ألمانيا، التي تعد من أغنى الدول وأكثرها اكتظاظاً بالسكان في الاتحاد الأوروبي، أضحت الآن موطنا للإرهابيين الإسلاميين والإلدورادو الذي يقدم لمتطرفي داعش تقاعدا من ذهب بأذرع مفتوحة. وفي هذا السياق، بثت قناة M6 تحقيقا حصريا، أذيع يوم 7 مارس، خصته للهاربين من داعش الذين وجدوا ملاذا لهم في ألمانيا حيث تم، خلال البرنامج، إحصاء حوالي 500 داعشي، الذين يشكلون خلية نائمة، يعيشون في ألمانيا دون أن يثير ماضيهم الدموي فضول الشرطة الألمانية رغم وجود أدلة دامغة تدينهم. وقد تابع وتداول هذه الحلقة، على نطاق واسع، وسائل إعلام دولية كثيرة ذات شهرة كبيرة، هذه الأخيرة وجهت أصابع الاتهام إلى موقف ألمانيا الخطير والضار الذي يتناقض مع الإرادة الأوروبية في مكافحة الإرهاب، معتبرين أنها دولة متهورة، سوف تقوض أمن العديد من البلدان، بحكم تواجدها في أوروبا الوسطى لذا فهي تعد نقطة دخول لتلك الحركات الإرهابية إلى الاتحاد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، لا يزال الرأي العام الدولي يصرخ بصوت عال، بسبب تهور ألمانيا، ويندد بعدم تعاونها مع البلدان التي تتواجد في الخطوط الأمامية لمكافحة الإرهاب مثل المغرب. كما تشعر بالقلق إزاء التداعيات اللاحقة لهذه التفاهة، خاصة وأن الوضع الحالي في ألمانيا يذكرنا ب "لندنستان"، وهو لقب للتيار الإسلامي الذي اتخذ من بريطانيا مقراً له حتى عام 2011. فعلا المملكة المتحدة كانت رحبت بالعديد من الإسلاميين "باسم حرية التعبير" على أراضيها، لكن هؤلاء قاموا، في يوليوز 2005، بهجمات دموية على العاصمة البريطانية. وفي ذلك الوقت، تم التوصل إلى اتفاق بين المتطرفين في بريطانيا وأجهزة الأمن. هذا الاتفاق يسمح لهؤلاء المتطرفين باللجوء إلى العاصمة البريطانية مقابل عدم شن هجمات إرهابية ضد المملكة المتحدة. ألن تتعلم ألمانيا، الدولة الآمنة التي ترحب بحرارة بهؤلاء الداعشيين، أي دروس من "لندنستان"؟ هل يعلم الألمان أن المتطرفين لن يتخلوا أبداً عن "قناعاتهم"؟ هل يعلمون أنه عندما تبرم اتفاقاً مع الشيطان، فإنك لن تننتصرا أبداً؟ هل "جرمانستان" تحل محل لندنستان؟ ولكن ما هي اللعبة التي تلعبها ألمانيا فعلا؟ حلفاء ألمانيا الأوروبيون هم الآن في حيرة من أمرهم أمام الموقف الضبابي التي تتبناه.