اتخاذ مجموعة من التدابير القانونية لتأمين العناية الضرورية بهذه المباني، التي تأوي مصالح الدولة وتكرس هيبتها وتبرز الصورة الدالة على مستوى الخدمات المسداة من قبل مختلف هياكلها. توجد بمدينة زايو مجموعة من المباني العمومية التابعة لعدة مؤسسات بالدولة، تقدم خدمات يومية للمواطنين الذين يقصدونها، ومنها من تتمتع بأهمية كبيرة لدورها الإداري المنوط بها، ولاحتكاك المرتفقين بهذه المباني بشكل يومي. ورغم أهمية مؤسسات الدولة إلا أن ذلك لا يظهر على هندسة بناياتها بزايو، حيث تطل علينا كل المؤسسات العمومية بالمدينة ودون استثناء في حلة لا تقل "بشاعة" عما نشاهده في الأحياء والشوارع. فانطلاقا من مقر المجلس الجماعي وانتقالا إلى مقر الشرطة التي لا زالت تكتري بناية أحد المواطنين مرورا بالدرك والجمارك ثم المقاطعة الأولى والباشوية فالقباضة وبعدها المستوصف الصحي وصولا إلى محكمة القاضي المقيم، كلها بنايات بأهمية قصوى لكن مهندسيها غيبوا كل عناصر الجمال لتصبح بلا رونق ولا مظهر يروق للعابر بالقرب منها. بناية الجماعة، هذه المؤسسة التي تعتبر أحد أهم المؤسسات بزايو، يبدو أنها حافظت على نسق عمراني مستنبط من تاريخ قاطني أولاد ستوت القدامى الذين كانوا يبنون منازلهم على شكل "حوش" مربع يحوي عددا من الغرف، هذه الأخيرة اتخذت منها مكاتب إدارية. فأين عنصر الإبداع؟ سمعنا مؤخرا أن الجماعة ستشرع في بناء مقر جديد لها محل المقر الحالي، لكن وبعد مدة قليلة سمعنا أن البناية سيتم نقلها إلى مكان آخر، وبغض النظر عن المكان لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن هذه البناية ستكون اللبنة الأساسية لمستقبل البنايات بزايو، وذلك عن طريق مراعاة هوية المدينة واختيار اللون الذي سيصبح لونا موحدا لزايو مستقبلا. وللاستئناس في هذا الموضوع من المهم الأخذ بعين الاعتبار النموذج المتبع بمدينة أحفير الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد ساكنتها 19 ألف نسمة، حيث اختار مجلس جماعتها بناء مجموعة من المؤسسات العمومية بالمناطق الحيوية بالمدينة، وفق هندسة رائعة تراعي شروط الجمالية ما أضفى رونقا خاصا عليها، خاصة بمداخل هذه المدينة التابعة لإقليم بركان. وبالعودة إلى زايو؛ من المثير أن نشير إلى أن هذه المدينة عرفت في السابق وجود مجموعة من المؤسسات العمومية التي كانت مبنية بهندسة رائعة ساهمت في إضفاء الجمال على المنطقة حينذاك، لكن كل هذه المؤسسات تم تهميشها أو تشويه معالمها أو دكها بالمرة، ونذكر هنا؛ القيادة القديمة، برج الحمام، الحديقة الأندلسية، الثكنة العسكرية الإسبانية، المدرسة الإسبانية، "سبالة العرب"…